Menu

الشعبيّة تُؤبّن رفيقها المناضل صلاح محمد.. وتُؤكّد على ضرورة انهاء الانقسام واستعادة الوحدة لمُواجهة "صفقة القرن"

كايد الغول

غزة _ بوابة الهدف

نظمت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، مساء الأربعاء، حفلًا تأبينًا لرفيقها القائد الوطني والمناضل التاريخي صلاح محمد "أبومحمد" بمُشاركةٍ وطنيةٍ وجبهاويةٍ واسعة تقدمها قيادات وكوادر وأعضاء الجبهة وشخصيات وطنية واعتبارية وعائلة الراحل.

وافتتح الرفيق زكريا أبو عبيد الحفل مُرحبًا بالحضور، مُستعرضًا مناقب الرفيق الراحل، داعيًا الحضور للوقوف دقيقة صمت، ومن ثم عُزف السلام الوطني الفلسطيني.

واستهل عضو المكتب السياسي للجبهة كايد الغول كلمته بالقول "لم أتخيل يومًا أن أقف لتأبين رفيقي وصديقي العزيز صلاح محمد الذي زاملته منذ منتصف ستينيات القرن الماضي عندما انخرطنا سويًا في حركة القوميين العرب، وتواصلنا في صفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وفي مجالات العمل المشتركة، سواء كانت في الساحة العربية أو العلاقات السياسية العربية أو دائرة العمل النقابي والجماهيري وغيرها من اللجان التي تشكّلت في مسار العمل".

واستذكر الغول "الخصال والسجايا التي تمتّع بها الرفيق الراحل صلاح محمد"، مُشيرًا إلى أنه "آمن بالفكرة واندمج فيها وعاشها، وبرز ذلك حينما انخرط في حركة القوميين العرب ومن ثم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، مُؤمنًا إيمانًا عميقًا بترابط النضال الوطني مع القومي، وقد جسّد ذلك في إطار نضاله السياسي والعلاقات السياسية العربية التي كان جزءًا من الفاعلين فيها، ثم عندما كان مُمثلاً للجبهة في الجزائر وصلاته التي أقامها مع قوى حركة التحرر العربي المُتواجدة هناك".

وقال الغول "صلاح لم ينتمي للحركة أو الجبهة من أجل امتيازات خاصة أو من أجل مواقع قيادية، وكان يدفع ثمن هذا الانتماء بجهده ومعاناته التي تضاعفت بابتعاده عن الوطن وهو الوحيد لوالدته، فقد آمن بالفكرة واندفع إليها مُقدمًا كل التضحيات المطلوبة لنجاحها".

وأضاف الغول "الراحل صلاح انتمى إلى "طبقته" مُدافعًا عنها بكل وعيٍ وإيمان، مُساهمًا في رسم سياسات أكدت على موقع الطبقة العاملة إلى جانب فئات الكادحين والفقراء التي ينتمي إليها باعتبارها العماد الرئيسي للثورة، وربط بعمق بين كلمة مناضل ومتطلبات هذا الوصف من حيث الشجاعة والتضحية والسلوك الثوري التي يتسم بها المناضل، لم يحسب حسابًا لربح أو خسارة، ولم يتردد في أي مهمات أوكلت له".

وتابع الغول "الراحل أبو محمد عمل في القطاع العسكري منذ بدايات تأسيس الجبهة الشعبية، حيث انخرط في القواعد العسكرية في الأغوار وواصل العمل في هذا الميدان مع انتقال الثورة إلى لبنان، ومن ثم ذهب للدراسة في الجزائر ثم عاد مُتفرغًا في صفوف الجبهة ومارس عمله السياسي والتنظيمي".

ولفت الغول إلى أن "الراحل كان من الرفاق الذين لم يترددوا عن تحمل أي مسئولية، ولم يختلق أي عقبات للهروب من أي منها، وقد غلّب دائمًا العام على الخاص"، مُؤكدًا أن "صلاح اتسم أيضًا بالتواضع الناجم عن الوعي وليس التواضع الناجم عن الضعف، فقد كان متواضعًا عن حق، دافئًا في علاقته مع رفاقه، كريمًا في بيته واستضافته لرفاقه، وكان صادقًا إلى أقصى الحدود، لم يُمارس الالتواء أو الكذب، صريحًا في طرح مواقفه السياسية والتنظيمية كما يراها، وصريحًا مع رفاقه وفي علاقته الاجتماعية".

