Menu

رأس المال: نهب الصمود

بوابة الهدف الإخبارية

وقفة غز.jpg

هناك خلل ملازم لشعارات الصمود بالحالة الفلسطينية، فغالبًا ما حافظ الخطاب الرسمي والوطني الداعي للصمود، على عزلته عن أي محاولة لتعريف هذا الصمود، على نحو يرفع للذهن صورة عن الصمود باعتباره تلقي الهراوات، أو الصبر على عمليات العقاب والحصار والتجويع.

يشكل الحفاظ على الموقف السياسي المكون الأساسي في حالة الصمود، ولكن إلى جانبه يقف العامل الاقتصادي كعنصر أساسي وضروري في خلق هذه الحالة وحمايتها، ذلك حين تخلق الحركة الوطنية سياق تحرري تجري فيه العمليات الاقتصادية برمتها، بما يحقق دورها في المواجهة.

 في الحالة الفلسطينية لا يزال المفهوم الحكومي والقيادي الغالب فيما يتعلق بإدارة الاقتصاد في مرحلة التحرر الوطني، هو إدارة الموازنة وتوزيع الرواتب والمخصصات، أو تقديم "منح مشوبة بالأذى" على من تتسلط عليهم السياسات الاحتلالية، وهذا كله بالطبع لا علاقة له باقتصاد الصمود، أو بناء عملية اقتصادية في خدمة العملية النضالية، بل هو نقيضها التام، وأداة إضافية في توهين صمود وهمم أبناء شعبنا الأبي.

إن تخيل امكانية مجابهة السياسات الاحتلالية في ظل اقتصاديات السوق المرتبط بالاحتلال، هو محض وهم، فما جنيناه من تغليب مصالح رأس المال المرتبط بالاحتلال، هو التبعية الاقتصادية المطلقة، والإضعاف الممنهج للقدرة والاستقلالية الاقتصادية للفرد والمجموع الفلسطيني. وفي الوقت الذي تجادل فيه نخبة أوسلو الاقتصادية والسياسية بكون الانتفاضة والمقاومة و"عدم الاستقرار" المرتبط بها، هو ما يخلق الضغوط الاقتصادية والمعيشية، تكمن الإجابة في حقائق رقمية بسيطة، فكم زادت أرصدة هؤلاء في ظل الانتفاضة وبعدها؛ حسابات بنكية وأسهم شركات تضاعفت قيمتها باضعاف مضاعفة، وأصول عقارية تتسع وتمتد وتتضاعف قيمتها كل يوم، ما يدلنا على تلك الثقوب التي تلتهم المال، فتكون كل لحظة ضعف وفقر تنال من الفلسطيني، هي نتاج لتزايد الحسابات البنكية والأصول الثابتة والمنقولة لهؤلاء.

اليوم وفي ظل الهجمة التصفوية الاحتلالية المتزايدة، ومع اتجاه السلطة الفلسطينية لصندوق أهلي لجمع التبرعات، كانت سخرية رأس المال الفجة من كل ما هو فلسطيني، وهو أمر لم يقتصر على ضآلة التبرعات المقدمة، بل التسليم أصلاً بمنطق التبرع في مقاربة هذه الأزمة، فلا أعدل ولا أوجب من إعادة ما نهبه هؤلاء من جيوب أبناء شعبنا، ووقف توظيف السياسة الفلسطينية كغطاء لعملية النهب هذه التي يلعب فيها رأس المال دور التابع والشريك للاحتلال.