Menu

(المقاومة و طوفان الأقصى)

د. بلال عرابي

نشر في مجلة الهدف العدد (70) (1544)

إن استدعاء قصة نوح و الطوفان من القرآن الكريم عند حركة المقاومة الإسلامية يعني أن عشرات السنين.... وقرون من المفاوضات والمعاهدات وتطبيع العلاقات وتبادل السفراء: لن تحل القضية الفلسطينية، ولا يمكن أن تعيد الحقوق المسلوبة، وأن سفينة السلاح والمقاومة وسيلة النجاة الوحيدة والطوفان.. فقط ينهي الظلم على أرض فلسطين، ويعيد الحقوق لأصحابها، ويقيم العدل على الأرض. تقدم حماس أسطورة الطوفان بطرفها الموجب (نوح – العقيدة – المؤمنون) وطرفها السالب (ابن نوح - الرافضون – الكافرون) .

- نسبة الطوفان إلى الأقصى (طوفان الأقصى) تدل أن المسجد الأقصى و القدس عاصمة فلسطين خط أحمر، و هما الهدف الأساس للنضال الفلسطيني برمته. هذا هو الحال منذ أول معركة مع الصهاينة (معركة البراق) 1929 م التي جاءت رداً على محاولة الصهاينة السيطرة على المسجد الأقصى، مروراً بانتفاضة الأقصى عام 2000 م ثم انتفاضة القدس عام 2015 م حقنا في المسجد الأقصى هدف مركزي لكل نضال فلسطيني، و إلى الأبد.

- تبددت مقولة (الصراع مع حماس) و (دفاع إسرائيل عن نفسها) إلى حرب إبادة شاملة وتطهير عرقي ضد الشعب الفلسطيني المقاوم، الذي يدافع عن أرضه وأهله مع نهاية عام 2024 م : وصل شهداء فلسطين المحتلة إلى خمسين ألف شهيد، وإلى مئة ألف مصاب، أغلبهم من الأطفال والنساء، وقتلى إسرائيل خمسمائة فقط... فهي إذن حرب إبادة وليست صراعاً..

- هناك خلل في الخطاب الإعلامي للدول المطبعة مع إسرائيل؛ حين تقسم الجملة الإعلامية إلى قسمين الأول موجه لإسرائيل وأمريكا، والثاني موجه إلى الجماهير العربية الغاضبة: الأول للغرب: (ندين الأعمال الإجرامية التي تقوم بها حماس الإرهابية ضد شعب إسرائيل)! و الثاني للعرب: (يجب إيقاف العقاب الجماعي للفلسطينيين، وإيصال المساعدات المختلفة إلى قطاع غزة) بنفس المنحى: التصريحات الإعلامية لكثير من الدول تخفي أكثر مما تظهر: منها تصريحات الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في إسرائيل: (نقدم مختلف أشكال الدعم لدولة إسرائيل ، وضرورة القضاء على حماس الإرهابية) وتصريحات ماكرون نفسه في مطار القاهرة (بضرورة إيصال مساعدات ل غزة وتقديم مشفى فرنسي عائم لمعالجة الجرحى في غزة)!

- جامعة الدول العربية تتفق على علاقاتها البينية، في الوقت الذي لم تستطع نفس الجامعة العربية معاقبة إسرائيل أو الاتفاق على سحب السفراء من الكيان الغاصب؛ لجريمة إبادة الشعب الفلسطيني في غزة 2023 - 2025 أمام أنظار العالم.

- هذه الحرب التي تدور رحاها اليوم على أرض الأنبياء والمقدسات، ليست معركة غزة: هذه معركة الأمة العربية ضد طواغيت الشر والظلم... معركة الحق في جهاده لإزهاق الباطل.. معركة القدس التي هي في قلب كل إنسان محب للخير والعدل في هذا العالم.

- الغرب يصور حماس مثل داعش؛ مع إن من خطط المعركة وقادها هو الاتجاه المقاوم المتعدد للمشروع الصهيوني، وهو معقل المقاومة ضد العدو الصهيوني.

الإعلام المقاوم فضح اليوم- بالصوت والصورة- : مجزرة دير ياسين ومجزرة، كفر قاسم، وقانا... أمام أنظار العالم في جباليا و رفح ومشافي غزة..

معركة 7 أكتوبر أعادت إلى القضية الفلسطينية مركز الصدارة من الاهتمام العالمي، اليوم أمام أنظار العالم قصفت إسرائيل كنيسة عمرها 450 سنة.

يروج العدو الصهيوني عبر إعلامه لفكرة (ما بعد حماس)، والشعب الفلسطيني يقول ما بعد 7 أكتوبر ليس كما هو قبل 7 أكتوبر؛ لأن وضع المقاومة في كل فلسطين أفضل؛ بما سيغير المعادلات على أرض فلسطين.

 

إن جوهر ملحمة (طوفان الأقصى) هو أن تحرير الأرض وعودة الحقوق غير ممكنة، إلا بالمقاومة وبقوة السلاح، وأن مسار التطبيع، واتفاقيات السلام، وقبلات العدو ومصافحته: لا تعيد حقوقاً؛ اغتصبت بقوة السلاح، ولن تعود إلا بقوة السلاح.

وطريق أمتنا إلى فلسطين يمر عبر فوهة بندقية؛ لأن البندقية اليوم هي القضية. لنتمثل نصيحة الشاعر أمل دنقل لأنور السادات:

لا تصالح ولو منحوك الذهب.

أترى حين أفقأ عينيك،

ثم أثبت جوهرتين مكانهما..

هل ترى...؟

هي أشياء لا تشترى.

إنها الحرب!

قد تثقل القلب

لكن خلفك عار العرب

لا تصالح...

ولا تتوخ الهرب .