Menu

الاحتلال يستخدم "براميل متفجرة" في عدوانه الحالي..

تقرير"من الشمال إلى السماء".. أهالي شمال غزة يتمسكون بأرضهم ويرفضون التهجير

أحمد زقوت

الهدف - قطاع غزة

تستمر عملية جيش الاحتلال الصهيوني على شمال قطاع غزة لليوم الثاني عشر على التوالي، وسط حصار مطبق على مداخل مخيم جباليا وبلدتي بيت حانون وبيت لاهيا، فضلاً عن نسف المربعات السكنية والقصف الذي طاول مباني مأهولة بالسكان المدنيين ومراكز الإيواء، ما أسفر عن وقوع مئات الشهداء والجرحى، وفي المقابل يجسد الأهالي هناك صموداً أسطورياً ضد مخططات العدو الرامية إلى التهجير القسري السكان.

وفي 5 أكتوبر الجاري، أعلن جيش الاحتلال شن عمليته البرية على مناطق شمالي القطاع، بينما يُعد هذا الاجتياح الثالث، الذي ينفذه الاحتلال منذ بداية حرب الإبادة الجماعية في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

لا خيار سوى البقاء ومواجهة الاحتلال

ويتمسك قرابة 400 ألف مواطن في شمال القطاع بأرضهم، رافضين الخروج من منازلهم، بالرغم من القصف المتواصل والدمار الشامل، وملاحقة نيران الاحتلال للسكان من قبل مسيرات "الكواد الكابتر" التي تطلق النار على كل شيء متحرك، حيث نظموا فعالية من وسط مخيم جباليا، رفعوا فيها شعار "من الشمال إلى السماء" وهم يلبسون الأكفان، مؤكدين البقاء في أماكنهم رغم أساليب الاحتلال الهمجية.

المحاصر خليل عودة في جباليا، يقول لـ "بوابة الهدف الإخبارية": "الاحتلال يطالبنا كل مرة بالنزوح من خلال أوامر الإخلاء، ويغلق الطرقات، ويطلق نيرانه ومدافعه علينا، لذا لا يوجد مكان آمن بغزة، ولا خيار لدينا سوى البقاء ومواجهة الاحتلال حتى لو كلفنا ثمن ذلك حياتنا، ولنا في النازحين إلى جنوب القطاع تجربة مريرة"، مضيفاً أنّ "الأهالي صمدوا هنا منذ عام كامل من بدء العدوان، وصبروا على الجوع والقصف والدمار وكل شيء مؤلم من أجل البقاء في منازلهم".

ويبين عودة، أنّ "الاحتلال دمر آبار المياه التي يستخدمها المواطنون، ويمنع دخول الإمدادات الأساسية منذ شهر كالطعام والمياه والأودية للمرضى والجرحى، ويحاصر المستشفيات ويهددها بالإخلاء وإلا ستلقى مصير مستشفى الشفاء الذي تم تدميره بالكامل خلال شهر آذار/ مارس الماضي".

وبشأن الأوضاع الإنسانية للمحاصرين، يشير عودة، إلى أنّ "آلاف المواطنين الذين بقوا في منازلهم ومراكز الإيواء في شمال القطاع، يعانون حالياً من نفاد الطعام والمياه والأدوية بسبب استمرار الحصار الجوي والبحري والبري عليهم"، مبيناً إلى أنّ "عدداً كبيراً من الذين حاولوا النزوح إلى مدينة غزة بعد محاصرتهم أطلقت آليات ومسيرات الاحتلال النيران عليهم ما أدى لسقوط شهداء وجرحى، ويمنع الاحتلال وصول طواقم الدفاع المدني والمسعفين من الوصول إليهم".


"براميل متفجرة وروبوتات مفخخة"

ووفقاً لعودة، فإنّ "جيش الاحتلال يقتل المدنيين ويقصف منازلهم بزرع براميل متفجرة أو باستخدام الروبوتات المفخخة في الطرقات والشوارع تحديداً في منطقة جباليا، لإيقاع أكبر خسائر بشرية ومادية"، مؤكداً أنّ "عشرات الجثث ملقاة في الشوارع منذ أيام وفي بعض الأحيان تنهشها الكلاب الضالة، ويمنع الاحتلال طواقم الإسعاف والكوادر الطبية من الوصول إليهم".

