مصدر التفاؤل عن قرب التوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار على الجبهة الشمالية واشاعة وهم فك العلاقة ما بين الجبهتين اللبنانية والفلسطينية،تلك الجبهة التي شاركت في البداية كجبهة إسناد لجبهة قطاع غزة،منذ اليوم الثاني للحرب العدوانية على قطاع غزة، وهذا التفاؤل مصدره وسائل الإعلام الإسرائيلية ورئيس حكومة تصريف الأعمال ميقاتي،في الوقت الذي أكد فيه شون سافيت الناطق باسم الأمن القومي الأمريكي على ان ما يجري تداوله،هي مسودات للتفاوض ولا تعكس اتفاق في المفاوضات ....قادة وجيش اسرائيل يقولون بأنهم سيوقفون القتال على الجبهتين اللبنانية وجبهة قطاع غزة،بعد ان حقق الجيش من الإنجازات ما يكفي ،ونتنياهو يريد وقف إطلاق نار مدخلة ما يلبي أولويات الأمن الإٍسرائيلي على حد قوله ،وهي تحقيق مكاسب سياسية وأمنية لمشروعه الإستراتيجي الذي يتعدى لبنان وفلسطين،فهي يريد ان يجري تعديلاً على قرار مجلس الأمن 1701،بما يجوفه ويفرغه من مضمونه لصالحه، هذا القرار الذي لم تطبقه اسرائيل طوال 18 عاماً،فهي لم تنسحب وفق نص الإتفاق من الجزء المحتل من قرية الغجر اللبنانية،ورفضت حل الأمين السابق للأمم المتحدة بان كي مون،حول النزاع المتعلق بمزارع شبعا،وخرقت هذا القرار 39 الف مرة ..نتنياهو يريد تجويف هذا القرار بإستمرار خرقه للسيادة اللبنانية في البر والجو والبحر ،وأن يكون له صلاحية تشكيل حزام امني في الجنوب اللبناني،وان يتمتع بموافقة الدولة اللبنانية على نزع سلاح حزب الله اذا لم يقم الجيش بنزعه وبتفويض أممي ...والتزامات لبنان في القرار 1701،هي وقف اطلاق الرصاص والصواريخ ونشر الجيش اللبناني،وعدم الظهور المسلح للمقاومة جنوب الليطاني، في حين التزامات اسرائيل وقف خرق السيادة اللبنانية براً وبحراً وجوا ،والإنسحاب من الجزء اللبناني من قرية الغجر ،وتطبيق الحل الذي قدمه الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون،فيما يتعلق بمزارع شبعا ...ولذلك إذا كان لا بد من وقف لإطلاق النار،فهذا الوقف سيبدأ من قطاع غزة،والتي هي خارج مظلة مجلس الأمن والتوازنات الدولية،وهي خاضعة بالكامل للمظلة الأمريكية ..فالتسوية على هذه الجبهة تصنعها امريكا وليس مجلس الأمن الدولي،ومن غزة يتم وقف النار والقتال على كل الجبهات الإسناد ...ولذلك كل ما يجري اشاعته من وهم فك العلاقة بين الجبهتين وتخلي الحزب او ايران عن قطاع غزة،هي جزء من حرب نفسية واعلامية تشارك فيها وسائل اعلامية متعددة اسرائيلية و"عبرية" عربية وامريكية وأوروبية غربية،هدفها خدمة اهداف نتنياهو الإنتخابية ومصالحه السياسية والشخصية،وكذلك خدمة الحزب الديمقراطي ،بتحقيق انجاز يحسن من فرص فوز هاريس في الإنتخابات الرئاسية الأمريكية. ..كم مرة اشاعوا وهم كاذب على ان المفاوضات تقترب من تحقيق اختراقات جدية تقود الى وقف العدوان ووقف إطلاق النار على جبهة قطاع غزة،ومن ثم نجد بان نتنياهو يهرب الى الأمام ويستقطع الوقت،وتصطف إلى جانبه امريكا،بتحميل المقاومة مسؤولية فشل المفاوضات،في حين المشاركين العرب فيما يعرف بالرباعية المشاركة في المفاوضات،لا يمتلكون قرارهم ولا إرادتهم لتحميل اسرائيل مسؤولية افشال المفاوضات. هي اوهام يجري نثرها واشاعات ،فإسرائيل حتى اللحظة ليست جاهزة وناضجة لمسار سياسي،وهي التي حشدت على جبهة لبنان البرية خمسة فرق واضافت لها عدة ألوية ..رغم التشققات والتصدعات التي بدأت تزداد بين المؤسسة العسكرية والأمنية مع المؤسسة السياسية،بعدم القدرة على تحقيق اهداف الحرب لا على جبهة قطاع غزة ولا على الجبهة اللبنانية..
