Menu

الإضراب...وملفات الأسرى القدامى والاطفال والنساء...والإداري

راسم عبيدات

 

الأسير القائد كريم يونس ابن بلدة عارة في المثلث، هو تعبير مكثف عن معاناة أسرانا في سجون الإحتلال، وقصور أحزابنا وفصائلنا كافة، والخلل الذي انطوت عليه عملية اوسلو في التعامل معهم.

المناضل القائد كريم يونس المعتقل من 30/1/1983 ، يدخل عامه الإعتقالي الخامس والثلاثين، وهناك عشرة أسرى آخرين قضوا ثلاثين عاماً فما فوق، ومعاناتهم ومعاناة كل الأسرى مستمرة ومتواصلة في سجون الإحتلال وأقسام عزله وزنازينه، هذه المعاناة وتغول" و" توحش" ادارات قمع السجون الإسرائيلية تجاه أسرانا وحقوقهم ومكتسباتهم وظروف حياتهم المعيشية، هي التي تدفع بهم الى خيار الدفاع عن حقوقهم ومكتسابتهم ووجودهم عبر معارك الأمعاء الخاوية، معارك الإضرابات الجزئية أو المتواصلة بالإضراب عن الطعام، وحين لم يترك عسف السجن والسجان مجالاً او خياراً لهم، سوى خيار الإضراب المفتوح عن الطعام.

قال كريم يونس وماهر يونس ووليد دقه وابراهيم أبو مخ وصالح ابو مخ ومحمد الطوس ونائل البرغوثي وعلاء البازيان وتلك القائمة الطويلة من عمداء وجنرالات الحركة الأسيرة " نعم للجوع وألف لا للركوع". هذا الشعار الناظم الذي رفعه أبناء حركتنا الأسيرة في كل معاركهم الإعتقالية، معارك الأمعاء الخاوية في وجه إدارات قمع مصلحة السجون الإسرائيلية، لكي يحفظوا عزتهم وكرامتهم، ولكي يدافعوا عن حقوقهم ومكتسباتهم، ولكي ينالوا حقهم من حياة إنسانية وعناية طبية، وينهي سياسة العزل التي دأبت أجهزة المخابرات الإسرائيلية وادارات السجون الإسرائيلية على فرضها بحق كل من تقول بأنه قائد او كادر اعتقالي متهم بالتحريض عليها، او بالعمل على تأطير وتنظيم أوضاع الأسرى في السجون، وكذلك استخدموا هذا السلاح من أجل استعادة حقهم بالتواصل مع أهاليهم عبر الزيارات العائلية التي منع الكثيرون من الأسرى منها لفترات طويلة وبالذات أسرى قطاع غزة.

الأسير القائد كريم يونس وغيره من أسرى شعبنا في الداخل الفلسطيني- 48- والى حد ما أسرى القدس ، هم الأكثر ظلماً واضطهاداً وتعرضا للقمع والتنكيل، فهم من رفض الاحتلال أن يتفاوض باسمهم وفد منظمة التحرير الفلسطينية،على اعتبار انهم من حملة الجنسية أو الهوية الإسرائيلية، وللأسف كانت مواقف الوفد الفلسطيني المفاوض، ليست صلبة بما فيه الكفاية، بما مكن الاحتلال من استثنائهم من التحرر في عمليات الإفراج وما يسمى بحسن النوايا، وكذلك في العديد من صفقات التبادل، حتى الدفعات الأربع من أسرى ما قبل أوسلو الذين اتفق على إطلاق سراحهم في المفاوضات التي رعاها وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جون كيري بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، أسرى الداخل الفلسطيني – 48 - والعديد من أسرى القدس، أجلوا للدفعة الرابعة، وكان واضحاً بان المحتل تعمد تأخيرها، حتى يتحين فرص إلغائها، وهكذا تم عندما فشلت المفاوضات.

أسرى القدس والداخل الفلسطيني- 48 -، كان الاحتلال يتعمد وضعهم في سجون او أقسام خاصة، لكي يمنع اختلاطهم ببقية أبناء الحركة الأسيرة الفلسطينية، وما ترتب على ذلك من منع للمحامين من زيارتهم، على اعتبار أنهم مواطنين او ساكنين في دولة الاحتلال.

