Menu

السيد الشهيد والرمزية 

حمدان الضميري

حمدان الضميري.jpg

أهمية السيد حسن نصرالله في السنوات الأخيرة، تكمن أنه في الوقت التي غسلت الدول العربية أيديها من فلسطين ومن قضيتها المقدسة، جاء أمين عام حزب الله الشهيد حسن نصرالله ليقول لنا جميعا: أنه يحق لنا أن نحلم ، نحلم أن تحرير فلسطين إمكانية واقعية وعلينا بناء الذات لهذه الإمكانية. 

نعم هذه الرؤية، تجد مقابلها أنظمة لم تعد فلسطين تمثل لها إلا معضلة تعمل بالسياسة وبالمال لإلغاء وجودها، المثال الساطع هو موقف هذه الأنظمة المستسلمة حتى النخاع تجاه غزة وما يجري في القطاع من سياسة إبادة يمارسها الكيان الصهيوني المجرم، حتى في المجال الإنساني البسيط. سقطت هذه الأنظمة مجتمعة في امتحان تقديم مساعدات إنسانية، ومن هذه الأنظمة من عمل على تحقيق ارباح من مأساة أهل غزة ولا داعي للذهاب للتفاصيل المخزية.  

أعود للسيد حسن نصرالله، يسجل له التاريخ أنه ومنذ الثامن من أكتوبر الماضي رفع شعارا وطنيا وأخلاقيا ودينيا، حيث قال نقف مع غزة ولن نتخلى عنها ولا عن فلسطين، وما كان لمحور المقاومة، وخاصة ما كان لجبهات الاستاد أن تولد لولا هذا الموقف الشجاع والذي كلف حزب الله ثمنا باهظا. جبهات الاسناد غير مطلوب منها تحرير أراضي أو تحرير فلسطين ، هدفها أن يدفع العدو ثمنا باهظا، لاستمرار عدوانه والمساعدة بإلزامه بالقبول بوقف إطلاق النار. عدم النجاح لحد الآن بتحقيق هذا الهدف، جوابه أننا أمام حكومة متطرفة فاشية في الكيان، عندها الكثير من الحسابات منها الداخلي ومنها الشخصي ومنها الدولي، وكذلك لارتباط ما يجري في منطقتنا بمستقبل الدور الأمريكي أو ما يطلق عليه بالبعد الجيوسياسي الدولي.

بعد الثامن من أكتوبر ورفعه شعار نحن مع غزة ولن نتخلى عنها ونحن نرى من الجنوب اللبناني وجود جبهة اسناد فاعلة وكلفت إسرائيل أثمانا باهظة، منذ ذلك اليوم عمل الشهيد القائد حسن نصرالله على توسيع جبهات الاسناد لتشمل اليمن والعراق بالإضافة للجنوب اللبناني. 

هذه الجبهات وخاصة اللبنانية واليمنية كلفت إسرائيل ثمنا باهظا وما زالت تكلفها ، حيث أدخلت الاقتصاد الاسرائيلي بأزمة مستعصية، ناهيك عن وجود ولأول مرة في تاريخ الصراع مستوطنين نازحين من الشمال، يضاف لهم وحسب المصادر الإسرائيلية، خروج مئات الآلاف للخارج بدون نية العودة للكيان.

نحن نتألم من هول الخسائر سواء في القطاع أو في جنوب لبنان، لكن علينا البقاء واقفين على ناصية الحلم وتقوية الذات، حتى نصل لتحقيق الممكن وهو هزيمة هذا الكيان المأزوم، والحفاظ على إرث الشهيد القائد حسن نصرالله، بامتلاك الإرادة القوية، داخل كل واحد منا والعمل البنّاء على عوامل القوة التي بأيدينا، فمن منا نحن أبناء الشعب الفلسطيني كان يحلم أنه يواجه الكيان الصهيوني عدة جبهات فتحت بوجهه، هذه ورقة مهمة في صراعنا الاستراتيجي حتى هزيمة هذا الكيان، هذه الحقيقة الجديدة علينا ولو بأشكال مختلفة توسيعها، بإضافة جبهات أخرى من الممكن أن يتم بأشكال غير عسكرية، لكنها ستكون فاعلة في إضعاف جبهة العدو.

ذهب القائد حسن نصرالله، لكنه ترك لنا مجموعة من الدروس التي تفيدنا في صراعنا الطويل مع العدو الصهيوني وحلفائه.

استشهاد السيد حسن نصرالله يفرض أولا على حزب الله ضرورة تحقيق مراجعة لمعرفة أين كانت مكامن الأخطاء التي سمحت لعدو، تقف خلفه بكل قوة كل إمبراطوريات الشر في عالمنا، حيث هناك العديد من التساؤلات المشروعة التي تفرض عليه واجب عمل اللازم لإعطاء أجوبة شافية أولا لجمهوره الحاضن، وكذلك لكل الأحرار في عالمنا العربي وفي العالم أجمع. إن كل المتابعين للمواجهات يعرفون أن وسطاء غربيين عرضوا صفقة على الشهيد حسن نصرالله بالموافقة على وقف إطلاق نار شامل في جبهة الجنوب وفصل هذه الجبهة عن ما يجري في غزة، مقابل فتح ملف قرار 1701 والذي لم تنفذه "إسرائيل" منذ صدوره، إلا أنه رفض هذا العرض الغربي والعربي.

للشهيد القائد الرحمة والمجد لكل الشهداء في فلسطين وفي جبهات الاسناد كافة.