شهدت العاصمة البلجيكية بروكسل، يوم الأحد، تظاهرة حاشدة تحت شعار "الحرية ل فلسطين ولبنان"، حيث اجتمع عشرات الآلاف من المواطنين والناشطين للتعبير عن تضامنهم مع الشعبين الفلسطيني واللبناني في ظل التصعيد العسكري الجاري.
وشاركت الجاليات الفلسطينية واللبنانية والعربية في بلجيكا بفعالية كبيرة في هذه التظاهرة التي تجاوز عدد المشاركين فيها 76,000 شخص وفقًا لوسائل الإعلام البلجيكية، فيما قدّر المنظمون العدد بنحو 100,000 متظاهر. وجابت المسيرة شوارع بروكسل والمقرات الرئيسية مروراً بالسفارة الامريكية هناك وصولاً إلى مقر الاتحاد الأوروبي، حيث ألقيت العديد من الكلمات التي أكدت على التضامن مع القضية الفلسطينية والمقاومة اللبنانية.
تنديد بالعدوان على غزة ولبنان
رفع المتظاهرون الأعلام الفلسطينية واللبنانية، ورددوا شعارات تطالب بوقف فوري للعدوان ورفع الحصار المفروض على غزة. كما طالب المشاركون المجتمع الدولي باتخاذ موقف حازم تجاه الانتهاكات التي يتعرض لها المدنيون في كلا البلدين، داعين إلى التحرك العاجل لوقف تصاعد العنف.
وتعد هذه التظاهرة الأكبر من نوعها في تاريخ بروكسل منذ بدء العدوان على غزة، وأظهرت وحدة الصف بين الجاليات العربية والإسلامية وأصدقاء القضية الفلسطينية في أوروبا، ما يعكس حجم التضامن الدولي المتزايد مع القضية الفلسطينية.
كلمات مركزية تدين الاحتلال
خلال المظاهرة، ألقى د. طارق معمر كلمة محورية تطرق فيها إلى الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، ولا سيما في شمال قطاع غزة. حيث استهل الدكتور معمر كلمته بتحية الأحرار في كل مكان، مؤكدًا دعم الحاضرين للشعوب العربية التي تواجه القمع والاحتلال. وأشار إلى أن هذه المظاهرة تأتي في ظل تصاعد القتل والإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين، خاصة في شمال قطاع غزة ومخيم جباليا، حيث يستمر الاحتلال الإسرائيلي في حملات التطهير العرقي بدعم من الولايات المتحدة وبعض الحكومات الغربية.
وأدان معمر ما وصفه بـ"المجازر المستمرة" التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي، محمّلاً المجتمع الدولي مسؤولية الصمت والتواطؤ. وتابع قائلاً: "المئات يذبحون يوميًا وسط انقطاع الاتصالات، ويستخدم الاحتلال تقنيات متطورة لتدمير الأحياء بالكامل بالتعاون مع الجامعات والشركات الأوروبية والأمريكية".
وأكد معمر أن المقاومة الفلسطينية تُعد حقًا مشروعًا وفق القانون الدولي، مطالبًا بتكثيف النضال الدولي ضد دعم الاحتلال. وفي ختام كلمته، أكد الدكتور طارق معمر أن السبيل الوحيد للسلام في الشرق الأوسط هو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وضمان حق الفلسطينيين في العودة إلى أراضيهم. وختم بالقول: "سنستمر في النضال حتى تحرير كل شبر من فلسطين"، داعيًا إلى الحرية لفلسطين، لبنان، وكل الشعوب المضطهدة.
شهادات مؤثرة من الفلسطينيين
من جانبه، ألقى الناشط الفلسطيني منير الوحيدي كلمة عاطفية عبّر فيها عن مشاعر الألم والعجز التي يعيشها بعيدًا عن شعبه في غزة. وقال الوحيدي: "نشعر بعبء النجاة في المنفى، بينما نرى أحباءنا يُقتلون يوميًا"، مشيرًا إلى أن المقاومة المسلحة هي حق للشعب الفلسطيني وفقًا للاتفاقيات الدولية.
وتحدث الوحيدي عن الأوضاع الكارثية في شمال غزة، حيث يعيش مئات الآلاف تحت تهديد الموت المستمر في ظل الحصار وانقطاع الخدمات الأساسية، مؤكداً أن المقاومة ستستمر طالما استمر الاحتلال.
وأشار الوحيدي إلى أن الفلسطينيين يعيشون تحت الاحتلال الأوروبي منذ مئة عام، مؤكدًا أنهم لا يطلبون معاملة خاصة، بل يذكرون العالم بأن مقاومتهم المسلحة هي حق مكفول بموجب اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949. وقال: "لن نكون ضحايا صامتين، ومقاومتنا المسلحة حق مشروع تمنحه لنا الاتفاقيات الدولية".
واختتم الوحيدي كلمته بالتأكيد على أن التاريخ يُكتب الآن، وأن الأجيال القادمة ستتذكر الصمت والتواطؤ الدولي مع الجرائم الإسرائيلية، تمامًا كما نذكر اليوم تواطؤ الدول أثناء الهولوكوست. ودعا الجميع إلى رفع الصوت ضد الإبادة الجماعية في غزة والضغط على الحكومة البلجيكية لفرض حظر شامل على الأسلحة ووقف شحناتها عبر الموانئ البلجيكية.
دعم المجتمع الدولي وفعاليات ثقافية
كما تخللت المظاهرة العديد من الفقرات الثقافية، بما في ذلك عرض للدبكة الفلسطينية التقليدية، والذي قدمته فرق الدبكة الوطنية. وشددت الكلمات التي ألقتها النقابات والتجمعات الطلابية في بلجيكا على دعمها لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإنهاء الاحتلال، مؤكدين على شرعية مقاومته.
تأتي هذه التظاهرة في سياق سلسلة من التحركات الدولية التي تطالب بوقف الدعم العسكري والسياسي لإسرائيل، وتهدف إلى الضغط على الحكومات الأوروبية لاتخاذ مواقف حازمة ضد العدوان الإسرائيلي المستمر.