Menu

القائد سعدات يكتب افتتاحية صحيفة "الشعب" التونسية في الذكرى الـخامسة للثورة

القائد أحمد سعدات يكتب افتتاحية صحيفة الشعب

فلسطين المحتلة_ بوابة الهدف

قال الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أحمد سعدات "إنّ الثورة بمعناها الشامل تبدأ فعلياً لدى إنجاز الثورة السياسية، وإنّي على ثقة بأن الشعب التونسي الشقيق، الذي احتضن ثوار الشعب الفلسطيني في أحلك الظروف وأكثرها سواداً، قادرٌ من خلال ثورته المستمرة، ونُضج قيادته الثورية، على تحقيق الانتصار، وكسر كل حلقات التبعية السياسية والاقتصادية لنظام العولمة الإمبريالية، وتكريس الديمقراطية قيماً وممارسةً، وتعبيد الطريق لتحقيق العدالة الاجتماعية بآفاق اشتراكية تقدمية كخيار وحيد لتحقيق التقدم والازدهار، وتقديم النموذج الحي لبناء النظام السياسي العربي الديمقراطي، المؤهِّل للنهوض بأمتنا وتحقيق استقلالها وتقدّمها وازدهارها ووحدتها".

وفي افتتاحية الدورة السنوية لصحيفة "الشعب" التونسية، التي كتبها القائد سعدات، بناءً على طلب الرفاق بالصحيفة، بالتزامن مع الذكرى السنوية الخامسة لانطلاقة الثورة التونسية المجيدة، قال سعدات "أول الكلمات في هذه المناسبة العطرة، هي نقل تحيات شعب فلسطين لروح الشهيد بوعزيزي الطاهرة، بوعزيزي الرمز، والصاعق الذي فجر بركان الغضب المتراكم في وجه الظلم والاستبداد، والذي أسس للثورة، والتحيات للشهيدين شكري بلعيد والبراهيمي، شهداء معركة حماية الثورة في مواجهة قوى التطرف والإرهاب والثورة المضادة".

وأضاف "والتحية لكل شهداء الثورة التي لا زالت مستمرة، وللحوامل الثورية التي كانت في مستوى التقاط شرارة الثورة والنضج والحِكمة لدفعها، ووضع عربتها في المسار الصحيح، وأخص بالذكر الاتحاد العام التونسي للشغل، كنموذج تاريخي للدفاع عن حقوق الشعب التونسي المطلبية والسياسية والديمقراطية، ولدوره في دفع الثورة وحمايتها، وقطع الطريق أمام قوى الثورة المضادة والقوى التكفيرية، التي خرقت الثورة وحقوق الشعب وأهدافه، ومحاولتها تصفية الثورة والعودة بالأوضاع إلى الوراء".

وتابع سعدات في كلمة الافتتاحية "رغم الألم الكبير لما آل إليه الحراك الشعبي العربي في مصر وسوريا واليمن وليبيا، وتمكن الإمبريالية وعملائها من حرف مسار الحراك وتوظيفه بالاتجاه الذي يحقق مشروعها، الشرق الأوسط الجديد، كمشروع للنهب وتقسيم أجزاء الأمة وشعوبها، وإنتاج سايكس-بيكو جديد؛ يمكنها من إطباق هيمنتها الشاملة على المنطقة، وتفكيك محور مقاومة مشاريعها.

"وعلى الرغم من هذه النكسة -إن جاز التعبير والارتداد- فإن الزخم الشعبي الذي ميز الحراك الشعبي في مصر والمغرب و البحرين واليمن والعديد من أقطار الأمة، وروح الإرادة والعزيمة التي سادت في هذا الحراك ،رغم حالة الارتداد المؤقت، لا يمكن وقف تقدمها الكامن أو احتواء هزيمتها؛ فمهما بلغت قوة الأدوات الرجعية وحواملها، لن تستطع العودة إلى الوراء، أو أن تقهر منطق الحراك التاريخي الصاعد، فالقوة الهائلة التي سطرتها الجماهير الشعبية في ميادين العواصم العربية، قابلة للتجديد وبعنفوان أشد، حين تتوفر الحوامل الثورية الصلبة التي تنسجم مع تطلعات وأهداف الشعب الثورية الديمقراطية" كتب سعدات.

