Menu

دراسة لمعهد الأمن القومي الصهيوني

سياسة إدارة ترامب والرأي العام الأمريكي: الآثار المترتبة على الكيان الصهيوني

بوابة الهدف/إعلام العدو/ترجمة خاصة

منذ وصول ترامب إلى البيت الأبيض حصل تطور كبير في مكانة الكيان الصهيوني في قلب سياسة الإدارة الأمريكية، القلق الآن في الكيان هو حول استمرارية هذا التغير بعد ترامب، وكذلك كيف تعوض "إسرائيل" مكانتها، كحليف لأمريكا بحزبيها، وليس فقط الجمهوريين.

وقد قالت دراسة جديدة نشرها معهد أبحاث الأمن القومي في الكيان الصهيوني أن من شأن سياسات ترامب الدولية والتغييرات السياسية التي يتبعها، أن تترك أثرا عميقا على "إسرائيل نفسها" خصوصا بعد تموضع هذه الأخيرة في قلب الجدل السياسي في الولايات المتحدة، وأطياف المجتمع الأمريكي.

وقالت الدراسة التي كتبها أفنر غولوف ونشرت مساء الأربعاء، إن التغييرات في السياسة التي تتبعها إدارة ترامب، سواء في الساحة الداخلية أو في السياسة الخارجية، لا تعكس مواقف الجمهور الأمريكي بشكل كامل. في حين وثائق استراتيجية الأمن القومي الصادرة تركز على المنافسة وإدارة التنافس مع الصين وروسيا، وكذلك فإن دراسة استقصائية حديثة أجراها مركز بيو للأبحاث تشير إلى أن التهديد النووي الكوري الشمالي والإرهاب هي أكثر التهديدات المقلقة للجمهور الأمريكي.

وفيما يتعلق بالمواضيع المتعلقة بالسياسة "الإسرائيلية" - الإيرانية والقضية الفلسطينية – تظهر فجوة واضحة بين الجمهوريين والديمقراطيين، وقد تفاقمت هذه الظاهرة خلال العامين الماضيين. ويتمثل التحدي الرئيسي الذي يواجه الكيان الصهيوني الآن في كيفية العمل مع إدارة ترامب التي تقصي الرأي العام الأميركي الليبرالي وكيفية تحسين صورتها في هذا القطاع من أجل استعادة مكانة حليف تتمتع بدعم الثنائية الحزبية.

 

تلحظ الدراسة أن سياسة الولايات المتحدة خضعت خلال العام المنصرم لتغييرات كبيرة ، حيث أشارت وثائق الأمن القومي الأمريكي إلى استراتيجية التحول نحو "أمريكا أولا" وهو لم يكن مجرد خطاب أطلقه ترامب في الهواء، وتمكن الدراسات الحديثة التي أجراها مركز بيو للأبحاث من تقييم ما إذا كانت هذه التغييرات في السياسات تتطابق مع اتجاهات الرأي العام. وإذا كان الأمر كذلك، فإن من المتوقع أن تكون المواقف بين الجمهور طويلة الأجل وتستمر حتى بعد انتهاء الإدارة الحالية. ومع ذلك، إذا لم تتماشى التغييرات مع الرأي العام السائد، فإن الانتخابات المقبلة يمكن أن تدفع بالعودة إلى جدول الأعمال الأمريكي الذي سبق الإدارة الحالية. هذا التحليل مهم لكل من خصوم واشنطن وحلفائها، حيث أنه تمكنهم من فهم أهمية التغيير الحالي.  بالنسبة لـ "إسرائيل"، فإن التحليل مهم بشكل خاص، نظرا للتغير الكبير في العلاقات بين البلدين منذ دخول الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض.

نتائج المسح

تشير نتائج الاستطلاع إلى ما يخاف شعار "أمريكا أولا" الذي يحيل إلى العزلة الأمريكية، فأولا، أظهر المسح الذي أجراه (بيو) ضعف تعلق الناخب الأمريكي بالقضايا المرتبطة بالاقتصاد وفرص العمل (من 80 في المئة الذين رأوا هذه كقضايا مفضلة في عام 2010، إلى 71 في المئة للاقتصاد و 62٪ للوظائف وفقا للدراسة الأخيرة). وثانيا، تعزيز وضع التهديد الإرهابي على رأس الأولويات. وهذه النتيجة، التي تشمل مختلف الأحزاب السياسية والهويات، تتحدى الافتراض التقليدي بأن الناخب الأمريكي يسترشد في المقام الأول بالقضايا المحلية.

وثمة نتيجة أخرى مثيرة للاهتمام هي انخفاض الدعم للسياسات التي يركز على "الشؤون الداخلية") من 60 في المائة في أواخر عام 2014 إلى 47 في المائة اليوم (. وهذا يعكس ضعف الاتجاه الانعزالي الذي ميز أمريكا خلال العقد الماضي، اليوم، حيث كان الجمهور الأمريكي منقسما حول مسألة ما إذا كان التركيز على الشؤون الداخلية أو المشاركة في السياسة الدولية.