وبشأن "الروبوت المفخخ"، يوضح عودة، أنّه "عبارة عن آليات عسكرية محملة ببراميل تزن أطناناً من المتفجرات تتحرك بين المنازل والمربعات السكنية ويتحكم جيش الاحتلال بها عن بعد، أو يتم استهدافها مع اندلاع اشتباكات مسلحة مع المقاومة، كما حدث حين تم استخدام الاحتلال هذا السلاح لأول مرة خلال اجتياح مخيم جباليا السابق في مايو/ أيار الماضي، حينما اكتشف الفلسطينيون دخول ناقلة جند صهيونية بين المنازل السكنية، محملة ببراميل متفجرة، ما أحدثت دماراً هائلاً في المنطقة.

وعلى الصعيد الصحي في شمال القطاع، يقول المتحدث باسم جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، رائد النمس، لـ"بوابة الهدف"، إنّ "6 مركبات إسعاف خرجت عن الخدمة تماماً بسبب نفاد الوقود ومنع الاحتلال إدخال أي كميات منه إلى شمال القطاع ضمن الحصار المطبق الذي يفرضه هناك".

وبين النمس، أنّ "هذا التوقف أدى إلى شلل في القدرة على تقديم الخدمات الإسعافية للمصابين والمرضى هناك"، مؤكداً أنّ "هجوم الاحتلال واستمرار حصار شمال القطاع أعاق عملية إجلاء 80 مريضاً من مستشفيات الشمالي إلى مستشفيات مدينة غزة ووسط وجنوب القطاع".

وكان الاحتلال قد طلب من مستشفى الإندونيسي والعودة وكمال العدوان بإخلائها من الكوادر الطبية والمرضى والجرحى، مهدداً في حال عدم إخلائها أنّها ستواجه نفس مصير مستشفى الشفاء الذي دمرها بشكل كامل وأخرجها عن الخدمة، كما اعتقل الاحتلال مسعفاً على حاجز نصبته بعد مرافقته لأحد حالات العناية المركزة عند نقلها من مستشفى كمال عدوان بعد إتمام إجراءات التنسيق لذلك، مطالباً بالكشف عن مصيره والإفراج عنه بشكل فوري، وفقاً لوزارة الصحة بقطاع غزة.

مرصد حقوقي: ما يجري في الشمال يمثل أكبر جرائم القتل والتجويع

من جهته، أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أنّ "الاحتلال يهدد أكثر من 400 ألف فلسطيني بالموت جوعاً وعطشاً في شمال قطاع غزة"، محذراً من تبعات منع الاحتلال وصول أي مساعدات أو بضائع إلى شمالي قطاع غزة منذ عدة أسابيع، في وقت يتم توسيع الهجوم "الإسرائيلي" لليوم الثاني عشر على التوالي لمحاولة تفريغ المنطقة من سكانها.

وبين المرصد الحقوقي، في تصريحه، أنّ نحو 200 ألف فلسطيني في محافظة شمال غزة غير قادرين على الحصول على أي مواد غذائية أو مياه للشرب، نتيجة حصارهم داخل منازلهم أو مراكز الإيواء التي يلجؤون إليها، لافتاً إلى استمرار قوات الاحتلال لاجتياحها منطقة الشمال وارتكاب جرائم قتل أدت إلى استشهاد أكثر من 350 فلسطينيا وإصابة مئات آخرين إضافة إلى التدمير الواسع للمنازل.

وأوضح المرصد، أن قوات الاحتلال استهدفت عشرات الفلسطينيين المحاصرين في مخيم جباليا بالقذائف وإطلاق النار بعد أن اضطروا تحت وطأة الجوع للتوجه إلى مركز التموين الرئيسي التابع لوكالة "الأونروا" للحصول على طعام لعوائلهم، مشيراً إلى أن هذا الاستهداف أدى إلى استشهاد وإصابة العشرات، فيما لا يزال العديد من الضحايا ملقون في الشوارع ويتعذر نقلهم إلى المستشفى.

وشدد المرصد على أن ما يجرى في شمالي قطاع غزة يمثل واحدة من أكبر جرائم القتل بالتجويع، ويعكس النية الواضحة لاستخدام التجويع كسلاح قتل وفرض أحوال معيشية يقصد بها التدمير الفعلي للفلسطينيين، مبيناً أنّ آلاف المدنيين المحاصرين في جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون شمالي قطاع غزة نفد لديهم كل مخزون الطعام بعد أن أوقف الاحتلال منذ نحو ثلاثة أسابيع إدخال أي بضائع أو مساعدات.