هناك سؤال يلقى في وجه المقاومة اللبنانية بعد انتخاب الشيخ نعيم القاسم اميناً عاماً،بالقول هل تقبل المقاومة اللبنانية بالفصل بين الجبهتين، بأن تتوقف الحرب على الجبهة الشمالية،وأن تستمر على جبهة قطاع غزة،وهذا يعني نقض حزب الله لتعهداته بعدم الفصل بين الجبهتين،ونحن على يقين بأن ما رفضه سماحة الأمين العام السابق للحزب نصر الله الذي اغتيال على يد الطائرات الإسرائيلية بقنابل موجهة أمريكية زنة 900 كم،لن يقبل به الأمين العام الجديد الشيخ نعيم القاسم،فالتطورات التي حصلت على الساحة اللبنانية،حيث الإغتيالات الواسعة لعدد من قيادات الحزب الأمنية والعسكرية،ضمن ما عرف بالحزمة الثلاثية القاتلة، تفجير أجهزة "البيجر" و"الأيكوم،أجهزة النداء والإشارة،وعمليات الإغتيال الواسعة لكادرات وقيادات عسكرية وأمنية في الحزب،ومئات الغارات الجوية غير المسبوقة التي شنتها الطائرات الإسرائيلية وطالت بيئة وبنية المقاومة،وصولا الى إرتقاء الأمين العام سماحة السيد نصر الله ونائبة سماحة الشيح هاشم صفي الدين ،هذه التطورات بالإضافة الى الحرب التدميرية الشاملة على الحزب والمقاومة،والسعي لفرض شروط أمنية وسياسية على لبنان،دفعت بالمقاومة لتعديل تكتيكاتها، لكن استراتيجيتها لم تتغيّر والتزامها تجاه غزة لم يتبدّل. لدى المقاومة اللبنانية ما يكفي من الأسباب للقناعة بأن الاحتلال لا يستطيع القبول بوقف النار على جبهة لبنان دون الحصول على مكاسب وامتيازات تتصل بمشروعه الاستراتيجي وليس بمسار حربه على غزة، وأهمها ما يعبّر عنه قادة الكيان من سعي لتعديل القرار 1701 والحصول على صلاحيات الملاحقة والمطاردة البرية للمقاومة داخل الأراضي اللبنانية والتغاضي عن استمرار احتلالها للأراضي اللبنانية وانتهاكها للأجواء والمياه اللبنانية بداعي الضرورات الأمنيّة والتحقق من عدم تسليح المقاومة. وهذه التطلعات تفتح أمام المقاومة فرصة تشكيل جبهة لبنانية واسعة للدفاع عن السيادة الوطنية اللبنانية تحت سقف وقف إطلاق النار والقرار 1701 دون تعديل. واصطفاف المقاومة تحت هذا السقف مبنيّ على يقين باستحالة قبوله من كيان الاحتلال بعدما تضخّم كثيراً استثماره في الحرب على المقاومة في لبنان وزادت أكلافه كثيراً سواء عبر أكلاف الحرب البرية أو استهداف المقاومة عمق دولة الإحتلال بالصواريخ والطائرات المسيّرة، والاحتلال لن يتراجع عن السعي لتحقيق مكاسب على حساب السيادة اللبنانية يبرّر بها حجم الأثمان التي تكبّدها إلا مرغماً، أي عندما يُهزم.
إذا وصل الإحتلال للاضطرار بقبول وقف إطلاق نار والقرار 1701 دون تعديل، أي ما يضمن انسحابه من الأراضي اللبنانية المحتلة ووقف انتهاكه للأجواء والمياه اللبنانية فهو لا يستطيع أن يفعل ذلك ويترك حربه في غزة مستمرة، وهناك ملف الأسرى والسؤال الذي ينتظره: لماذا تقبل في لبنان إنهاء الحرب دون مكاسب رغم الخسائر وتواصل الحرب في غزة والأسرى معرضون للموت هناك؟
أما أن يكون الإحتلال قوياً ففي هذه الحالة يواصل حربه على لبنان، أو أن يضعف وفي هذه الحالة يوقف حربه على لبنان وغزة بأقل الخسائر. وفي هذه الحالة الأفضل له أن يذهب من بوابة غزة، لأنها خارج مظلة مجلس الأمن وتوازناته وتحت مظلة أميركيّة خالصة، ووحدها تضمن إذا توقفت توقف سائر الجبهات.
المقاومة تقول في كل مواقف قادتها إنّها ملتزمة بغزة، لكنها ليست مضطرة للشرح التفصيلي كيف سوف يتحقق ذلك، وما دامت الحرب مستمرّة على الجبهتين فلا داعي للقلق، وعندما يرى أحد وقفاً للنار في جبهة لبنان دون جبهة غزة، فليسأل المقاومة كيف حدث هذا؟