Menu

العام الدراسي الجديد.. موت سريري للعملية الشرائية في غزة

غزة _ خاص بوابة الهدف _ علاء دردونة

قُرع الجرس ليعلن بدء عام دراسي جديد؛ يستقبل الأهالي في قطاع غزة عامهم الدراسي الجديد في ظل ضعف قدرتهم الشرائية نتيجة لسوء الأوضاع الاقتصادية الخانقة التي يعيشها قطاع غزة، جراء الحصار الصهيوني والعقوبات المفروضة من قبل السلطة الفلسطينية.

لم تترك الأزمة الاقتصادية مواطنًا أو مكانًا في غزة إلا وطالته؛ فالموظف والعامل جميهم يسعون لتأمين حياتهم في ظل أوضاع اقتصادية متردية، وتعدت لتطول طلبة المدارس وأهاليهم غير القادرين على توفير ما يلزمهم من أدوات الدراسة، بل وأثرت على التجار سلبًا بوضعهم تحت واقع الخسارة.

hhqCY.jpg
 

الخبير الاقتصادي سمير أبو مدللة، قال إن "القدرة الشرائية بمفهومها مرتبطة باقتناء المال، والسكان في غزة يعانون من أزمة اقتصادية، غير أنهم استقبلوا ثلاثة مواسم متتالية، وهي شهر رمضان وعيدا الفطر والأضحى، وأخيرًا عامًا دراسيًا جديدًا".

الأسباب

وأضاف أبو مدللة خلال اتصالٍ هاتفي مع "بوابة الهدف"، إن "أهم الأسباب التي تقف عائقًا في وجه الأهالي في غزة تتمثل بالحصار الاسرائيلي المفروض على القطاع منذ أكثر من 11 عامًا، فهو يسعى لإعدام أبسط مقومات الحياة في غزة".

وتابع: "الانقسام الفلسطيني يلعب دورًا في قلة فرص حصول المواطنين على العمل وبالتالي قلة اقتنائهم للمال، ناهيك عن الإجراءات العقابية التي تفرضها السلطة الفلسطينية على قطاع غزة المتمثلة بخصم رواتب الموظفين، إضافة إلى اقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بوقف دعم وكالة "الأونروا" في محاولة منه لتمرير ما تعرف "بصفقة القرن" المرفوضة فلسطينيًا شكلاً ومضمونًا".

وأشار إلى ارتفاع معدلات البطالة في قطاع غزة والتي وصلت إلى 46%، إضافة إلى أعداد الخريجين الواصلة إلى ما يقرب 120000 ألف خريج، غير الشكاوى المقدمة بحق آلاف الموظفين في المحاكم الفلسطينية نتيجة لعدم مقدرتهم على سداد الديون.

u4wqx.jpg
 

كل ذلك يلعب دورًا بارزًا في ضعف قدرة الأهالي في غزة وقلة اقبالهم على شراء مستلزمات الدراسة المتمثلة بالقرطاسية والأزياء المدرسية.  

أبو مدللة أردف خلال حديثه، إن "التعليم في غزة بات رهن الوضع الاقتصادي المتردي، وبالتالي يجب على المؤسسات الحكومية والخاصة والجهات الداعمة للقضية الفلسطينية الإسراع في إيجاد الحلول المناسبة لمكافحة كل الأسباب الواقفة عائقًا في وجه قطاع غزة كي يتمكن المواطنون من تعليم أبنائهم وأخذ حريتهم".

الأهالي والطلبة

المواطن محمد المقيد يرى أن اقبال المواطنين في غزة على شراء مستلزمات الدراسة ضعيف جدًا، وقال إن "اقبال المواطنين على اقتناء القرطاسية والأزياء المدرسية يبقى رهينة الوضع الاقتصادي الخانق الذي تُعاني منه كافة فئات المجتمع"، مُضيفًا "وصلت معاناة أهل غزة الاقتصادية إلى أن يذهبوا للأسواق دون اقتناء ما يلزم أبناءهم لاستكمال دراستهم نظرًا لعدم امتلاكهم المال الكافي".

