Menu

الفلسطينيون والنظام المقبل في سوريا

حمزة البشتاوي

مخيم اليرموك

بفائض من القلق الشديد يتطلع الفلسيطينيون الذين يقفون دائماً مع سوريا ويحترمون ويقدرون قرار الشعب السوري في اختيار شكل وطبيعة النظام السياسي المقبل أن يتم الإعلان بشكل واضح بأن التغيير الذي حصل لا يعني تخلي سوريا عن دورها المحوري تجاه القضية الفلسطينية مع التأكيد بأن موقف الفلسطينيين من الحكم الجديد في سوريا سيكون تبعاً للموقف من القضية الفلسطينية والمقاومة.

ومهما جرى من حديث عن دور وتأثير الفلسطينيين في سوريا فإن تأثرهم  أكبر بكثير من تأثيرهم خاصة بعد عودتهم للبحث مجدداً عن أفق إيجابي لمستقبلهم وسط حاضرهم المليء بالمعاناة وانتظار كيفية تعامل النظام الجديد معهم، وقدرة هذا النظام على مواجهة الضغوط الخارجية المتعلقة بالقضية الفلسطينية وخاصة قضية اللاجئين و النضال من أجل حق العودة.

وفي ظل حالة من الترقب والحذر الشديد في الداخل السوري، يقوم جيش الإحتلال الإسرائيلي بالتوغل البري داخل الأراضي السورية واحتلال المنطقة العازلة في الجولان السوري المحتل وقمة جبل الشيخ إضافة لتوغل الدبابات الإسرائيلية داخل عدد من المدن و البلدات والقرى السورية والتمركز في عدد من النقاط الإستراتيجية المهمة وتنفيذ سلاح الجو الإسرائيلي غارات متكررة ومستمرة على المطارات والقواعد ومستودعات الأسلحة الثقيلة ومراكز الأبحاث وغيرها من القواعد العسكرية ، وهذا يعني إعلان الحرب على سوريا حيث قال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي: إن الجولان الآن جبهة قتال.

ويهدف هذا العدوان الإسرائيلي على سوريا إلى منع حصول إستقرار داخلي والعودة مجدداً إلى الأطماع الإسرائيلية التي لا يمكن أن تواجه بالصمت أمام هجوم إسرائيلي يريد تقليم أظافر سوريا الجديدة عبر تجريد نظامها المقبل أيا كان هذا النظام من الأسلحة الثقيلة والنوعية بهدف التوسع وأحكام السيطرة وضمان التفوق العسكري الإسرائيلي في المنطقة.

ويحتاج الفلسطينيون اليوم إلى الموقف السوري الثابت والأصيل تجاه قضيتهم بعد أن وصلت الأمور إلى حد الوقوف أمام خيارين الأول سوري والثاني أميركي إسرائيلي يهدف إلى تقسيم  وأضعاف سوريا والمنطقة عموماً، ويستدعي الخيار الثاني العمل على تفعيل النضال السوري الفلسطيني المشترك تجاه تحرير فلسطين والجولان ومواجهة مشاريع تهويد القدس وتصفية الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ولا يعني العمل بهذا الخيار التدخل بالشؤون الداخلية السورية بل إلى تحصين ودعم العلاقة الكفاحية ودعم نضال الشعب الفلسطيني من أجل العودة والحرية والإستقلال.

ويأمل الفلسطينيون الذين لم ولن يكونوا حجر عثرة في مسيرة التغيير والتحولات السياسية في سوريا أن تبقى فلسطين قضية الشعب السوري قولاً وفعلاً وأن تبقى سوريا سنداً للكفاح الفلسطيني مع التأكيد بأن العلاقة مع النظام السابق كانت مرتبطة بالموقف من الإحتلال الإسرائيلي ودعم المقاومة التي ترفع رايتها كافة الفصائل الوطنية والإسلامية الفلسطينية والتي تعمل من أجل التوصل إلى مرجعية فلسطينية موحدة تمتلك رؤية سياسية واضحة لحماية اللاجئين الفلسطينيين في سوريا والحفاظ على حقوقهم ومكتسباتهم التي يحظون بها بموجب القرار رقم 260 الصادر عام 1956 والذي يستثنيهم من قوانين الأجانب المقيمين في سوريا ويمنحهم العديد من الحقوق المدنية من حيث التعليم والتجارة والوظيفة العامة ومعاملتهم معاملة المواطن السوري على صعيد الحقوق الإجتماعية كافة.

ويذكر بأن سوريا هي من أهم الدول وأكثرها إحتضاناً للفلسطينيين الذين لجأوا إليها بعد نكبة العام 1948 وتهجيرهم قسراً من مدنهم وقراهم.

ويتجاوز عدد اللاجئين الفلسطينيين في سوريا النصف مليون نسمة يتوزعون على ستة محافظات ويعيشون في تسعة مخيمات معترف بها من قبل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأنروا) إضافة إلى ثلاثة مخيمات غير رسمية من بينها مخيم اليرموك.

وهم بأمس الحاجة اليوم إلى تبديد حالة القلق والخوف نتيجة الأوضاع الأمنية الراهنة والغير مستقرة إضافة للحاجة إلى تفعيل دور الأنروا على صعيد توفير الإحتياجات في مجال المساعدات الإغاثية والإجتماعية والصحة والتعليم.

ومع وجود نحو 16 فصيل فلسطيني في سوريا لدى البغض منها قواعد ومعسكرات ظهرت مؤشرات وأحاديث تتعلق بتقييد عمل الفصائل الفلسطينية في سوريا وأنه لن يكون لها بعد اليوم قواعد عسكرية ومعسكرات تدريب ولن يسمح لها سوى بالعمل السياسي والإجتماعي، ولذلك عقدت الفصائل الفلسطينية إجتماعات لها في مقر سفارة دولة فلسطين بالعاصمة السورية دمشق و أصدرت بيانات عبرت فيها عن احترامها لخيار الشعب السوري الشقيق مع وجود امل لديها بأن تكون سوريا مساحة و منبرا للنضال

ويتوقع أن تقوم الفصائل الفلسطينية في ظل الوضع الاستثنائي الجديد  بمتابعة الشأن الفلسطيني و التواصل مع الحكومة السورية الجديدة وإدارة العمليات العسكرية من أجل ضمان أمن المخيمات والتجمعات الفلسطينية في سوريا والتواصل مع قيادة منظمة التحرير الفلسطينية لبحث كل ما يتعلق بأوضاع الفلسطينيين في سوريا وخاصة موضوع حل جيش التحرير الفلسطيني والعمل على تمتين وتعزيز العلاقات التاريخية والمصيرية مع الشعب السوري وفتح آفاق جديدة في العلاقة مع النظام الجديد عنوانها الأساسي تحسين أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا ودعم مسيرتهم النضالية من أجل العودة إلى ديارهم، وهذه الآفاق هي من ستحدد طبيعة وشكل العلاقة مع النظام الجديد الذي يجب أن تكون له أفكار وبوصلة واضحة وثابتة تجاه فلسطين.