Menu

اليمن يضع حداً للغطرسة الصهيونية بعد الخراب في سورية ووقف إطلاق النار في لبنان

عليان عليان

العدوان الصهيوني على اليمن بما يزيد عن (100) طائرة والذي استهدف مطار صنعاء وميناء الحديدة ومحطة توليد كهرباء في الحديدة، بدعم أمريكي وبريطاني، جاء بعد سلسلة ضربات صواريخ فرط صوتية وسلسلة ضربات بالطائرات المسيرة طالت منطقة غوش دان "تل أبيب الكبرى" ومنطقة عسقلان، دون أن تتمكن دفاعات الجو الصهيونية من اعتراض أي منها.

وهذا العدوان الصهيوني هو الرابع من نوعه، وبالتأكيد سيليه سلسلة عمليات عدوانية أخرى رغم بعد المسافة عن اليمن (2000) كيلو متر ، لكن دونما جدوى من حيث دفع القيادة اليمنية للتراجع عن عمليات إسناد غزة، سواءَ تلك المتعلقة بالضربات الصاروخية والطائرات المسيرة في عمق الكيان الصهيوني، التي طالت تل أبيب وإيلات وعسقلان ضمن بنك أهداف متدرج، أو تلك التي تستهدف أي سفينة متوجهة إلى الكيان الصهيوني، وحيث ردت القوات المسلحة على العدوان الصهيوني، بعد بضع ساعات، باستهداف مطار بن غوريون (اللد) بصاروخ فرط صوتي، ما أدى إلى وقف حركة الطيران في المطار لبضع ساعات.

فاليمن يعتبر معركة إسناد قطاع غزة هي معركة الشعب اليمني، ارتباطاُ بمسألة عقيدية وقومية لا تتزحزح، يتكامل فيها الشعب اليمني مع قيادته، حيث يتجلى هذا التكامل في المسيرات المليونية التي تخرج في كل يوم جمعة في العاصمة صنعاء، وفي كافة المحافظات اليمنية رافعة سيف التحدي للكيان الصهيوني وللإمبرياليتين الأمريكية والبريطانية، وتتجلى في الخطاب التعبوي الأسبوعي، لسماحة السيد عبد الملك الحوثي الذي يخاطب به أبناء الشعب اليمني، ويتحدث فيه بأدق التفاصيل عن مجريات العدوان على قطاع غزة، في الوقت الذي يسهر العديد من الحكام العرب على تنفيذ الأجندات الصهيو أميركية بشأن غزة وبشأن قضايا شعوبهم..

اليمن يضع حداً للغطرسة الإسرائيلية

لقد عاش الكيان الصهيوني حالة من الغطرسة وغرور القوة، إثر (أولاً) قرار وقف إطلاق النار في لبنان والتزام حزب الله به، واستمرار قوات الاحتلال في خرقه بما يزيد عن 800 مرة بضوء أخضر أمريكي، و(ثانياً) جراء سيطرة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة) على مقاليد الحكم في سورية (ثالثاً) استيلاء قوات الاحتلال على ما يزيد عن 500 كيلو متر مربع من الجنوب السوري في المنطقة العازلة، وخاصةً منطقة حرمون – جبل الشيخ الإستراتيجية، وتدميرها كامل أسلحة الجيش السوري البرية والبحرية والجوية، حيث راح رئيس وزراء العدو " نتنياهو" يتبجح بأن تغيير وجه الشرق الأوسط الذي تحدث عنه غداة عدوانه على لبنان قد تحقق.

ولا نبالغ إذ نقول إن جماهير الأمة، كادت تعيش حالة من الإحباط جراء ما تقدم من عوامل، لكن جاء اليمن إلى جانب المقاومة في غزة والضفة، ليشكل رافعة معنوية لجماهير الأمة، ولجماهير محور المقاومة على وجه التحديد.

لقد جاءت الضربات الصاروخية الباليستية الفرط صوتية، من طراز فلسطين (2) بشكل متكرر وضربات الطائرات المسيرة لمنطقة " غوش دان " - تل أبيب الكبرى – بما فيها مطار بن غوريون ( اللد ) دون أن تتمكن منظومة صواريخ حيتس الصهيونية ومقلاع داوود والقبة الحديدية من اعتراضها، لتخلق حالة من الانتكاسة لدى الكيان الصهيوني، ولتطرح تساؤلات كثيرة من المحللين والخبراء العسكريين بشأن الجدوى من مفهوم نظام الدفاع متعدد الطبقات الموجود بحوزة سلاح الجو الإسرائيلي، والذي يعتمد على عدة منظومات دفاعية، أبرزها "حيتس" و"مقلاع داود".

