لم يكن العام 2016 عاماً سهلاً على أهلنا بغزة، التي لم يندمل جرحها جراء المحرقة عام 2014، لتستمر في مواجهة الحصار وظلم ذوي القربى، وتعطيل عجلة الاعمار والمصالحة، وتفاقم الفقر والبطالة، وتردي الأحوال المعيشية والتي وصلت في العام 2016 لنسب قياسية.
زاد من تعقيد المشهد اتخاذ قرارات قوضت ولا زالت آمال المواطنين باستعادة الوحدة، واستمر الاحتلال في مطاردته لمناضلينا حتى داخل حرم السفارة ببلغاريا، وتجرأ على المقدسات والأرض واعدام الأطفال والنساء والشابات والشباب في شوارع الوطن، وليبقى النظام السياسي الفلسطيني أسيراً لصراعات مقيتة على المغانم بعدما أتى الفساد على ساسته وأساساته، وما زالت منظمة التحرير الفلسطينية تئن تحت قبضة من أخذها رهينة لسياسات ثأرية وحزبية ضيقة، ولبرامج سياسية انهزامية.
ورغم كل هذا اكتشف شعبنا احتياطاته الهائلة لقدراته من أجل التقدم على طريق النصر والعودة والتحرير، وهو يعطل دعوة انعقاد المجلس الوطني ويصر على مجلس وطني توحيدي ويتصدى ويفشل كل الدعوات الهادفة لإدامة الانقسام ولحرف بوصلة النضال الفلسطيني، متصدياً بصدور أبنائه العارية إلا من اراداتها لسوائب المستوطنين، مسجلاً الانتصار تلو الانتصار بمعارك الكرامة والامعاء الخاوية، لأبنائه وقادته الأسرى، وبراءات الإنجازات العلمية التي سجلها طلابه وأطبائه رغم الحصار والاحتلال، واستعادة العشرات من جثامين شهدائه.
هذا الشعب يستحق قيادة تؤمن بقدراته وتبحث عن احتياطاتها الهائلة من أجل الحرية والتحرير تؤمن بنفسها، وتعمل بالشراكة مع الكل الوطني بعيداً عن المحاصصة والتفريط... لا تساوم على الحقوق مقابل مصالح حزبية وفئوية ضيقة... توحد وتسخر كل طاقات شعبنا بالوطن والشتات في خدمة معركة العودة والتحرير.
هذا الشعب العظيم والرائع الذي وحدته المقاومة والثوابت وأفرحته الانتصارات رغم كلفتها المرتفعة، وتقاليده الأصيلة وثقافته الوطنية المحافظة على الهوية يستحق وبجدارة منقطعة النظير أن يكون عام 2017 عام للوحدة والحرية والأمن والرفاهية... عام للتنمية المستدامة، والسلم الأهلي.
شكراً لقائدنا وملهمنا أحمد سعدات وهو يعلمنا أبجديات الصمود والنضال... شكراً لبلال الكايد وهو يضئ شمعة الإرادة فينا... شكراً للرفيق القائد الشهيد عمر النايف وهو يمضي شهيداً في سبيل الوطن والفكرة وثقافة المقاومة، ويكشف ثلة المتآمرين من أبناء جلدتنا... شكراً للجبهة الشعبية وهي ما زالت تقدم فلذة أكبادها إما شهداء أو جرحى أو أسرى... شكراً لها ولكل الوطنيين الصادقين وهم يرفعون مشاعل الوحدة في وجه دعاة الفيدرالية وحماة سلطة أوسلو بالدعوة الدائمة لمجلس وطني توحيدي بديلاً عن مجلس فئوي يبُنى على مقاسه الخاص، يعيد انتاج الأزمة ذاتها.
شكراً لمن قدّم روحه ودمائه وزهرة عمره فداءً للوطن، وهو يعيد بوصلة الصراع لوجهتها الحقيقية في شوارع القدس وأزقتها... أرق وأجمل التمنيات بالعام الجديد لمن أضاء لفلسطين شمعة وهو يؤدي عمله فوق الأرض أو تحتها... شكراً لمن سجل لها منجز علمي أو شد حبل المشنقة حول رقبة عدوها بقرار أممي أو مقاطعة شعبية وأكاديمية. شكراً لكل من آمن بالنصر، وسخر عمله انطلاقاً من ايمانه العميق بحتمية الانتصار على هذا العدو الصهيوني الغاصب... شكراً لكل من عمل على تعزيز مقومات صمود شعبنا... شكراً للعمال والكادحين والمزارعين ... وقطاعات الخدمة العامة أول من قاتلوا وواجهوا معارك الاحتلال معارك الحياة اليومية... شكراً لمقاتلي المقاومة والأذرع العسكرية الفلسطينية وفي مقدمتهم كتائب الشهيد أبوعلي مصطفى.. ولكل شهداء الاعداد والتجهيز للمعركة القادمة. شكراً لأهلنا في المخيمات وقد تكحلت عيونهم بالتشبث بحق العودة والصمود داخل هذه المخيمات... شكراً لشعبنا في أصقاع الأرض وهم يبنون بصمودهم واعتزازهم بهويتهم الوطنية وبفلسطينيتهم جسراً للعودة ولفلسطين. شكراً لأهلنا في الداخل الفلسطيني المحتل وهم يواجهون كل صلف الجلاد الصهيوني، واجراءاته وقوانينه العنصرية... لفلسطين كل فلسطين حلم وبوصلة الثوريين والمناضلين كل التحية.