الأسير القائد كريم يونس وغيره من قادة الحركة الأسيرة، الذين صمدوا وضحوا وتتلمذ وتخرج على أيديهم المئات، بل الآلاف من أبناء الحركة الأسيرة، كانوا دائماً القادة والرموز لكل المعارك النضالية التي خاضها أسرانا، يتقدمون الصفوف، ويوزعون معنويات وصمود على كل الأسرى، لم تلن لهم قناة، ولم تضعف لهم عزيمة، ولم تنكسر لهم إرادة، لان الحديد لم ولن يلين ، ورغم ان أجساد الكثيرين منهم تحولت الى مجمعات لأمراض مزمنة فتكت بها بسبب رطوبة وتعفن زنازين وغرف السجون، والحرمان من العلاج، والقمع والتنكيل وطول فترة الإعتقال، إلا انهم بقوا، مدافعين عن وجودهم وهويتهم وانتماءاتهم، في وقت كانت فيه مخابرات الإحتلال تحاول مساومتهم على إنتماءاتهم تحت وعود زائفة ومضللة بتقديم تحسينات على شروط وظروف حياتهم الإعتقالية، ولكنهم رفضوا ذلك بشدة، وقالوا من اجل فلسطين وقضيتنا إنتمينا، ولن نساوم على ذلك أبداً.

بعد كل هذا الإهمال والنسيان الذي يتعرض له أسرانا من الداخل -48 - والقدس على وجه التخصيص في سجون الاحتلال، وهذا ليس من باب الجهوية او المحلية، بل هذا الواقع الموجود، لكي نغير معادلاته، فلا بد في أي عودة للمفاوضات، الإصرار بان يكون ملف هؤلاء الأسرى وغيرهم من الأسرى القدماء قد أغلق تماماً، وأي عودة للمفاوضات بدون ذلك هي خيانة لهؤلاء الأسرى ولتضحياتهم، وكذلك أي صفقة تبادل يجري عقدها مع المحتل، من أي جهة فلسطينية، يجب ان يكون شرطها الأول، إطلاق سراح هؤلاء الأسرى، وعدم عقد أي صفقة لا تشتمل على إطلاق سراحهم.

في ذكرى يوم الأسير، والحركة الأسيرة قد بدأت اضرابها المفتوح عن الطعام، في مشاركة نوعية وواسعة، هي الأولى من نوعها منذ آب عام 2004، بعد فقدان الحركة الأسيرة لوحدة مؤسساتها الإعتقالية الموحدة، من لجان نضالية، وهيئة قيادية اعتقالية موحدة، وأداة تنظيمية وطنية موحدة، وما تبع ذلك من تكريس لهذا الواقع والمستجد، بفعل حالة الإنقسام التي يعيشها جناحا الوطن، وبفعل ذلك نجح الاحتلال وإدارة مصلحة السجون الإسرائيلية في فرض تلك الوقائع، بعد كل ذلك ها هي الحركة الأسيرة تنهض مجدداً وتستعيد وحدتها وتنطلق بقوة دفاعاً عن حقوق أسرانا وكرامتهم في نفس «يوم الأسير».

وفي هذه الذكرى نأمل ان يكون هذا الإضراب النوعي عن الطعام، مقدمة من أجل ترسيخ وحدة الحركة الأسيرة، وإنهاء الحواجز والأقسام الخاصة في السجون بين فصائلها، وليتوحد الكل الإعتقالي في هذه الملحمة النضالية الإعتقالية، فلا وقت لكي نناكف او نزايد على بعضنا، ولنبتعد عن شخصنة الإضراب، أو إختزاله في هذا القائد او ذاك، ولتلعب وسائل اعلامنا دور الجامع والموحد، وكذلك هي التصريحات التي تصدر عن مختلف الفصائل ووسائل الإعلام، فهذه معارك أكثر ما نحتاج فيها الى الوحدة، وليس الفئوية المقيتة، ولنخرج من قمقمها، ولنعلي راية فلسطين فوق كل الرايات الحزبية.

ولنهتف معاً بأنه آن الأوان لكي نعمل موحدين، لكي يقذف هذا السجن من جوفه أسرانا ومناضلينا، وخصوصاً من أمضوا عشرات السنين من زهرات شبابهم خلف قضبان وجدران سجون الإحتلال، ودفعوا ثمنا باهظاً أُسريا ً واجتماعياً ووطنياً، وليكن هذا العام، عام تحرير الأسرى القدماء، أسرى ما قبل أوسلو، وكل أسرى الحكام العالية والمؤبدة والنساء والأطفال، ولنعمل من أجل اغلاق ملف الإعتقال الإداري المنافي لكل الأعراف والقوانين والمواثيق والإتفاقيات الدولية.