Menu

نشتاقك يا أحمد، وكم الشوق يوجع الذاكرة

كنت الخبر وحارس الحقيقة

مجدولين أبو ناموس

الهدف الإخبارية

كم موجع أن نصبح نحن الخبر في وقت ضاعت فيه النحوية

كم مؤلم الفقدان في زمن لم يعد فيه للإنسانية طريق

يومها، وكما المعتاد، نسلم نحن فريق العمل صفحات بوابة الهدف وعواجلها وأخبارها كلٌ بوقته

يومها، شارف دوامي على الانتهاء

جاءتني رسالة من أحمد:

"يعطيكِ العافية رفيقة نصف ساعة وسأستلم دوام النشر يمكنكِ أن ترتاحي"

وببساطة أجبته: "أكيد يا رفيق يعطيك العافية والله يحميك"

مضت النصف ساعة ولم يستلم أحمد النشر، لم أكن أعلم يومها أن رسالته هي رسالة الوداع من رفيق لم أره في حياتي، لكنني بكل فخر أشعر أنني أعرفه منذ بداية النكبة

أحمد بدير كان دينامو الفريق بلا منازع.

بغيرة مهنية تُدرس، وشغف لا يعرف الهوان، ونشاط لا يستكين، كنت الأب الحارس للحقيقة التي ذهبت لأجلها، وتركت لنا رسالة لن نستطيع إلا أن نكملها على درب الحق.

أخبرنا أحمد أنه سيعود بعد دقائق ليكمل التغطية الاخبارية، فأصبح هو الخبر وصانعه ببطولة وشموخ.

وبعد عام من وجع الفقدان والخسارة المؤلمة، تعاهد بوابة الهدف الإخبارية زميلها الصحفي الشهيد المناضل أحمد بدير، الذي استهدفته قوات الاحتلال الغادر في مستشفى شهداء الأقصى، على استكمال مشواره الشغوف في نقل الحقيقة مهما كان الثمن.

الصحفي المثابر الذي تنقَّل بين زخات البارود، ورشقات الموت، ليكتب خبر وينقل صورة، بمهنية واحترافية لم تستكن، سيبقى شاهداً وشهيداً على حقيقة لن تموت.

اعتدنا أن نبدأ صباحنا باسم أحمد بدير يرسل الأخبار والتقارير

نقول في سريرتنا:

الحمدالله أحمد موجود، لا تزال غزة بخير

لا تزال غزة صامدة

لا أدري كيف ارتبط اسمك وحضورك الأنيق بأمل خلقناه وابتدعناه، لنحاول أن نرضي أنفسنا أننا لا نزال بخير.

ونتساءل حتى اللحظة هل فعلاً لا نزال بخير؟

وبإلحاح مقاتل كان إصرارك للانتقال إلى عالم الحقيقة الواحدة المطلقة، أكثر إلحاحاً من الاستمرار في نقل الصرخة والدمعة، لكوكب زائف أصم أبكم، يعيش على نكران الحقيقة وقلبها.

ابتسامتك الأنيقة ترمم انكسارات شعب خذله العالم، وخانته الحقيقة بلعبة قدر لعوب، لكنه بقي شامخاً عصياً على الانكسار بعد موجة من النكبات.

ليكن اسمك محفوراً في السماء والأرض، وبين رشقات البارود

ليكن صوتك بصداه العميق، زغرودة التحرير كما شئت أن تكون

نشتاقك يا أحمد

وكم الشوق يوجع الذاكرة