أثناء نقاش رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لتقرير مراقب الدولة بخصوص الحرب الإسرائيلية الثالثة على قطاع غزة قبل حوالي شهر، أشار إلى أنه حاول منع الحرب، لأنه دون احتلال كامل لقطاع غزة لن يكون هناك حل! خاصة أنه لا يتوفر البديل. مركز دراسات الأمن القومي خلص من هذه النقاشات إلى معادة باتت تحكم علاقة إسرائيل بقطاع غزة، أو بالأحرى حركة حماس بوصفها الجهة التي تسيطر عليه: التسليم عملياً بحكم حماس في قطاع غزة، دون الاعتراف بذلك، وردعها للحيلولة دون المساس بأمن إسرائيل ومنعها من امتلاك وسائل القوة، استبعاد الحرب والمواجهة، مقابل ترسيخ حركة حماس على المدى المتوسط والبعيد، معادلة الحرب باستبعادها مع الاستعداد لها.
تشير خلاصات مركز دراسات الأمن القومي التي نشرها موقع أطلس للدراسات الإسرائيلية إلى تلك المعادلات الصعبة والدقيقة التي تواجه طريقة التعامل الإسرائيلي مع حركة حماس في قطاع غزة على وجه الخصوص، نظراً لمكونات التحفيز نحو المواجهة والحرب من جهة، وتلك التي تبطيء اندلاعها نظراُ لأن كلا الطرفان يحاولان تأجيلها، مع أن هناك تطوراً جديداً دخل على هذه المعادلة بالنظر إلى تلك الإجراءات التي اتخذها أبو مازن في رام الله ضد قطاع غزة مؤخراً، الأمر الذي من شأنه أن يضيف عاملاً جديداً يجب التعامل معه، ربما من خلال إدخال تحسينات على الظروف الاقتصادية الصعبة في قطاع غزة من قبل إسرائيل، دون تجاهل عامل آخر أيضاً يتعلق بالقيادة الحمساوية الجديدة في قطاع غزة.
على إسرائيل وفقاً لهذه الخلاصات أن تمسك بزمام المبادرة، بتحسين أوضاع قطاع غزة، حتى لو اضطرت إلى التعامل مع شركاء إقليميين كدول الخليج، وشركاء دوليين لمنع أزمة إنسانية في قطاع غزة، وتقديم حلول بنيوية لقطاعي الكهرباء والماء وإقامة مناطق صناعية وتسهيل خروج المواطنين وتصاريح عمل في إسرائيل.
إلا أن أخطر وأهم ما تناولته هذه الخلاصات، يتعلق بمسألة البدائل في حال اضطرت إسرائيل إلى احتلال قطاع غزة في حرب قادمة، تشير هذه الخلاصات إلى أن على إسرائيل الشروع في خلق بدائل لبناء قدرات فلسطينية مقبولة للسيطرة على القطاع، لاستبدال حماس عندما تسنح الظروف لذلك.
ورغم أن تقرير مركز الأمن القومي الإسرائيلي قد تم اعداده في ظل التحرك الأميركي الواسع في المنطقة، بهدف ما يقال عن اختراق أميركي، أو صفقة في إطار حل إقليمي للملف الفلسطيني – الإسرائيلي إلا أن هذا التقرير لم يتناول هذه التطورات، وربما لأن معديه افترضوا أمن مسألة قطاع غزة مفصولة تماماً عن هذا الملف.
والملاحظة التي لا يجب تجاهلها، أن هذا التقرير، يتناول بالتحليل والجرأة والعمق، كافة السيناريوهات والمعادلات والاحتمالات، ويتم نشره على نطاق واسع لاطلاع النخب السياسية والأمنية والجمهور على واقع الحال، دون تردد أو تبرير، ما يشير إلى أن هناك سياسيات أكثر وضوحاً، لا تظل في الأدراج إن وجدت، في إطار حق الجمهور في المعرفة، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بالكوارث الناجمة عن الحروب!