وأوضح أن "الراحل كان ديمقراطيًا في بيته وفي علاقته مع الآخرين وفي حياته الحزبية، وبالرغم من أنه كان عنيدًا في الدفاع عن رأيه وفكرته، لكنه كان الأحرص دومًا على الالتزام بالمركزية الديمقراطية التي يفرضها الانضباط الحزبي، ولم يحول يومًا الخلاف مع أي رفيق أو شخص إلى خلافٍ شخصي، لدرجة أنه لا يوجد أي عداءات للرفيق الراحل"، لافتًا إلى أن "الراحل كان وحدويًا مُدركًا لأهمية الوحدة الوطنية، ومقتنعًا بقانون "وحدة نقد وحدة"، في إدارة التناقضات الداخلية وكان يُجسّد هذه القناعة في إطار علاقاته الوطنية ويدفع بها في النقاشات داخل صفوف الجبهة، لأنه يُدرك أن الوحدة شرطًا لازمًا للانتصار".

وفي الموضوع السياسي، شدّد الغول على أن "الوفاء للشهداء وفي ظل الوضع الفلسطيني الراهن والمخاطر التي تتعرض لها القضية الفلسطينية يستدعي مُعالجة قضيتين بشكلٍ عاجل، أولها إنهاء الانقسام، وثانيها مواجهة صفقة القرن التي باتت خطرًا مباشرًا ولم تعد مجرد تخمينات أو خاضعة لاجتهادات سياسية، حيث تم تجسيد بعض فصولها في قضية القدس واللاجئين ودعم استمرار الاستيطان، ويجري استكمال ما تبقى منها من خلال ورشة المنامة".

وقال الغول "لا يعقل أن نكون جميعًا مُدركين لمخاطر هذه اللحظة التي يجري العمل فيها على تصفية القضية الوطنية، والمخاطر الناجمة عن الانقسام وما لحق جراؤه بشعبنا من مآسٍ وأضرار طالت الحقوق والقضية، وأن يستمر بعضنا بهذا العبث المتواصل والمُتجدّد في ملف الانقسام، ثم نقول أننا نعاهد شعبنا أن نستمر بنضالنا حتى تحقيق الأهداف التي استشهدوا من أجلها، حيث لا يمكن للأهداف أن تتحقق في ظل الانقسام وحالة الضعف والانشغال والتآكل الداخلي".

وإدراكًا للخطر الذي تمثله "صفقة القرن" وورشة البحرين ، وفي ظل الموقف الفلسطيني الموحّد لرفض الصفقة والمُشاركة في الورشة، دعا الغول إلى "لقاءٍ وطنيٍ عاجل من أجل الوقوف أمام كيفية مواجهة هذه الصفقة التي تستهدف التصفية التامة لحقوق الشعب الفلسطيني، من خلال الاتفاق على استراتيجية وسياسات مُشتركة تتوحّد فيها جهود كل قوى وقطاعات شعبنا، والاتفاق على إدارة مشتركة لإفشال الصفقة، وقطع الطريق على أي فرصٍ لمرورها".

وقال الغول "على الأقل في هذه اللحظة علينا الامساك بهذه الحلقة، حلقة التصدي الموحّد لصفقة القرن إذا كان إنهاء الانقسام لا زال بعيدًا بعض الشئ، ومجرم من يُعطّل الجهود التي تُبذل الآن من أجل عقد لقاءٍ وطنيٍ شامل يستهدف توحيد طاقات شعبنا لمُواجهة الصفقة"، مُطالبًا "بعقد لقاءات شعبية فلسطينية في كافة أمكان تواجد شعبنا ليُعلن من خلالها توحده في رفض هذه الصفقة واستعداده لمقاومتها إلى أبعد الحدود، ثم استنباط الآليات التي نُدير من خلالها هذه العملية الكفاحية الجديدة لشعبنا بالترابط مع شعوبنا العربية وقواها الوطنية المدعوة للتحرك في بلدانها من أجل مواجهة حكوماتها التي يُمكن أن تُشارك في ورشة البحرين، أو تُشارك في تمرير الصفقة ومواجهة أية تطبيقات لها، وأي محاولات للتطبيع الرسمي العربي مع الكيان الصهيوني والذي يُشكل جوهر صفقة ترامب، وباعتباره يفتح الطريق لتصفية القضية الوطنية الفلسطينية".