أما الطالب فرج الله نصّار صاحب الـ16 عامًا يواسي نفسه في استقبال العام الدراسي الجديد، قائلاً "في الأعوام السابقة كان يغمرني الفرح عند بدء كل عام دراسي، حيث كنت أذهب لبوتيك الملابس وأبتاع الزي المدرسي ثم أذهب للمكتبات وأبتاع القرطاسية المدرسية، ولكن هذا العام لم أعد أقدر على إحضار الزي والقرطاسية، وذلك نظرًا للظروف الاقتصادية الخانقة التي لا أعانيها وحدي بل أصبح يعاني منها أهل غزة جميعهم"؛ مُعربًا خلال حديثه لمُراسل "الهدف"، عن خوفه من مستقبل التعليم في غزة؛ إذ بات الطلبة يتوقعون أن تؤثر حالة البلاد الاقتصادية المتردية على استكمال تعليمهم، كأن لا يقدر الطلبة أو أهاليهم في الأعوام القادمة على توفير مستلزمات الدراسة من قرطاسية وأزياء مدرسية أو حتى عدم قدرتهم على التسجيل في مقاعد الدراسة.

معاناة التجار

محمد الجملة صاحب بوتيك، يصف حالة التجار ما بين موسمي عيد الأضحى والعام الدراسي الجديد؛ فالتاجر الذي كان يستورد بضاعته بنسبة 100% أصبح يستوردها الآن بنسبة 50% أي بنصف النسبة السابقة، مُرجعًا ذلك إلى "غلاء أسعار المواد الخام وأزمة الرواتب في غزة والضعف الشديد في قدرة المواطنين الشرائية"، وهذا بدوره أثَّر على حركة السوق بشكلٍ عام، ما أضعف من دخل التجار في غزة إذ قل دخلهم من نسبة 100% إلى ما يقرب 30%.

وأضاف لـ "الهدف"، أن "التجار في غزة أصبحوا فاقدين الأمل بالربح لما بعد موسم العام الدراسي؛ فالمواطن الذي اقتنى ملابسًا للعيد وأخرى للعام الدراسي الجديد قد لا يهمه اقتناء الملابس لما بعد هذين الموسمين، ما يضطر ببعض التجار إلى إغلاق محالهم التجارية في حال لحقتها الخسارة".

Macvf.jpg
 

واتفق معه هشام حلاوين صاحب مكتبة الشيخ حمودة واصفًا ضعف اقبال المواطنين على شراء القرطاسية هذا العام "بالموت السريري للعملية الشرائية في غزة"؛ مُضيفًا في حديثه حول تأثير الوضع الاقتصادي وحالة الكساد المادية التي يعيشها أهل غزة على حالة التجار قائلاً "التجار لم يعودوا قادرين على احتمال الوضع الراهن، ففي الأعوام السابقة كنت أستورد بضاعة بالملايين، أما اليوم فأستورد بما قيمته أقل من 3000 شيكل، فالتاجر اليوم سواء بائع القرطاسية أم بائع الأزياء المدرسية أصبح عرضة للخسارة أكثر من الربح". 

باتت الحياة في غزة رهنًا للأوضاع الاقتصادية المتردية نتيجة لمناكفات سياسية بحتة، لم ترحم المواطنين الذين لا تتوافر لديهم أبسط مقومات الحياة، حتى أنهم باتوا غير قادرين على تعليم أبناءهم وتسجيلهم في مقاعد الدراسة، وعلى هذا يبقى السكان في غزة يتساءلون؛ إلى أي حدٍ يمكن أن تصل الأوضاع الاقتصادية بهم وبأبنائهم؟ وإلى متى سيدوم هذا الحال الذي يفرض سيطرته على حياتهم؟.