Menu

رغم الهدنة السراب مع لبنان .. كلنا نحو الشر المستطير 

حمدي فراج

بعيدا عن التفاؤل او التشاؤم ، المبني غالبا على الرغبات و الاهواء ، فإن كل شيء على الاطلاق يصرخ بصوت جلي أن أمور الشرق الأوسط عموما ، و الصراع العربي الإسرائيلي خصوصا ، تذهب نحو التصعيد و مزيد من التفجير و الشر المستطير ، بعكس ما يحب البعض خداع نفسه اننا نقترب من نهاية الموجة الحربجية التوحشية التي دخلت سنتها الثانية ، بل أستطيع التجرؤ لأزعم ان السنة التي مرت بما حملت من خسائر بشرية و مادية ثقيلة و مؤلمة ، لن تكون الا مقدمة لما هو أسوأ ، شهورا و سنينا . حتى لو بدت هناك في الأفق هدنة مع لبنان ، فهذا مجرد سراب . لماذا سراب ؟ لأن نتنياهو هو نفسه نتنياهو الذي حكم الحقبة ، بل لقد عزز موقعه داخليا و أجهز تقريبا على منغّصيه ، و ذلك بفضل التعزيز الأعظم بالنسبة له ، فوز ترامب في الانتخابات الأخيرة ، و الهدنة المزعومة مع لبنان لن يهديها و لا بأي حال لجو بايدن الذي سيطويه الزمن خلال بضعة أسابيع الى غير رجعة .

الهدنة مع لبنان ، لن تحل الصراع مع حزب الله الذي عرّضه نتنياهو الى خسائر فادحة دون أن يجهز عليه ، و لن تكون الهدنة الا مكافأة له لكي يعيد تنظيم نفسه و قيادته و عتاده .

الهدنة مع لبنان ليست الهدنة مع فلسطين ، عنوان الصراع الممتد منذ ثمانية عقود ، تحولت فيها إسرائيل الى دولة من الجيش و العسكر و السلاح و الأمن و التجسس ، دولة أبقى فيها الفرد الإسرائيلي ، ذكرا و أنثى ، على بسطاره العسكري في قدمه ، و خاضت فيها الدولة نحو عشرة حروب ، بمعدل حرب كل عشر سنوات ، مع مصر و الأردن و سوريا و لبنان و العراق ، اليوم تضاف اليمن و ايران . و غدا لا تعرف من سينضم الى هذه السلسلة .

هل تسقط الهدنة مع لبنان أطماع نتنياهو و أضرابه في الحكومة و المجتمع ان يبسط سلطانه على قطاع غزة و تحقيق أحلام نظيره العمالي اسحق رابين في ان يرى البحر و قد ابتلعها ، أو في ضم الضفة الغربية و تحقيق أحلام ربه يهوة في منحها أرض ميعاد لشعبه المختار .

هل تسقط الهدنة المزعومة مع لبنان ، سواء في أيام بايدن او ترامب ، حقيقة ان نتنياهو مجرم حرب و أن جيشه ، جيش الدفاع الإسرائيلي ، قد أدرج على قائمة العار السوداء العالمية ، و أن دولته ، واحة الديمقراطية اليتيمة في المنطقة ، دولة إبادة جماعية و تطهير عرقي و تمييز عنصري .

قبل حوالي سنة ، كان التحدي ، أي زعيم في العالم يقبل ان يزور إسرائيل و يلتقي نتنياهو و يضع يده في يده ، و كان أن لم يقم بذلك أي زعيم ، أما اليوم فإن التحدي ان يقوم هو بزيارة أي عاصمة ليلتقي زعيمها فيضع هذا الكلبشات في يده .