Menu

عن التطبيع الرياضي من البوابة الفلسطينية

خاص بوابة الهدف

منذ البدايات الأولى للمشروع الصهيوني، سعى سدنتُه إلى اختراق الوجود العربي. المسعى ذاته لم ينقطع بعد قيام الكيان الصهيوني، بل وتضاعف بعد توقيع بضعة نظم عربية لمعاهدات مع هذا الكيان؛ فالتنبيش عمّن يقبل التعامل مع هذا الكيان أو شرعنة وجوده، لا يرتبط بسلم أو حرب، ولكن بإدراك هذا الكيان لسرطانية وجوده في هذه المنطقة، وعدم مشروعيته.

لا يقتصر الدافع الصهيوني من وراء التطبيع على فكرة البحث عن الشرعية، بل يتحفز هذا الجهد أيضًا بالبحث عن الهيمنة؛ الهدف الذي لم ينكره الكيان يومًا، سواء بمعنى الهيمنة الاقتصادية والعسكرية والسياسية والثقافية، ولكن الجديد في هذا المضمار تلاقي عرب كثر، وفلسطينيين أكثر للأسف، مع هذا الجهد الصهيوني.

على مدار سنوات طويلة، عملت الأسرة الرياضية العربية، ومعها كل أنصار فلسطين من الاتحادات الرياضية المختلفة على طرد الكيان الصهيوني من مختلف الاتحادات الرياضية، وصولًا إلى إخراجها من الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، بفضل المقاطعة العربية، ومقاطعة الأطر الرياضية الصديقة للشعب الفلسطيني والمناصرة لقضيته، وذلك في العام ١٩٩١، وهو ما عالجته المنظومة الاستعمارية المناصرة للكيان الصهيوني، وهو ما احتفى به كل فلسطيني بما في ذلك المنظومة الرسمية لإدارة الرياضة الفلسطينية. اليوم تأتي ذات المنظومة الرياضية الفلسطينية، ممثلة بالاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، لفتح أبواب للتطبيع العربي مع الكيان الصهيوني من البوابة الرياضية، تفعل ذلك بالتضافر مع نظم عربية تلهث للتطبيع مع الكيان الصهيوني، وتتوق لتوسيع تحالفها الذيلي معه، وتريد تسويق ذلك كإنجاز وطني فلسطيني، مستجلبًا فرق ومنتخبات عربية للدخول للأرض الفلسطينية بالتنسيق مع الكيان الصهيوني، وكأن التنسيق الأمني الذي يمارسه البعض الفلسطيني، وترفضه الأغلبية الساحقة من شعب فلسطين ليس كارثة كافية، فيتم البحث عن أبواب لتعميم هذا التنسيق الأمني مع الكيان على مساحات عربية جديدة.

إن استجلاب المنتخب السعودي لكرة القدم للعب مباراته مع منتخب فلسطين، على أرض فلسطين المحتلة، باذونات وتصاريح مع الكيان الصهيوني، ليس إلا أحد أساليب شرعنة العلاقة مع هذا الكيان، ودحرجة لكرة التطبيع على أرض فلسطين ومن خلال ملاعبها، ومحاولة لإسقاط كل المقولات الفلسطينية والعربية التي تعتبر أن الممارسة الاحتلالية الصهيونية، هي حائل أساسي أمام وجود حياة طبيعية في أرض فلسطين، بما يشمل الممارسة الرياضية التي يحول هذا الكيان دون طبيعيتها، بقتله لأكثر من ٧٠٠ رياضي فلسطيني واعتقال وإصابة آلاف غيرهم، وإغلاق الاندية الرياضية الفلسطينية، وحظر التنقل على الفرق والرياضيين الفلسطينيين داخل فلسطين.

الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، منذ توقيع اتفاقية أوسلو، حرص على استخدام كرة القدم كمدخل لتسويغ ثقافة التطبيع والاستسلام، تجاه مجرمي الحرب الصهاينة، في تناقض تام مع كل ما هو وطني فلسطينيًا، وبما يخالف الدور الأساسي المفترض للرياضة كأداة لنشر القيم النبيلة والسامية.

إنّ تضحيات الأبطال الرياضيين العرب مهنيًا وشخصيًا في سبيل الالتزام بمقاطعة الكيان الصهيوني أكبر وأعظم من أن تعد وتحصى، وخروق المُطبّعين أقلّ من أن تُسقط جدار المقاطعة الشعبية العربية للكيان الصهيوني، إذا ما قوبلت بالرد الجماهيري والشعبي الرافض من كل القوى والأطراف المناصرة للقضية الوطنية الفلسطينية، فلسطينيًا وعربيًا ودوليًا، وهو الواجب المطروح حاليًا أمام الجمهور الفلسطيني والعربي، واجب ردع المطبعين والحفاظ على ثقافة وممارسة المقاطعة، ورفض محاولة إسقاطها.