Menu

أبو أمل الجنيدي .. وداعاً

مروان عبد العال

الهدف الإخبارية

الصديق الوفي والرفيق المناضل إسماعيل الجنيدي، المحامي الخليلي الفلسطيني التونسي، ممثلنا التاريخي في تونس الحبيبة، أقام فيها علاقات وتحالفات وصداقات كثيرة ، في بلده الثاني تونس درس وتخرج وعاش وعمل وناضل وتزوج وأنجب فيها. عجنته تونس بثقافتها ومأكولاتها وطبائعها ولهجتها ومارس فيها مهنة المحاماة فاحتضنته بقوانينها الاستثنائية واتاحت له مساحة من الحب والحياة والأمل، وخاض فيها معارك قانونية شرسة وحمل ملفات وقضايا شائكة.

وظل مواظباً مصراً على تأدية مهامه العملية والاجتماعية والسياسية والتنظيمية حتى النفس الأخير.

كان سخيا بمنحي أسراره وسيرته التاريخية، صرت أمازحه بمناداته "بالانكشاري الخليلي" نسبةً لجده الحاج سليم الذي هرب عام ١٩٠٨ من الجيش الانكشاري وحكم عليه بالإعدام شنقاً، وفشلت المحاولة في وضع حبل المشنقة في رقبته لقصرها فغاص رأسه بين كتفيه ففشل السجان في تنفيذ حكم الإعدام رغم المحاولات العديدة، فقرر الحاكم العفو عنه.

صار الخليلي الذي انتصر جده على مشنقة الانكشاري، وعاد من الموت، لا تعرف كم يتباهى ابو امل بخليليته وحتى بعناده و" العقل اليابس" "وما بحطها واطية لحدا" وانه يفتخر كونه "دقة قديمة".

بعد انتصار الثورة ذهب في عداد وفد من الجبهة لزيارة الرئيس الجديد في قصر قرطاج الرئاسي، تأخر الوفد عن الموعد المحدد وكادت تلغى الزيارة، والسبب انه دخل من الباب المخصص للعاملين في القصر ، لماذا لم يدخل من باب كبار الزوار؟ يومها اجاب: أنه لا يريد الدخول من ذات الباب الذي دخل منه قادة الإمبريالية وزعماء الرجعية والملوك الخونة.

يرحل صديق الوحشة الذي امتحنته الغربة وعاش في ثناياها عاشقاً للخليل ولوطنه ومسقط رأسه في حارة علي البكا، ويحمل حكايا البطل أبو منصور السويركي.

هكذا ترحل يا رفيقي في الازمنة الصعبة، ولكنك زودتني بحكاياتك الشيقة ، لأكتبها في رواية "اوكسجين" يوم سردت فيها كل مسيرتك، وختامها المتخيّل فقلت: "كان لديه كل الجلد على إحصاء وحصر وجمع كل القرائن والأدلة التي تدينه، وحين ينجح في كسب القضية يتجمهر الجميع حوله كمنتصر…"

واخيراً .. كسبت القضية وصنت الأمانة واكملت رسالتك وستظل تنهيدتك الأخيرة في صدورنا.. " اوكسجين .. هذا كل ما ينقصنا!"

لروحك وذكراك المجد والخلود.