 كما جاءت الضربات الصاروخية اليمنية المتكررة لعمق الكيان الصهيوني، لتبدد تفاؤل نتنياهو بهزيمة محور المقاومة، والقضاء على المقاومة و حركة حماس ، لا سيما وأن المقاومة بعد مرور حوالي 14 شهراً على بدء العدوان على قطاع غزة، لا تزال تقاتل ببسالة وكأنها في اليوم الأول، وتبدع في تكتيكاتها النضالية ضد قوات الاحتلال، ومن ضمنها تكتيك استخدام السلاح الأبيض لتجريد جنود وضباط الاحتلال من أسلحتهم بعد قتلهم، ما جعل العدو يفقد الأمل في القضاء على المقاومة، والحد من قدراتها وفعالياتها.

العدو الصهيوني يعيش حالة كبيرة من الارتباك، وجبهته الداخلية تعيش حالة إنهاك كبيرة جراء اندفاع ملايين المستوطنين للملاجئ، إثر كل ضربة صاروخية، ما يؤدي إلى إصابات كبيرة في صفوفهم جراء شظايا الصواريخ أو جراء التدافع للدخول إلى الملاجئ.

كما أن قيادة العدو لا تدري كيف تضع حداً لعمليات الإسناد اليمني لقطاع غزة، المستمرة من نوفمبر 2023 وحتى اللحظة، خاصةً بعد أن وصلت إلى قناعة مفادها "أنه مهما بلغت الخسائر البشرية والمادية في اليمن، فإنها لم ولن تثن القيادة اليمنية عن الاستمرار في ضرباتها الصاروخية لمختلف المواقع في الكيان الصهيوني، ولم تثن القوات المسلحة اليمنية عن الاستمرار في استهداف السفن المتجهة لموانئ الكيان الصهيوني، ما ألحق بالعدو خسائر اقتصادية كبيرة جداً.

 عوامل فشل العدوان الصهيوني على اليمن

العدو الصهيوني المربك من ضربات صنعاء التي وصلت وفق إحصاءات العدو ما يزيد عن 201 صاروخاً باليستياً و 171 طائرة مسيرة، بات يعيش حالة من التخبط ويحقق في فشل منظومات الدفاع الجوي، ويرد هذا الفشل إلى ثلاثة مستويات هي:

1- اختلالات محتملة في منظومات الدفاع الجوي الخاصة بها.

2- ضعف المعلومات الاستخبارية النوعية عن اليمن، وأنّ بناء القدرات الاستخبارية هو عملية طويلة تستغرق سنوات طويلة، وأنه يجب على "إسرائيل" أن تجد معلومات حقيقية عن قادة أنصار الله ومخازن أسلحتهم من أجل إلحاق الضرر بهم.

3- أمّا المستوى الثالث فيتعلّق بعدم قدرة "إسرائيل" على بلورة "سياسة تغيير مناخ إقليمي" وبالتالي تشكيل تحالف ضدّ اليمن، مقرّة في هذا السياق بفشل "إسرائيل" في إزالة التهديد اليمني في المحيطات.

ولم يقتصر الإرباك على الكيان الصهيوني، بل تعداه إلى دول استعمارية كبرى مثل بريطانيا والولايات المتحدة، اللتان باتت سفنهما التجارية المتجهة للكيان الصهيوني وبوارجها الحربية وناقلات نفطها تتلقى الضربة تلو الأخرى، من الصواريخ والمسيرات اليمنية لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية.

واللافت للنظر أن الضربات الجوية والصاروخية البريطانية والأمريكية والصهيونية للموانئ والمنشآت اليمنية ، التي تجاوزت ( 74) هجوماً بريطانياً وأمريكياً و ( 4) هجمات صهيونية لم تزد اليمنيين إلا إصراراً على الاستمرار، في ضرب السفن الحربية الأمريكية والبريطانية والاستمرار في قصف المواقع الصهيونية، والاستمرار في ذات الخط الجهادي إسناداً لغزة ودفاعاً عن اليمن، ما أوقع الكيان والدول الغربية في حيرة وورطة كبرى، ودفعها لطرح السؤال : ماذا عسانا أن نفعل للحد من دور المارد اليمني، الذي يرد على الضربات الأمريكية والبريطانية والصهيونية في ذات الوقت الذي يتعرض فيها لهذه الهجمات .

