Menu

الفلسطينيون نجوا من كارثتين وسينجون من جديد

خاصنهاية لعبة ترامب في فلسطين

بوابة الهدف - ترجمة خاصة

قال ميتشل بليتنيك المدير السابق لمكتب بتسيلم في واشنطن، أن مسعى دونالد ترامب في الهجوم على الأنروا لا يستهدف فقط تصفية هذه المنظمة بل هي محاولة لتدمير الحركة الوطنية الفلسطينية برمتها.

وأضاف في مقال نشر على موقع "لوبي لوغ" أن رد الفعل على القرار الأمريكي كان على الأغلب سلبيا للغاية، وكانت الاعتراضات منصبة من جهة على أن القرار يتعارض مع مصالح الولايات المتحدة، وأنه يهدد أمن "إسرائيلي" من جهة أخرى، فيما يتحدث آخرون عن النتائج الكارثية على مصير ملايين اللاجئين الفلسطينيين الذين تخدمهم الأنروا. ويخلص في مقالته إلى أن الفلسطينيين الذين نجوا من كارثتين سينجون مرة أخرى وسيضطر العالم إلى مواجهة حقيقة استحالة إفناء الأمة الفلسطينية.

وقال بليتنيك، أنه صحيح أن هذه جميعها اهتمامات مهمة لأصحابها ولكن أيا منها لا يغوص في عمق قرار ترامب الذي جاء على ما يبدو بناء على طلب من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، دون أي تشاور مع أي شخص آخر في الحكومة "الإسرائيلية" أو المؤسسة الأمنية، وهذا القرار في جوهره هجوم مدمر على الحركة الوطنية الفلسطينية.

وأضاف الكاتب إن أكبر مشكلة واحدة في الصراع "الإسرائيلي"- الفلسطيني منذ عام 1948 ليست القدس ، والمستوطنات، والحدود، أو حتى الأمن. بل هي حق العودة الفلسطيني. وهذه هي القضية الوحيدة التي لم تناقش في الجدل “الإسرائيلي" مع استثناءات قليلة جدا على أقصى اليسار.

قضية اللاجئين هي أساس الحركة الوطنية الفلسطينية منذ عام 1948. وعلى مدى سبعة عقود، كان حق العودة للفلسطينيين قنبلة موقوتة يمكن أن تنفجر حتى لو كانت المحادثات حول كل تلك القضايا الأخرى ناجحة.

لم يغير ترامب السياسة، كما قال البعض، بدلا من ذلك، قام بسحب السياسة في الاتجاه الذي كان يتم تجنبه من قبل، ولنتذكر كلمات دان شابيرو، الذي كان سفير باراك أوباما في "إسرائيل"، وكان قد غرد “أنا 100٪ سأكون صادقا [مع الفلسطينيين] لن يكون هناك حق عودة أو أي نتيجة أخرى من شأنها تقويض طلب إسرائيل بالاعتراف بها كدولة يهودية. أنا أيضا سأكون صادقا لايمكن إنهاء الصراع إلا عبر دولتين لشعبين".

كما أشارت المحللة لارا فريدمان أنها " على الولايات المتحدة أن تقرر ليس من خلال المفاوضات بل من خلال قرارها الخاص بشأن ما هو ضروري لإسرائيل و ما يمكن / يجب على الفلسطينيين قبوله ".

يتبنى ترامب هذه الأفكار بطيش وقسوة، وقد أشار توماس فريدمان " أن "المواقف الأساسية لترامب وفريقه كانت متسقة ومتواصلة منذ ما قبل تولى ترامب السلطة. وكل عمل مدمر قد تدفق منها كان متوقعا ".

سواء كان تخليه عن حل الدولتين مع عدم وجود بديل (السماح بسياسات نتنياهو لملء الفراغ)، بغض الطرف عن التوسع الاستيطاني، ونقل السفارة من تل أبيب إلى القدس، مجرد تأكيد على المواقف اليمينية "الإسرائيلية"، أو الهجمات القاسية له على الأونروا، فإن ترامب يقود سياسته في "إسرائيل" و فلسطين على طريق واضح. مدفوع باليمينية التي يمثلها جاريد كوشنير وجيسون غرينبلات وديفيد فريدمان على النقيض من الحكمة التقليدية.

جزء من المشكلة مع إدارة ترامب هو أن الرئيس نفسه يقوم بتصريحات جريئة وغريبة غالباً ما يكون لها تأثير قوي على السياسة، لكن كبار موظفيه يعملون على شيء آخر. لذلك، عندما غرد خالد الجندي من معهد بروكينغز ان "على عكس الماضي حيث إدارات الولايات المتحدة التي عملت على الاستقرار الأمني وحتى الالتزام الأخلاقي وجميع العوامل المخففة، فإن نهج ترامب مدفوع بالكامل من قبل الإيديولوجيا [الاعتبارات السياسية] الداخلية، " وهذا صحيح، ولكن هذا قد لا يكون القصة بأكملها.

يشارك كل من كوشنر وغرينبلات وفريدمان في الحركات اليمينية المؤيدة "لإسرائيل" منذ فترة طويلة، على الرغم من أن هذه الحركات مدفوعة أيديولوجيًا بالتأكيد، إلا أنها أيضًا استراتيجية في نهجها، وقد عارضت هذه الحركات أوسلو وفكرة المفاوضات برمتها لأنهم يعتقدون أن المسار الدبلوماسي مبني على توقعات خاطئة: لا يمكن للقوة أن تقرر نتيجة هذا الصراع.

