Menu

حكومة نتنياهو.. إلى المراقبة الحثيثة

خليل حسين

على قاعدة العدوان «الإسرائيلي» على غزة، وما أفرزته من تداعيات «إسرائيلية» داخلية وخارجية، تمكن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو من الإفلات من الورطة التي أوقعه فيها بعض الائتلاف الحاكم، على الأقل في المدى المنظور، وسط تشديد الخناق الرقابي على سلوكيات وقرارات حكومته، التي كانت قاب قوسين أو أدنى من فرط عقدها في ظروف «إسرائيلية» دقيقة، لا تحتمل في الأصل إجراء انتخابات مبكرة، في جو يشي بسقوط اليمين وصعود ما يسمى ب«اليسار» مجدداً إلى قيادة «إسرائيل»، وهي تجربة مخيفة لليمين «الإسرائيلي» بشكل عام؛ بالنظر للتجارب السابقة في هذا المجال.

فقد تمكن نتنياهو من إبعاد تفكيك الحكومة والحيلولة دون اللجوء إلى الانتخابات المبكرة، أقله في الأشهر القليلة القادمة من عمر حكومته المفترضة، عبر ثني رئيس «البيت اليهودي» نفتالي بينت، ورئيس حزب «كولانو» موشيه كحلون، من الاستقالة، وبالتالي إبعاد الفرصة من توفير الغالبية للمعارضة في الكنيست، وبالتالي إسقاط الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة.

فقد استمال كحلون عبر ملفات اجتماعية متصلة برفع الرواتب التي يطالب بها، ومع بينت، عبر إحراجه سياسياً باعتباره كمن يسقط حكومة اليمين في فترة حساسة، وإبعاد اليمين عن السلطة، كما جرى في العامين 1992 و1999، إضافة إلى الإيحاء بأن حكومته تسير في مواجهات عسكرية خارجية في حال لم تتم الاستجابة لطروحاته.

وعلى أي حال من الأحوال، ستبقى حكومة بنيامين نتنياهو تحت رقابة مشددة؛ بالنظر لعدم استنادها على تحالفات ذات وزن عددي في الكنيست، فقد وصلت فقط إلى 61 عضواً من 120، علاوة على هشاشة برامجها وكثرة معارضيها، إضافة إلى الصفعة القوية التي نالتها في مواجهات غزة مؤخراً، وعدم قدرتها في الفترة الحالية على الهروب إلى المواجهات الخارجية كما هي معتادة عليه.

وإذا كان نتنياهو قد تمكّن بقدرة قادر، من توليف تحالفاته مجدداً، فإن المدى الزمني للحكومة الحالية لن يطول لسنة قادمة، كما يتم الترويج له، فثمة أصوات «إسرائيلية» أخرى تتحدث عن إمكانية إجراء انتخابات في مارس/آذار المقبل، وإن كان هذا الطرح من باب إبقاء الضغوط على الحكومة، وإخضاعها لسلسلة من السياسات الخارجية والداخلية، التي لا تنتهي في مثل الظروف التي تمر بها الحكومات «الإسرائيلية» ومنها الحالية. 

وفي الواقع فإن تتبع الظروف السياسية الداخلية والتدقيق في تحالفات الحكومات «الإسرائيلية» المتعاقبة على السلطة، يشير بوضوح إلى هشاشة معظم التحالفات وقيامها على قواعد غير صلبة في كثير من الجوانب، مما يعرضها للتنكيل من خصومها. ومما هو لافت أيضاً في هذا الشأن، دوام تعرض الحكومات إلى الصدمات وهروبها بشكل مستمر إلى المواجهات الأمنية والعسكرية مع الخارج، وخاصة مع الفلسطينيين وغيرهم، وهذا الأمر ليس مستبعداً في المرحلة اللاحقة؛ إذ إن عقيدة حكام «إسرائيل» هي أنهم لا يطيقون في الأساس العيش في ظل توازن استراتيجي ليس لمصلحتهم. 

وبالتالي عادة ما يتم اللجوء إلى إعادة خلط الأوراق العسكرية والأمنية في أكثر الظروف الداخلية والخارجية حساسية بالنسبة لهم، وهي استراتيجية ترقى إلى مستوى الثبات في رسم الخريطة الاستراتيجية المتعلقة بالأمن «الإسرائيلي». 

وإذا كانت ثمة عوامل وظروف محددة مكّنت رئيس الحكومة نتنياهو من إعادة نسج تحالفاته بصعوبة بالغة؛ فإن إعادة آليات الحكم ووسائل المراقبة الدقيقة والحثيثة التي تجيدها المعارضة، ستضع الحكومة «الإسرائيلية» في وضع دقيق، من الصعب التفلّت من تداعيات إقالتها في أي منعطف متاح للمعارضة، وبالتالي فإن خيار الانتخابات المبكرة يظل سيفاً مسلطاً على الحياة السياسية «الإسرائيلية»، وهذا ما تم اللجوء إليه في العديد من الحقبات السياسية التي شهدت فيها «إسرائيل» أزمات ذات شأن خارجي، وخاصة في المسارات المتصلة بالفلسطينيين تحديداً.