  ونذكر هنا بأن قصف الطائرات البريطانية والأمريكية منطقة عطان الجبلية الواقعة جنوب غرب صنعاء، في 21 ديسمبر الماضي، ردت عليها صنعاء بدون تأخير بقصف الأسطول الأمريكي " هاري ترومان " والسفن البريطانية في البحر الأحمر بالصواريخ الباليستية والمسيرات، ما دفع طائرات العدوان للتراجع للدفاع عن سفنها، واضطرار الأسطول هاري ترومان للهرب بعيداً هرباً من الصواريخ اليمنية.

عوامل صمود وانتصار الشعب اليمني

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا يفشل ميزان القوى الغربي والصهيوني المتفوق بالمطلق على اليمن، في الحد من الهجمات اليمنية؟

الجواب على هذا السؤال – في التقدير الموضوعي- يكمن فيما يلي:

  1.  أن الشعب اليمني وقواته المسلحة في قتالها للعدو الصهيوني وفي شل حركة السفن تستند إلى عقيدة دينية صلبة وانتماء قومي عربي صادق.

2- القيادة الواعية والصلبة في اليمن، التي تمثل إرادة الشعب اليمني، وقدرتها الهائلة على مواجهة التحديات بأعصاب باردة، وقدرتها الكبيرة في مجال التعبئة والتحشيد ضد أعداء اليمن والأمة.

  1.  التكامل غير المسبوق بين الشعب اليمني وقيادته السياسية ( حركة أنصار الله) في الأهداف وعلى رأسها خوض حرب إسناد لقطاع غزة، وأن هذا الإسناد لن يتوقف إلا بعد أن يتوقف العدوان الصهيوني على قطاع غزة.
  2.  الاستعداد اليمني الكامل شعباً وقيادة، لتقديم التضحيات في سبيل إسناد غزة رغم الأوضاع الاقتصادية الصعبة في اليمن.
  3.  عدم قيام حركة أنصار الله بحل الجيش اليمني، الذي يمتلك كفاءات عسكرية هائلة ومشاركة العديد من ضباطه في دورات عسكرية متقدمة، في روسيا إبان عهد الاتحاد السوفييتي ونقلهم خبراتهم العسكرية للأجيال الجديدة .

6- تسليح القيادة اليمنية للملايين من أبناء الشعب اليمني وتدريبهم، لمواجهة أعداء اليمن وفي مقدمة هؤلاء الأعداء الكيان الصهيوني، وهذه ظاهرة غير مسبوقة في الدول العربية فمعظم الدول العربية لا تسلح شعوبها خشيةً منها، كون هذه الأنظمة لا تمثل إرادة شعوبها.

تجدر الإشارة إلى أن اليمن الذي يبلغ عدد قواته المسلحة (300) ألف جندي وضابط تمكن من تدريب ( 700) ألف مواطن يمني، وقام بتأطيرهم في كتائب احتياط جاهزة للقتال.

  1.  الفشل الاستخباري الإسرائيلي والغربي، في التعرف على المواقع اليمنية العسكرية وعلى مواقع القيادات اليمنية، فتجربة اليمن في مواجهة العدوان السعودي الغربي على مدى أكثر من سبع سنوات، أكسبت القيادة اليمنية خبرة أمنية كبيرة، وتمكنت خلال الحرب من تنظيف اليمن من كافة عملاء أجهزة الاستخبارات السعودية والغربية، وبات اليمن ليس عصياً على الكسر فحسب، بل عصياً أيضاً على أي اختراق أمني، بحيث بات حديث الأمريكان والإنجليز عن تدمير قواعد صاروخية يمنية محل تندر اليمنيين.

8-  تكامل الديموغرافيا مع الجغرافيا اليمنية، فمثلما يمثل الشعب اليمني عقبة كأداء أمام الغزاة فإن الجغرافيا هي الأخرى تشكل عقبة كأداء أمام الغزاة بما تمثله (أولاً) من بيئة جبلية صعبة وما تحتضنه من كهوف عميقة تحتضن قواعد الصواريخ، وبما تمثله (ثانياً)ٍ من إطلالة بحرية واسعة على البحرين الأحمر والعربي.

وأخيراً وليس آخراً نشير إلى امتلاك الشعب اليمني لتقنية تصنيع الصواريخ الباليستية وتصنيع الطائرات المسيرة، التي تمكنه من ضرب عمق العدو الصهيوني بشكل متكرر إسناداً لقطاع غزة ودفاعاً عن اليمن، وإلى قدرة القيادة اليمنية على إفشال عمليات التجسس الصهيو أميركية على النحو الذي جرى مؤخراً.