Menu

حتى آخر قطرة دم

بن سلمان وسعد الحريري

بوابة الهدف

رسالة الاستقالة المتلفزة التي قدمها سعد الدين الحريري من إقامته الجبرية في السعودية، جاءت مليئة بالتعبيرات السيادية والحديث عن استقلالية لبنان ورفض الحريري للتدخل الإيراني، وكأن دلالات الظرف المكاني والزماني لا تكفي كتعبير عن حجم الانتهاك السعودي لكل معاني السيادة للدول العربية الأخرى.

لن نناقش كثيراً موقف سعد الحريري فهو بالنهاية مجرد مواطن سعودي، يخضع كما غيره من عناصر تحالف السلطة والمال في السعودية لموقف صعب، والحديث عن علاقة الحريري وفريقه السياسي بمصالح لبنان أو تعبيرهم عنها كالحديث عن علاقة هذه السطور بين أيديكم باللغة الصينية.

هذا التناقض يتماثل مع حديث محمد بن سلمان عن مكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين، وهو لم يترك نمط من الرشاوي المالية أو السياسية لم يقدمه حتى يصل للعرش، علماً أن هذه الرشاوي لا تدفع من المال الذي اختلسه هو وسائر أفراد الأسرة الحاكمة من المال العام للشعب في بلاد الحجاز، ولكن من الخزينة الرسمية والاحتياطي المالي للبلاد، هذا ناهيك عن كون الرجل المسؤول الرئيسي عن حرب اليمن، بكل ما فيها من جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية.

لا نبالغ إذا قلنا أن السياسة السعودية منذ بدايتها لم تكن إلا مسيرة طويلة من الفساد والإفساد،  ولا يوجد مكان في العالم العربي والمنطقة بل والعالم، لم يتعرض لدرجات وأنماط من التخريب والتدمير بفعل المال السعودي المشبوه، الرشى التي توزع على السياسيين، والإعلاميين والنخب، والعمليات الواسعة لشراء الذمم، وتمويل وتسليح وأدلجة ميلشيات الموت في كل مكان.

لكن مرة أخرى ما يعنينا في هذا هو تأثير ما يحدث علينا على أبناء هذه المنطقة، ولي العهد السعودي أعلن نواياه بوضوح بانتهاج سياسة أكثر طاعة وانسجام مع الرغبات الأمريكية في المنطقة والعالم، وها هو مجدداً يعيد إعلان حربه على جملة من مكونات المنطقة، دون أن يطرف له جفن، والأسوأ انه يمضي نحو إشهار تحالفه المعلن مع الكيان الصهيوني.

وعلى عكس القراءات التي تمت لحديث السيد حسن نصر الله بخصوص علاقة استقالة الحريري بحرب مبيتة على لبنان، فإن هذه الحرب من غير المستبعد أنها قادمة، هذا ما تؤكده كل المؤشرات، وستطال ما هو أوسع من لبنان أو حزب الله ومناطق انتشاره، قد لا تبدأ هذه الحرب بغارات الإف 16 كما جرت العادة الصهيونية، ولكن بحملة غير مسبوقة من الحصار والإفقار لشعوب المنطقة، والاستنزاف لمواردها في كل مكان عبر عصابات الموت التكفيرية أو غيرها من الأدوات.

ابن سلمان لن يحارب، هو سيرسل فقراءنا ليذبحوا بعض منا، أو ينتظر الغارات الصهيونية الجديدة ليرسل هذه العصابات بالمواكبة معها، نحن نتحدث هنا عن نموذج جديد من الحرب سيقاتل فيها بعض العرب بكل ما للكلمة من معنى كتفاً الى كتف مع الصهاينة وكل على قدر استطاعته.

ما تؤكده التجربة التاريخية منذ وجود الكيان الصهيوني، والصراع الطويل معه، أن هناك صهاينة عرب في كل مكان، انشغالهم الأساسي هو مواجهة المقاومة، ومنع أي فرصة قد تمتلكها الشعوب لمواجهة العدوان الصهيوني والاستعماري، ومصلحتهم بذلك واضحة، هم يدركون أنهم مجرد أذرع وتعابير متدنية عن هذا المشروع سينتهي تماماً إذا ما انسحب المستعمر من المنطقة، هم يقاتلون دفاعاً عن وجودهم، وكذلك سنفعل نحن.