وفي كلمة عائلة الراحل، عبّر الرفيق رضوان نجل الرفيق عن "شكره للجبهة الشعبية في قطاع غزة على هذه اللفتة الكريمة بإقامة حفل تأبين للرفيق الراحل".

وقال رضوان "قست علينا سنة 2019 كثيرًا يا رفاق، انتزعت منا أجسادًا حبيبة قدمت أعمارًا بأكملها أيامًا وشهورًا وسنين بل وعقود طويلة من الزمن لقضتينا الفلسطينية، ضحت بعمرها كاملاً لتحرر الشعب والأرض الفلسطينية، ففي 30/4/2019 غادرنا الأب الحنون والصديق الوفي والمعلم الطيب والرفيق الصلب والدي صلاح محمد صلاح".

وأكَّد رضوان في كلمته بأن "الكثيرين من بلدان العالم أجمعوا على طيبة قلب الرفيق صلاح، وابتسامته الدائمة والتي عكست دومًا تمسكه الشديد بنظرات الأمل ل فلسطين وثورتها وانتفاضتها ومقاومتها وصمودها، وصولاً لانتصارها"، لافتًا إلى أن "طيبة قلبه مع الكل من أطفال وشباب وشيوخ عكست تمسكه بدحر أي خلافات أو اختلافات أو جدالات دحرها دومًا باتجاه التناقض الأساس والوجودي مع الاحتلال الصهيوني".

وأضاف بأن "الراحل كان يردد دومًا "باختلافنا يجب أن نقوى"، لافتًا إلى أن "المشروع التحرري لدى المناضل الراحل لم يكن فقط بالعمل السياسي أو العسكري بل يبدأ من حياته الاجتماعية ومن خدمته لأبناء بلده، وأنه كان يستوعب الجميع بطالحهم وصالحهم".

وبيّن أنه "اعتبر العمل الوطني منظومة من القيم والأخلاق، يسمو بها إلى أعلى درجات النبل والعدالة الاجتماعية والإنسانية".

واستدرك رضوان "والدي الراحل كان ذلك الشاب المقاتل والمناضل من العام 65 من القرن الماضي، وهو الذي اشتعل شعره شيبًا وهو يذهب لفتح مكتب الجبهة ليبدأ يومه، فقد كان دومًا أول الواصلين للمكان في أي ندوة، وأول المتحدثين في أي نشاط للجبهة"، لافتًا أن "رفاقه الغوالي من الصحراويين والجزائريين بكوا الرفيق الراحل"، مشيرًا أن الرئيس الصحراوي أكد "أنه خسر وبألم مناصر كبير للقضية التحررية الصحراوية في العالم قاطبة".

وأضاف رضوان أن "فلسطين خسرت برحيل المناضل أبو محمد، منبرًا فلسطينيًا صادقًا وحقيقيًا ونقيًا في الجزائر، تحمَّل دومًا مشاقًا صحية ومعنوية من أجل الاستمرار بعمله الوطني، فلم يكن يبالي بتكالب المسئولين في المؤسسة الرسمية الفلسطينية وظلمهم للجبهة، مستمرًا في النضال لتحصيل حقوق أبناء شعبنا، وفي الوقت ذاته مُؤكدًا دومًا على أهمية منظمة التحرير وبأنها خط أحمر يجب الحفاظ على دورها الوطني التحرري".

كما أشار رضوان إلى أن "والده الرفيق الراحل سليل عائلة بكر الطيبة والعريقة والممتهنة للصيد"، لافتًا أنه "خرج في العام 1967 بحثُا عن حرية فلسطين"، مُؤكدًا في ختام كلمته وفائه وعهده لوالده الراحل الذي كان دومًا فارسًا أصيلاً وأبًا كريمًا ومعلمًا حبيبًا.

وتخلّل الحفل التأبيني الذي أُقيم في جمعية "بادر" بمدينة غزة، عرض فيلم وثائقي يلخص مناقب وحياة الرفيق النضالية الحافلة، ومن ثم تسليم عائلة بكر درع تكريمي وفاءً للرفيق المناضل الراحل أبو محمد.

a241a57f-5b2b-4864-a6e7-d0fd9adea9b0.jpg
a716b3d9-67c6-404f-9bce-7414379d27a7.jpg
14e35e55-6516-4564-8217-9f856dc9ce2e.jpg