Menu

"بتمشيش".. معاناةُ المواطنين مع العملة لا تنتهي

مهند فوزي أبو شمالة

خاص_ الهدف الإخبارية - غزة

كلمة يسمعها المواطنون يومياً في قطاع غزة "بتمشيش"، والتي تعني أنّ العملة التي بيدهم لا تصلح للاستخدام، أو بشكلٍ أصح، لا يقبل بها الباعة والتُجار في الأسواق والبقالات، وحتى أصحاب البسطات البسيطة.

شكلٌ من نوافذ العدوان المستمرّ على قطاع غزّة منذ السابع من أكتوبر من العام الماضي، وهو عدم قدرة المواطنين على اختلاف مستوياتهم المادية على استخدام كم كبير من الأموال التي بحوزتهم؛ وذلك لقدمها على الرغم من عدم كونها مزورة، إلّا أنّ التجار والباعة أصبحوا لا يقبلون التعامل بها.

طالت هذه المشكلة عدداً من فئات العملة من الشيكل وصولاً إلى ورقة الـ200، وهي التي تتمثل بكون العملة المعدنية يظهر عليها الصدأ، والورقية تكون مهترئة ومنها الممزّق، الأمر الذي يدفع المواطنين للحيرة حول إمكانية استخدام أموالهم القليلة أصلاً، عدا عن عدم امتلاكهم لأي شكلٍ من حلول هذه المشكلة؛ والتي سببها الأول تداول نفس العملة منذ ما يقارب العام، وعدم تجديدها بسبب الحصار المفروض على قطاع غزة بالإضافة إلى إغلاق البنوك ورفضها استقبالها.

أكثر أشكال هذه المشكلة تتجلّى بعملة الـ10 شيكل، والتي عدد كبير منها أصبح يملؤها الصدأ لكثرة تداولها وعدم ضخ عملات جديدة للأسباب الآنفة ذكراً، وبسببها تُسمع وبشكلٍ يومي وفي كل شارع جملة "من وين أجيبلك غيرها"..!، وهي الجملة التي يستخدمها معظم المواطنين الذين يتعرضون لتلك المشكلة.

في هذا السياق، يقول المواطن محمد اليازجي، وهو صاحب بسطة للمواد الغذائية في دير البلح وسط القطاع، إنّه ومع بداية الأزمة قبل أشهر، كان يتعامل مع كل أشكال العملة، إلّا أنّه تفاجأ بعدم قبول شريحة كبيرةٍ بها لا سيّما التجار الذين يرسلون البضائع بحجّة أنّها لا تصلح، مما اضطّره حسب قوله إلى عدم التعامل بها.

اليازجي أردف في حديثٍ مع "الهدف"، أنّ عملة ال10 شيكل هي الأكثر استخداماً بين المواطنين والباعة، وهو السبب الذي أصبحت العملة يملؤها الصدأ لكثرة التداول، كذلك حمّل البنوك مسؤولية هذه المشكلة، وذلك لعدم ضخّها العملة في الأسواق، واستقبال العملة القديمة.

وتابع أنّه جمّع مبالغ تقدر بمئات الشواكل من العملة المهترئة ولم يقدر على تصريفها أو تبديلها بعملةٍ جيدة، مشيراً إلى أنّه وكثيراً من الباعة أصبحوا يعتمدون أسلوب التعامل مع العملة الجديدة والخالية من الصدأ فقط.

باخدش عشرات

"حتّى ال10 الجديدة بيرفضوها".. بهذه الكلمات بدأ المواطن محمد أبو سعدة حديثه معنا عن تلك المشكلة، والذي لفت فيها إلى أنّ كثيراً من الباعة والتُجّار أصبحوا لا يقبلون العملة المعدنية أيّما كانت جودتها، بحجّة أنّها لا تصلح للتعامل.

وقال أبو سعدة إنّه وعند كثير من الباعة يدفع عملة معدنية من فئة 10 شيكل خالية من المشاكل يقابل بجملة "باخدش عشرات"، وهي سياسة أصبح يتبعها الكثير من الباعة والتجار، الأمر الذي يتركنا في حيرةٍ، فأين يمكننا أن نصرف العملة أو نأتي بغيرها.

وتابع: على صعيدٍ آخر وفي ازدواج مضحك، ندفع عملةً ورقية، نفس البائع والتاجر الذي يرفض استقبال الـ10 يريد أن يرجع الباقي لنا منها، في محاولةٍ منه لتصريف أكبر قدر من المعدن الصدِئ، الأمر الذي يضطرّنا والكثيرين لقبول شروطهم؛ وذلك لعدم توفّر البدائل.

من الـ10 إلى أعلى قيمةٍ ورقية، كلها مشكلات يعاني منها المواطن، ضيق آخر فتح بابه عدوان مستمر على القطاع منذ أكثر من 11 شهراً، فالعدوان لا يقتصر على القصف والقتل فقط، إنما ضيق العيش الذي يقصده العدو في حربه الفاشية على غزة، والتي بدأت بتصريح وزير حرب الاحتلال "لا مال.. لا ماء.. لا كهرباء.. لا دواء".