اليمين "الإسرائيلي" ونظرائه الأمريكيين يفهمون جيدا عدم توازن القوى بين الفلسطينيين و"إسرائيل"، و يعتقدون أنهم يجب أن يسحقوا التطلعات الوطنية الفلسطينية وأن "إسرائيل" يمكن أن تتغلب على رد الفعل العربي والعالمي حتى تسقطه، وقد تم توجيه سياسات ترامب بشكل غير متوازن عند هذا المخرج.

ملاحظة الجندي مهمة، يود ترامب أن يرضي شيلدون أديلسون، وهو من أكبر المتبرعين الجمهوريين، وأن يتمكن من بيع قصة لقاعدته الانتخابية حول حل النزاع و إذا فعل ذلك عن طريق تحطيم الفلسطينيين، فمن غير القانوني أن تهتم قاعدته بذلك. لكن هذا ليس سياسة أو استراتيجية.

لكن ترويكا غرينبلات وكوشنر وفريدمان تسعى لتحويلها لاستراتيجية، وهم يأملون أنه يمكن دعمها، حتى لو كان بالسر فقط، من قبل المملكة العربية السعودية و مصر والإمارات العربية المتحدة وأي شخص آخر يمكن أن يحضر معهم، وهم يعتقدون أنهم يمكن فرض شروط على الفلسطينيين أن تترك لهم شيئا للقتال من أجل وبعد ذلك إجبارهم على الاستسلام بحزمة إلى درجة تهدئتهم مع افتقارهم إلى الاستقلال. ستتحسن الحياة، مثل الولايات المتحدة، قالت السفيرة في الأمم المتحدة نيكي هالي.

كل ما يتوجب على الفلسطينيين فعله هو الموافقة على العيش تحت الاحتلال وقبول مصيرهم بهدوء، ويبدو أن فريق ترامب لم يعتبر أنه لو كان الفلسطينيون سيضطرون إلى القيام بذلك، لكانوا قد وافقوا في وقت ما خلال الـ 70 سنة الماضية.

في عام 2003، بعث الرئيس جورج دبليو بوش رسالة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون الذي قال انه لن يكون من المتوقع أن توافق "إسرائيل" على العودة إلى حدود 1967 ولا يتوقع أن تسمح للاجئين الفلسطينيين في العودة إلى الأراضي التي تشكل دولة "إسرائيل" لذا، فإن تصرفات ترامب في تحديد ما تم الاتفاق عليه على أنه "قضايا الوضع النهائي" بواسطة الإملاء ليست غير مسبوقة. لقد أخذهم ترامب بكل بساطة إلى أبعد من ذلك بكثير. لقد أزال إطار الدولتين، وأوضح أن النمو الاستيطاني هو امتياز "إسرائيلي" و"أخذ القدس من على الطاولة"، وهو الآن يستهدف اللاجئين.

هذا إلى حد كبير يغطي كل شيء، لن يبقى شيء للتفاوض، وهذا ما تفعله واشنطن، وليس "إسرائيل"، على الرغم من أن نتنياهو يدفع بشكل واضح من أجل هذا، رغم أن معظم الحكومة "الإسرائيلية" والأمن تركوا خارج هذه المداولات بشكل كامل، ومن المرجح جدا أن الكثير من اليمين الإسرائيلي لن يكون على هذا النهج المتهور.

الخطة لا يمكن أن تنجح، قد يؤدي ذلك إلى العنف الذي لا شك أن "إسرائيل" مستعدة لقمعه بقبضة من حديد، و من المؤكد أنها ستزيد من عزلة "إسرائيل" عن زوايا العالم الأكثر ليبرالية أو المؤيدة للفلسطينيين، لكنها مستعدة لذلك، حيث عزز نتنياهو علاقة "إسرائيل" بالقوى اليمينية في الولايات المتحدة وأوروبا وأماكن أخرى.

من حين لآخر، فإن النزع الذي تخلقه إسرائيل لنفسها سيكون له عواقب وخيمة، لن يسيطر الجمهوريون على سياسة الولايات المتحدة إلى الأبد، والاشمئزاز من تعامل "إسرائيل" مع الاحتلال يخلق معارضة كبيرة لها في الكثير من أوروبا وبين الليبراليين - حتى الليبراليين الموالين لها - في الولايات المتحدة، و في العالم العربي هناك انفصال غير مسبوق بين المصري عبد الفتاح السيسي المصري والسعودي محمد بن سلمان عن شعبيهما حول القضية الفلسطينية.

قد يواجه الفلسطينيون نوعًا جديدًا من الكارثة، سيؤدي إلى خسائر فظيعة أخرى. لكنهم نجوا بالفعل من اثنتين منها، قد لا يكونون حققوا الازدهار لكنهم نجوا ونجحوا وتضاعف عددهم ولن تنجح جهود ترامب في القضاء على الفلسطينيين كأمة، ولكن سيكون لها بالتأكيد عواقب وخيمة. بعد فشلها، ستقع على عاتق الولايات المتحدة وأوروبا الغربية مسؤولية الإيفاء بمسؤولياتها واستخدام مقاليد نفوذهما الكبيرة لحماية حقوق الفلسطينيين على نحو مثابر مثل حقوق "الإسرائيليين".