وتضع وثائق الاستراتيجية للإدارة المنافسة مع الصين وروسيا، على رأس قائمة التهديدات الوطنية التي تواجهها فوق التهديد الذي تشكله المنظمات الإرهابية. ومع ذلك، أظهر المسح أن التهديدات الرئيسية الثلاثة من وجهة نظر الجمهور هي البرنامج النووي لكوريا الشمالية (معظم الناس يعتقدون أن بيونغ يانغ ستكون مستعدة لتنفيذ تهديداتها بمهاجمة الولايات المتحدة بأسلحة نووية)، هجمات الكترونية من قبل دول أخرى، وتنظيم داعش.

بينما يعترف الرأي العام الأميركي بتهديد المصالح الأمريكية من قبل القوى المتنافسة، حدد أقل من نصف المستطلعين الصين ونفوذها باعتبارها مصدر خطر كبير، وأكثر من نصفهم  حدد تهديد روسيا ونفوذها الدولي على هذا النحو. وفيما يتعلق بالتهديد الذي تشكله روسيا، هناك فجوة كبيرة بين المعسكرات السياسية: 38 في المئة من الجمهوريين عرفوا روسيا بأنها تهديد كبير، مقابل 63 في المئة من الديمقراطيين. وقد تطورت هذه الفجوة خلال العام الماضي. وهو يجسد نجاح الرئيس في إقناع أجزاء من قاعدته السياسية بأن ينظر إلى روسيا كشريك محتمل. وعلى النقيض من مستشاريه، فإن ترامب يرغب في استكشاف إمكانيات التعاون (حاليا هدف غير قابل للحياة، بسبب التحقيقات الجارية في قضية التدخل الروسي في الانتخابات (روسيا غيت).

فيما يتعلق بالشرق الأوسط، تظهر الاستطلاعات فجوة بين الأحزاب في إدراك التهديد الذي يشكله البرنامج النووي الإيراني: حوالي 63 في المئة من الجمهوريين يرون بأنه يشكل تهديدا كبيرا، في مقابل 45 في المئة من الديمقراطيين. وعموما، فإن النظرة إلى التهديد الإيراني في انخفاض بين جميع القطاعات. في المقابل، فإن الفجوة بين الجماعات السياسية آخذة في الاتساع فيما يتعلق بالصراع "الإسرائيلي" - الفلسطيني: أظهر 79 في المئة من الذين عرفوا أنفسهم بأنهم من الجمهوريين التعاطف النسبي تجاه "إسرائيل"، مقابل 27٪ فقط من الديمقراطيين. وهذه الفجوة هي الأعلى منذ عام 1978، وهي في الواقع انعكاس لتطور الدوائر الانتخابية، أي تزايد الدعم الجمهوري لـ "إسرائيل"، إلى جانب تراجع الدعم الديمقراطي لها. استنتاج آخر يعزز من الصدع المتزايد بين الديمقراطيين تجاه "إسرائيل" وهو أن ما يقرب من نصف الديمقراطيين يدعون أن الرئيس ترامب يخدم إسرائيل كثيرا، في حين أن خمسهم  يعتقد أنه قد تكيف لاتباع نهج متوازن في موقفه تجاه الصراع.

الآثار المترتبة على "إسرائيل"

ترصد الدراسة بشكل تحذيري وجود انخفاض في الطريقة التي ينظر بها الأمريكيون إلى التهديد الذي يشكله البرنامج النووي الإيراني. وهذا أمر بالغ الأهمية بالنظر إلى تهديد الرئيس ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه مع إيران في تموز / يوليو 2015. وإذا اعتمد مثل هذا الإجراء، فقد يجبر الإدارة على تخصيص موارد معقولة استنادا إلى خطر مواجهة عسكرية مع إيران. ومن شأن هذه التطورات أن تستدعي الدعم العام، الذي قد تجده الإدارة صعبا في ضوء تركيز التفكير العام على كوريا الشمالية، بدلا من البرنامج النووي الإيراني، وهذا يمثل تحديا كبيرا ل "إسرائيل"، التي تود أن ترى القضية النووية الإيرانية وقد وضعت على رأس أولويات القيادة الأمريكية.

التطور الأخير هو انخفاض في توقع تهديد محتمل من روسيا وسط قاعدة الرئيس السياسية في الحزب الجمهوري. ويشير هذا الاتجاه إلى المرونة السياسية التي قد تساعد ترامب على تعزيز التعاون مع روسيا بعد انتهاء تحقيقات "روسيا غيت" هذا التعاون يمكن أن يعزز قدرة "إسرائيل" على تعزيز مصالحها في سوريا والوقيعة بين إيران وروسيا.