Menu

نحن لا نرث الأرض بل نستعيرها...!

نصّار إبراهيم

"نحن لا نرث الأرض من الأجداد، بل نستعيرها من الأبناء"مَثَلٌ هنديٌّ أحمر.

يعكس هذا القول روعة الفلسفة والوعي الذي يسكن أعماق الهنود الحمر وعلاقتهم بالأرض والطبيعة، الهنود الحكماء الذين شيطنهم الكاوبوي والغزاة البيض وافسدوا حياتهم بالأمراض والمشروبات وابادوهم كما أبادوا خيول الموستانغ وثيران البيسون في سهوب وبراري أمريكا الشاسعة.

 نحن لا نرث الأرض بل نستعيرها، في هذا القول حكمة الروح، ذلك لأن من يرث الأرض إنما يرثها من شخص أو طرف يكون قد رحل، هذا يعني أن للوارث الحق بالتصرف بالورثة كما يشاء، بما في ذلك تخريبها أو تقسيمها أو إهداؤها أو بيعها.. أما من يستعير شيئا فهو ملزم أخلاقيا وأدبيا وقانونا أن يحافظ على الشئ الذي استعاره وأن يعيده بأفضل حال... 

 إذن نحن لا نرث الأرض من أجدادنا لكي نعبث بها ونلوثها ونخربها وندمرها كما نشاء، بل نحن نستعيرها من أبنائنا، نستعيرها من الأجيال القادمة، أي بالضبط كما استعارها أجدادنا منا ذات تاريخ... 

 مناسبة هذا القول هي أن هناك من يتنازل الآن هكذا بجرة قول أو قلم عن سيادة مصر على جزيرتي تيران وصنافير لآل سعود، والهدف أن تصبح ممرا دوليا مائيا يحفظ حقوق إسرائيل بالملاحة... وأيضا هناك من يعطي الآن السيادة على جزء من القدس العربية لإسرائيل.. هكذا بدون حتى مفاوضات... كما هناك باسم "ثورة الربيع العربي" من يسعى ويحلم ويقاتل لكي يهدي أو يؤجر الجولان العربي السوري لإسرائيل ولواء الأسكندرون إلى العثماني أردوغان... وهناك من يحلم بالتمزيق والتقسيم... كل هذا يحدث الآن هنا وهناك في هذا الوطن العربي المبتلى بالسماسرة. 

 لهذا يذكرنا الهندي الأحمر الحكيم.. يقول لنا : أياكم وهذا "نحن لا نرث الأرض من أجدادنا، بل نستعيرها من الأبناء"، لهذا من حقهم علينا ومن واجبنا تجاههم أن نعيد إليهم الوديعة والأمانة وهي أبهى وأجمل ما يكون موحدة حرة كريمة.