ودعا سعدات "كل القوى الثورية العربية التي تخلّفت عن أداء واجبها في دفع مفاعيل الحراك الشعبي العربي في الاتجاه الصحيح، كي تستلهم العبر من التجربة التونسية والبناء عليها، وهي أيضاً دعوة لكل القوى الثورية العربية التي تنشد التقدم على امتداد وجود أمتنا للخروج من دائرة الانكفاء القُطري، وتوفير السياج الشعبي القومي القادر على حماية الثورة القومية الديمقراطية العربية، والسير بها إلى الأمام، والمبادرة لتعميق حواراتها لبناء أوسع جبهة شعبية عربية تقدمية، تحقق من خلالها وحدة الإرادة والأهداف والبرنامج، يكون ضمن أولوياتها مواجهة الوجود والخط الصهيوني الذي يرزح على صدر الأمة العربية منذ مطلع القرن العشرين، كما تجسد مع معسكر الثورة الأممية في مواجهة الإمبريالية والعولمة، وأشكال قهرها واستعبادها للطبقات الفقرية وآلام الشعوب على امتداد الكون؛ فحلقات الثورة مترابطة؛ فالعولمة والإمبريالية تحتاجان لمواجهتهما، عولمة ثورة مضادة تتعزز بانتصارات وتستلهم الخبرات وتعممها، وتستخلص العبر من أي إخفاق هنا أو هناك. وفي محصلة حراكها توفر رصيد خبرة ثورية أممية، تشكل مرشدًا ودليلًا لقيادة الشعوب نحو انتصار ناجز، وبناء النظام الدولي الإنساني الجديد، على أسس التكافؤ بين الشعوب والتوزيع العادل للثروة، ونبذ كل أشكال القهر والاستبداد على أساس العرق والدين واللون والجنس، وإعادة الإنسانية المسلوبة للإنسان المعذب".

وعبّر سعدات خلال الافتتاحية عن أمله بأن "يُشكّل هذا العدد من صحيفة الشعب، والمُخصص لدراسة تجارب الحراك الشعبي العربي، منبراً لتعميم وتعميل تجربة الثورة التونسية، واستخلاص أسباب الإخفاق للعديد من الثورات العربية، وتعميم قيم الديمقراطية والتسامح والتداول السلمي للسلطة، كروافع لبناء مكونات الشخصية الحضارية لأمتنا، وتوفير البيئة الاجتماعية التي تحفز وتستنفر الشعب للعمل والبناء، والمشاركة الفاعلة في ارتقاء مجتمعاتنا وتخلّصها من رواسب المجتمع الاستهلاكي وثقافة القمع والتسلط".

وتابع "كما آمل أن تستنفر هذه النشرة مفكري الأمة والمثقفين الثوريين للمساهمة في ترسيخ قيم الثورة والشراكة والنضال الديمقراطي لتحقيق أهداف الثورة العربية الديمقراطية؛ ففي المنعطفات الحادة المجافية لنضال الشعوب على وجه الخصوص تتضاعف أهمية ودور الفكر والأيديولوجيا، لإنارة الطريق أمام الشعوب والأمم المكافحة، وتحويل عامل التنوير الذي يحول مجتمعاتنا العربية إلى مصدر للاستقرار والتطور، وكشف القناع عن أشكال الثقافة الليبرالية التي تسوقها الإمبريالية المعولمة، عبر مؤسساتها الممولة لترسيخ التبعية وإلحاق شعوب الأمة العربية بقواعد السوق الرأسمالية الإمبريالية المتوحشة، وارتهان واحتجاز تطوّرها وتقدمها الحضاري، والتأسيس لبناء الرؤية التنموية العربية، وطريقة توفر القرار المستقر غير المرتهن لسياسات البنك الدولي وصندوق النقد، وتعزيز دور القطاع العام في التنمية والبناء الاقتصادي، مع إحداث التوازن الضروري مع دور القطاع الخاص في إطار خطة ممنهجة تمكن من مواجهة التحديات التي تعترض تطورها الاقتصادي، وتؤسس لتحقيق العدالة الاجتماعية وأفق البناء الاشتراكي وتحرير الاقتصاد والثروات العربية من كل أشكال الهيمنة والتوظيف لترسيخ وإعادة إنتاج وتعميق التخلف في مجتمعاتنا العربية".