لاقى قانون "القومية" العنصري الذي شرّعه برلمان الاحتلال "الإسرائيلي" الليلة الماضية، بالقراءتين الثانية والثالثة، استنكارًا فلسطينيًا واسعًا، حيث أدانته منظمة التحرير وعدة فصائل، واعتبرته سعيًا لشرعنة إلغاء الوجود الفلسطيني على الأرض المحتلة.
وأدانت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية "قانون القومية" العنصري معتبرةً أنّ "دولة الاحتلال تشرع العنصرية والتمييز من أجل القضاء على الوجود الفلسطيني"، وقالت إنّ "محاولات دولة الاستعمار العنصرية تثبيت مفاهيم الاحتلال والاستيطان ونظام الفصل العنصري، وإلغاء الوجود الفلسطيني، عبثية لن تمر، وسيبقى الشعب الفلسطيني صاحب الحق والأرض والرواية والحيز والمكان".
وأضافت اللجنة "إن حكومة نتنياهو وائتلافها اليميني المتطرف وبدعم وشراكة من الإدارة الامريكية تواصل نهجها القائم على الاقصاء ورفض والغاء الآخر، وشكلت مثالا حقيقيا لطبيعة النظام العنصري الذي يمارس سياساته القائمة على التمييز والتشريد والاجلاء والتهجير القسري".
كما حذّر أمين سر اللجنة التنفيذية صائب عريقات من تبعات وتداعيات القانون، واعتبره دعوة شرعية لمواصلة عمليات التطهير العرقي والتشريد القسري والضم والتهويد والقتل وتوسيع الاستيطان الاستعماري، والغاء حق العودة.
من جانبها، قالت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين "إنّ المصادقة على قانون القومية، هو إعلانُ حربٍ على الوجود الفلسطيني والهوية الوطنية الفلسطينية، وأحد حلقات التصفية المستمرة في حرب الإبادة والتطهير العرقي المستمر بحق شعبنا منذ العام 1947، والذي يشرعن سياسات الطرد لأبناء الشعب الفلسطيني وخصوصاً في الداخل المحتل ومدينة القدس المحتلة وينطبق ذلك على الجولان، كما أنه يلغي حق شعبنا في تقرير مصيره فوق ترابه الوطني".
وحملت الشعبية في بيانٍ لها، المجتمع الدولي المسئولية "في ضوء استمرار تواطئه وعدم إدانته ومحاسبته للكيان الصهيوني، وتدخّله لوقف الجرائم والانتهاكات التي يرتكبها بحق الشعب الفلسطيني".
وأكدت أنّ "فلسطين هي الوطن التاريخي للشعب الفلسطيني وأرض الأجداد ومستقبل الأحفاد، وأن هذا الكيان الصهيوني المجرم لا يملك أي صفة شرعية أو تاريخية أو وجودية أو سيادية على هذه الأرض".
هذا واعتبرت حركة "حماس" أن إقرار القانون العنصري، شرعنةً رسمية للعنصرية "الإسرائيلية"، واستهداف خطير للوجود الفلسطيني وحقه التاريخي في أرضه، وسرقة واضحة لممتلكاته ومقدراته.
وقال الناطق باسم حركة حماس فوزي برهوم إنه ما كان لهذه القوانين والقرارات المتطرفة أن تُتخذ لولا حالة الصمت الإقليمي والدولي على جرائم الاحتلال وانتهاكاته، وكذلك الدعم الأمريكي اللامحدود للنهج العنصري "الإسرائيلي" المتطرف.
وشدد برهوم في تصريح صحفي على أن كل هذه القرارات والقوانين الباطلة لن تمر ولن تغير من الواقع شيئاً، وسيبقى الشعب الفلسطيني صاحب الحق والسيادة على هذه الأرض، مؤكدةً أنّ "هذه السياسات تتطلب وحدة وقوة وتماسك الشعب الفلسطيني ومكوناته المختلفة، والتوافق العاجل على إستراتيجية وطنية نحمي بها شعبنا وندافع عن حقوقه ومقدراته، ونواجه بها كل التحديات".
أمّا حكومة الوفاق الوطني الفلسطينية فقد اعتبرت "القانون الإسرائيلي"، محاولة أخرى لطمس الهوية العربية الفلسطينية، ومن اجل ارساء أسس العداء والبغضاء على أنقاض (السلام المنشود).
وقال المتحدث الرسمي باسم الحكومة يوسف المحمود: "إن ما اقترفته أيدي المسؤولين الإسرائيليين من خلال سنهم مثل هذا القانون العنصري المعادي لكافة قيم الحرية والديمقراطية والإنسانية، يعتبر شن حرب على أبناء شعبنا وارضنا في محاولة أخرى لاستهداف وجود شعبنا وطمس تراثه المجيد الذي يمتد الى بدايات فجر التاريخ."
وأضاف المتحدث باسم الحكومة إنّ القانون "يحض على تشجيع الاستيطان واعتباره قيمة عليا، وذلك في الوقت الذي تعتبر فيه دولة الاحتلال مستوطناتها الاحتلالية المقامة على أرضنا وعلى ممتلكات أبناء شعبنا جزءً منها، وهذا تحريض وتشريع باستمرار العدوان الاحتلالي الاستيطاني".
بدورها، اعتبرت القائمة العربية المشتركية أنّ "قانون القومية" من أخطر القوانين التي سنت في العقود الأخيرة، ويؤسس لنظام الابرتهايد، كونه يجعل التمييز ضد العرب مبررًا وشرعيًا، ورأت أنه قانون القومية كولونيالي معادي للديمقراطية، عنصري الطابع والمضمون، ويحمل خصائص الابرتهايد المعروفة.
ولفتت القائمة إلى أنه لا يوجد ذكر في القانون الجديد للديمقراطية والمساواة، وهو بمجمله مجموعة من البنود التي تؤكّد التفوق العرقي لليهود كأفراد وكشعب في كل المجالات، وهو لا يترك مجالًا للشك بأن هناك نوعين من المواطنة: لليهود مواطنة درجة أولى وللعرب درجة ثانية.
وأكدت أن جعل حق تقرير المصير حصريا لليهود، يعني نفي حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، ويبرر التفرقة في تحقيق الحقوق بين اليهود والعرب، ويحولها إلى تمييز شرعي على أساس عرقي عنصري. والمساواة، وفق هذا القانون، تنطبق على جميع اليهود في أي مكان، لكونهم يهودا. أما العربي فهو مستثنى، ويصبح التمييز ضده مبررا وشرعيا، وبحسبه يصبح الفلسطينيون غرباء في وطنهم.
وصوّت الكنيست الصهيوني، الليلة، على مشروع ما يُسمّى (القانون الأساس: دولة إسرائيل- الدولة القومية للشعب اليهودي)، بالقراءتين الثانية والثالثة ليُصبح قانون أساس، وذلك بتأييد 62 عضوًا ومعارضة 55، فيما امتنع عضوا كنيست عن التصويت.
وسبق تبني القانون ، نقاش حاد، أبعد خلاله النائب العربي جمال زحالقة شهرًا عن الكنيست بسبب وصفه أفي ديختر، رئيس جهاز "الشاباك" ووزير الأمن الصهيوني سابقًا، بالقاتل.
وفي ختام الجلسة مزق نواب القائمة العربية المشتركة "قانون القومية" ورموه بوجه رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو وأعضاء الائتلاف الحكومي، وعندها طلب رئيس الكنيست إخراجهم من القاعة.