Menu

الكيان وإضاعة جثث الشهداء

د.فايز رشيد

لا مثيل للعدو الصهيوني في نازيته وفاشيته، فحتى جثامين الشهداء الفلسطينيين والعرب تخضع للحسابات الشايلوكية، بكل ما في ذلك من عبث ومتاجرة ومخالفة واضحة للاتفاقيات الدولية وميثاق جنيف لحقوق الإنسان. بالفعل من النادر أن تجد شبيهاً لهذا العدو الملاحِق للفلسطينيين والعرب، الأموات منهم قبل الأحياء! لقد نشرت صحيفة «هآرتس» تقريراً موسعاً قبل أسبوع، قالت فيه، إن «إسرائيل» اعترفت بأنها أضاعت سبعة جثامين لفلسطينيين نفذوا عمليات في الانتفاضة الثانية، وذلك بموجب ما جاء في رد للنيابة «الإسرائيلية» على التماس تم تقديمه للمحكمة العليا «الإسرائيلية». وأضافت الصحيفة، أنه خلال مداولات عقدت في المحكمة العليا قبل ثلاثة أسابيع، قال ممثل النيابة العامة إنه تم العثور على جثمانين فقط من أصل 123 جثماناً تطالب عائلات فلسطينية باستردادها.

وحسب تقدير مصادر قضائية وعسكرية، لا توجد لدى الكيان أية معلومات عن عدد كبير من الجثامين.

ويتبين من التقرير، أن جيش الاحتلال كان يشغّل شركات خاصة لدفن الشهداء في مقابر سرية، أطلق عليها شعبنا اسم «مقابر الأرقام»، وأبرزها مقبرة محاذية لمنطقة مرتفعات الجولان العربية السورية المحتلة، قرب «جسر بنات يعقوب»،ومقبرة أخرى شمال بحيرة طبريا، ومقبرتان في منطقة غور نهر الأردن المحتل.

من جانبها، قالت داليا كيرشتاين، المديرة العامة لمركز الدفاع عن الفرد في الكيان والتي قدمت بعض الدعاوى باسم عائلات فلسطينية، إن «كل شاهد قبر يتم تحطيمه في مقبرة يهودية في أرجاء العالم، يُحدث ضجة كبيرة في «إسرائيل»، لكن عشرات الجثامين الفلسطينية التي اختفت يتم الصمت حولها». وأضافت أن «إسرائيل» بجميع أجهزتها تظهر قسوة القلب والاستخفاف فيما يتعلق بجثامين الفلسطينيين ومعاناة عائلاتهم. كيف يمكن لدولتنا المطالبة بجثامين يهود ماتوا منذ مئات السنين، وتقوم في ذات الوقت بإضاعة مقصودة لجثامين الفلسطينيين! كما أن طلبات الحصول على المعلومات التي قدمت لمعهد الطب الشرعي والتأمين الوطني والجيش، وصلت إلى طريق مسدود، فالمعلومات لم تصل، والحديث يدور عن كم أفواه من قبل الدولة، هذا ما تقوله إحداهن عن دولتها الصهيونية المارقة.

للعلم، في عام 2011 وبعد مباحثات طويلة (امتدت لعام) مع الكيان بواسطة هيئة دولية، تم الاتفاق على تسليم 84 جثماناً لفلسطينيين استشهدوا في حرب عام 1967، بعد فحص ال «دي.أن.أي» لهم، وتسليم 105جثامين لفلسطينيين وعرب لاحقاً كدفعة ثانية. ما كاد الإعلان عن الاتفاق يتم، حتى أصدر وزير الحرب باراك (حينها) قراراً بوقف التسليم، بعد التشاور مع رئيس الحكومة نتنياهو. ووفقاً لما أعلن الناطق العسكري الصهيوني آنذاك: «حتى لا يتم نقل جثامين مخربين ليس من الصحيح نقلهم ولا تسليمهم»!. ووفقاً لمنسق الحملة الفلسطينية لاسترداد جثامين الشهداء سالم خلّة، فإن دولة الكيان تحتجز جثامين 334 شهيداً فلسطينياً وعربياً في مقابر الأرقام، إضافة إلى جثامين 500 شهيد فلسطيني ولبناني ممن ارتقوا في غزو 1982 خلال الاجتياح الصهيوني للبنان.

إن مقابر الأرقام تعني تلك المقابر البسيطة التي تدفن فيها جثامين الفلسطينيين والعرب وهي محاطة بالحجارة بدون شواهد. وتثبت فوق كل قبر لوحة معدنية تحمل رقماً معيناً، ولهذا سميت بمقابر الأرقام بديلاً لأسماء الشهداء. هذا هو العدو الصهيوني، وهذه هي دولته، التي تكرر التجربة «الهتلرية» في التعامل مع جثامين الموتى كأرقام!

الإنسان الفلسطيني والعربي بالنسبة للصهيونية ليس تجسيداً بشرياً وكائناً إنسانياً من لحم ودم وعقل وحقوق ثبتتها الشرائع السماوية والقوانين الدولية ومواثيق حقوق الإنسان، بل هو ليس أكثر من رقم فقط! تماماً كما يتم التعامل مع الأغنام والأبقار ليس إلاّ. وربما هذه لها حقوق تُراعى ولكن الفلسطينيين والعرب في العرف الصهيوني لا يستأهلون أية حقوق سواء كانوا أحياءً أو أمواتاً! هذه هي العنصرية البغيضة بأكبر تجلياتها تظهر في القرن الواحد والعشرين! لو مارست دولة أخرى (ما تفعله الدولة الصهيونية في جثامين الشهداء من الفلسطينيين والعرب) ضد أموات يهود، لقامت الدنيا وما قعدت! أما الكيان فيجوز ويحق له، ما لا يجوز ولا يحق لغيره. هذه هي العدالة العرجاء!. معروف أيضا، كيف تقوم الدولة الفاشية بسرقة أعضاء من الجرحى الفلسطينيين مباشرة قبل استشهادهم، كما من الأسرى والمعتقلين. واليوم تتم إضاعة جثامين الشهداء الفلسطينيين والعرب!.