Menu

حرب واحدة: عن تطور أنماط العدوان

أرشيفية

بوابة الهدف

لم يقتصر الصراع العربي الصهيوني يوماً على ساحة فلسطين، وفي ظل التطورات المتسارعة في المنطقة العربية، تعود هوية هذا الصراع ودرجة اتساعه لتظهر بوضوح، حيث أعادت تصريحات وزير العدوان الصهيوني افيغدور ليبرمان، تظهير النوايا العدوانية الصهيونية على لبنان، بعد التصريحات التي تناول فيها نوايا العدو بالاستيلاء على قطاعات من حقول النفط والغاز اللبناني.

رغم الثبات الكبير في قاعدة هذا الصراع بالجريمة التاريخية التي ارتكبها الكيان الصهيوني والقوى الاستعمارية بحق شعب فلسطين، والتي أدت لمأساته ومعاناته، إلا أن طبيعة الدور الاستعماري للكيان الصهيوني أخذة في التطور لأنماط جديدة، يتسع فيها عدوانه وتتعدد أدواره في المنطقة.

فمن جهة بات لهذا الكيان ترابط عضوي أكبر مع نظم الرجعية العربية، يعبر عنه تحالفه الأمني مع العديد من هذه النظم، وجبهة مشتركة تمارس العدوان والقتل المباشر تجاه الشعب العربي في اليمن الشقيق، فيما تم تطوير أدوات طائفية يستخدمها العدوان على نحو أوسع بكثير من ظاهرة الميلشيات الانعزالية التي اعتمد عليها العدو سابقاً في لبنان، فالأدوات التكفيرية اليوم تشكل رأس حربة لعدوان تطال مخالبه كل بلد وشعب عربي يبحث عن حريته وحقه في الوجود المستقل.

كذلك يبدو الاتساع أكبر في الدور الوظيفي للكيان ضمن المنظومة الاستعمارية، فمن جهة بات اختراقه الاستخباري للدول العربية أكبر، والمهمات التي يقوم بها في بناء القدرات الأمنية والعسكرية للقوى التكفيرية والانعزالية وللنظم الرجعية، فمهمات التدريب والتسليح والإمداد باتت عمليات يومية يقوم بها الكيان للقوى المعادية لشعوب المنطقة.

في المقابل ورغم التطور الكبير في قدرات المقاومة الفلسطينية والعربية التي تواجه هذا الكيان الصهيوني، فإنه لا يمكننا الحديث عن جبهة موحدة، أو ادراك لتطور نمط التهديدات الصهيونية، وما يرتبط بذلك من ضرورة العمل على استراتيجية موحدة لردع العدو والحاق الهزيمة به، فلا زالت هذه المقاومة رغم هويتها العربية تعيش وتعمل وفق نموذج خاص بكل قطر عربي، وهو ما يجب أن يكون عرضة لمعالجة تنطلق أولاً من إدراك الوحدة والتضامن الحقيقي بين الحواضن الشعبية، وضرورة تكامل النماذج التنظيمية والتخطيطية لقوى المقاومة مع وحدة حواضنها.

أي أن المهمة الأبرز في هذه المرحلة هي ضرورة العمل الجاد على بناء النموذج العربي المقاوم الموحد، الذي يستفيد من حاضنته الجماهيرية، ومن تحالفاته مع الشعوب الأخرى في المنطقة، ومن شبكة علاقاته مع أحرار العالم والقوى التقدمية فيه، فالخطر لم يعد صراع جبهات قتالية يكفي التنسيق بين قادتها والقائمين عليها لمواجهته، بل نتحدث عن شبكة متكاملة من الاعداء تتطلب مواجهتهم بناء شبكة تحررية مضادة تنشط في كافة الساحات لردع العدوان وانتزاع الحق في الحرية والوجود في هذه المعركة المصيرية.