يدعي مائة سيناتور أميركي أن الأمم المتحدة تظلم إسرائيل، في رسالة إلى الأمين العام للمنظمة الدولية، تدعوه إلى وقف التمييز ضدها، ومعاملتها خلافاً لباقي أعضاء الأمم المتحدة، لعل هذه الرسالة، إحدى أهم أشكال النفاق السياسي على المستوى الدولي، خاصة عندما تشير الرسالة إلى أن أميركا هي الممول الأكبر للمنظمة الدولية، وبقول صريح، فإن هذا التمويل يفرض أن تستجيب الأمم المتحدة لرغبات الولايات المتحدة وتحالفاتها، مواقف مقابل المال، دون خجل أو مواربة تفصح رسالة هؤلاء إلى الأمين العام إلى الأمم المتحدة.
مع وصول ترامب إلى البيت الأبيض، تزايدت الدعوات لتقليص إسهام الولايات المتحدة في ميزانية المنظمة الدولية، كأكبر ممول لها بما يقدر بـ 22% من ميزانيتها العامة، ومن المتوقع أن يتم التصديق من قبل الكونغرس على البند المتعلق بهذا التقليص لدى عرض الميزانية العامة الأميركية عليه، في وقت تسهم إسرائيل في ميزانية المنظمة الدولية بـ 11 مليون دولار، أي 0.04 %، مع ذلك فإن الدولة العبرية تقاطع معظم لجان المنظمة الدولية بعد اتخاذ الأخيرة عدة قرارات وتوصيات تتعارض مع الاحتلال الاسرائيلي.
واقع الأمر أن اسرائيل هي الدولة الأكثر تميزاً في المنظمة الدولية، فهي تكاد تكون الدولة الوحيدة العضو فيها التي لا تنفذ قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة فحسب، بل تجاهر علناً أناه غير معنية بهذا التنفيذ، وأن على الأمم المتحدة إذا أرادت أن تنفذ قراراتها أن تتجاوب هذه القرارات مع المصالح الإسرائيلية، وإسرائيل هي الدولة الأولى بالحماية "من قبل الأمم المتحدة" بفضل الاستخدام المتواصل لحق النقض "الفيتو" من قبل الولايات المتحدة لصالحها.
الامم المتحدة لا تتراجع عن قراراتها، سواء تلك الصادرة عن جمعيتها العامة أو مجلس الأمن إلا في الحالة الإسرائيلية، فقد اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1975 قراراً باعتبار الصهيونية شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري، إلا أن الولايات المتحدة وحلفاء إسرائيل، عملوا طوال 16 عاماً لإلغاء هذا القرار وثم بالفعل إصدار قرار يلغي القرار السابق عام 1991، الأمر الذي شكل سابقة في السياسة الدولية المتعلقة بالأمم المتحدة، مع ذلك فإن رسالة النفاق المشار إليها، تدعي أن الأمم المتحدة تظلم الدولة العبرية وتطالب بإنصافها.
يتم ذلك كله، في ظل صمت مريب من قبل المجتمع الدولي من ناحية، وخذلان النظام الرسمي العربي للحقوق الوطنية الفلسطينية، تارة بالصمت، وفي أحيان أخرى بالتواطؤ مع الاستهدافات الأميركية – الإسرائيلية، كما حدث قبل أيام قليلة عندنا وافقت المنظومة العربية على تعديل قرار اليونسكو حول قرارها الخاص بالمقدس المحتلة استجابة للضغوط الإسرائيلية بربط اليهود بالحرم القدس ي!