ولفت المرصد الحقوقي، إلى أن السكان الذين اضطروا للانتقال إلى مدينة غزة، التي يوجد فيها أكثر من 200 ألف نسمة، يفتقرون بدورهم إلى أماكن الإيواء ولا تتوفر لديهم أية مواد غذائية، حيث تمنع قوات الاحتلال إدخال المساعدات والبضائع لكافة المناطق شمال وادي غزة، موضحاً إلى أنه وثق مئات الغارات الإسرائيلية وعمليات القصف التي تستهدف المنازل ومراكز الإيواء ولشوارع في شمالي غزة المستمرة دون توقف.

ووجه المرصد الأورومتوسطي نداءً عاجلاً للمجتمع الدولي خاصة الأمم المتحدة لاتخاذ قرارات عاجلة يلزم الاحتلال "الإسرائيلي" بإدخال المساعدات المنقذة للحياة شمال غزة، ووقف حملة الإبادة الجماعية التي ترتكب ضدهم.

الإعلامي الحكومي: الاحتلال يسعى للتهجير ضمن مخطط أمريكي "إسرائيلي"

من جانبه، قال المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، إنّ "الاحتلال ارتكب مجازر في محافظات الشمال قتل فيها أكثر من 300 شخص منذ 12 يوماً"، مؤكدًا أن خطة تهجير الفلسطينيين من شمال القطاع هي مخطط أميركي "إسرائيلي".

وأضاف المكتب، في بيانه، أنّ "12 يوماً من حرب استئصالٍ واضحة المعالم يشنها جيش الاحتلال ، في إطار جريمة الإبادة الجماعية التي ينفذها بحذافيرها شمال قطاع غزة، حيث يمنع الطواقم الإسعافية والدفاع المدني من انتشال عشرات الشهداء من الشوارع والطرقات، ويسعى للقضاء على المنظومة الصحية، والقضاء على المستشفيات بشكل كامل، وبصورة ممنهجة ومدروسة ومقصودة وبغطاء كامل من الإدارة الأمريكية، التي تؤيد وتعمل على هندسة الإبادة الجماعية والتغطية الكاملة على مجازر الاحتلال".

وشدد الإعلام الحكومي، أنّ "جيش الاحتلال يرتكب مجازر ضد الإنسانية ويمارس القتل العمد، من خلال قصف مراكز النزوح والإيواء، ويرتكب عدة مجازر فظيعة ضد المدنيين من خلال القصف المقصود لتجمعات الأطفال والنساء، وكذلك يعمل جيش الاحتلال على استهدف كل القطاعات الحيوية بمحافظة شمال غزة، ويسعى إلى تحويل المحافظة إلى منطقة خراب وقتل وإبادة"، مبيناً أنّ "الاحتلال قتل حتى هذه اللحظة أكثر من 300 شهيدٍ على مدار12 يوماً من القتل والإبادة، في جريمة قتل ممنهج وحصار مُطبق ضد المدنيين وضد الأطفال والنساء خصوصاً، وضد الأحياء السكنية".

وأكد المكتب، أنّ "الاحتلال يسعى بكل قوة إلى تنفيذ مخطط للتهجير بشكل واضح المعالم، وهو أكبر وأخطر مخطط أمريكي احتلالي "إسرائيلي"، في القرن الحادي والعشرين والعصر الحديث، وهو أيضاً ما أعلن عنه وزراء في حكومة الاحتلال، وخطة التهجير الإجرامية وافق عليها الرئيس الأمريكي جو بايدن، ووزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن، حيث منحوا الاحتلال الضوء الأخضر لتمرير خطة التهجير القسري الخبيثة ضد المدنيين، في خرق فاضح للقانون الدولي، وللقانون الدولي الإنساني، ولاتفاقيات جنيف وجميع الاتفاقيات الدولية، ويرتكبون بشكل توافقي 19 نوعاً من الجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة".

وأشار المكتب، إلى أنّ "ما تتعرض له محافظة شمال قطاع غزة وخصوصاً جباليا البلد والمخيم؛ يعد جريمة استئصال واضحة المعالم، خاصة أن الاحتلال يسعى إلى اجتثاث وإحراق والقضاء على كل القطاعات الحيوية، ففي الوقت الذي قام فيه بإخراج جميع مستشفيات الشمال عن الخدمة؛ فإنه يمنع للمرة السابعة على التوالي وصول الوقود إلى تلك المستشفيات التي يعيش فيها عشرات الجرحى والمرضى، وخاصة في غرف العناية المركزة، الذين باتوا في حكم الشهداء نتيجة الاقتراب من النقطة صفر، وهذا يعني أن الإدارة الأمريكية والاحتلال قد حكموا على مئات الآلاف بالإعدام".