Menu

من أرشيف الهزيمة الصهيونية عام 2006: السيد نصرالله: نصف الإعلام... نصف المعركة... نصف هزيمة "إسرائيل"!

نواف الزرو

نُشر هذا المقال في العدد الأخير من مجلة الهدف الإلكترونية

أربعة عشر عامًا على الحرب العدوانية الإسرائيلية على لبنان، وعلى الانتصار التاريخي للمقاومة اللبنانية.

أحد عشر عامًا على الهزيمة الإسرائيلية الحارقة التي لم تأتِ في حساباتهم الاستراتيجية أبدًا؛ أحد عشر عامًا وما تزال تلك الدولة مذهولة لا تصدق ولا تستوعب ما جرى هناك في الميدان اللبناني.. والنتائج التي خرجت بها التحقيقات التي أجراها نحو اثنين وخمسين طاقمًا عسكريًا إسرائيليًا في أعقاب الهزيمة الإسرائيلية أمام حزب الله في صيف/2006، كلها أجمعت على التفوق الاستخباري لحزب الله.

وفي إطار هذا التفوق، وبعد كل ذلك القصف المكثف المرعب للضاحية الجنوبية والمواقع الأخرى، والتي أخفقت تمامًا في اصطياد أي قائد من قادة حزب الله، كتب يوسي ملمان المحلل العسكري في هآرتس (1/8/2006) صارخًا: أين يختبئ قادة حزب الله بحق الجحيم...؟!". ولذلك، شرع الثالوث الاستخباري الإسرائيلي-الاستخبارات العسكرية والموساد والشاباك- عمليًا  بمهمة لجمع أكبر كم من المعلومات عن قيادات حزب الله؛ استكمالًا لاستعداداتهم الحربية. فالمسألة  مسألة وقت وتوقيت، والتوقيت بالنسبة لهم رهن باستكمال أكبر كم من المعلومات الاستخبارية حول خريطة منظومة الصواريخ لدى حزب الله، بل إن مصادر غربية تنبأت ب"أن إسرائيل ستبدأ الحرب في اللحظة التي يتاح لها اكتشاف مخبأ الأمين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله، مهما كانت الساعة أو الظروف أو أي شيء آخر... وعندها تكون ساعة الصفر في المواجهة المفتوحة التي تعتقد إسرائيل أنه من خلال اكتشاف مكان وجود نصرالله، تصبح قادرة على حسم نصف المعركة"، وذلك ليس عبثًا، ففي حساباتهم الاستراتيجية في المواجهة مع حزب الله، فإن السيد نصرالله، كان بمثابة نصف الحرب آنذاك.

فعسكريًا، بات هناك لديهم منذ /2006 استسلام للحقيقة الصارخة، بأن جيشهم الأسطوري قد هزم، ما فرخ بدوره تداعيات مرعبة بالنسبة لهم على مختلف الصعد المتعلقة بالثقة بقياداتهم وجيشهم ومعنوياتهم ومستقبل دولتهم؛ تداعيات توجت بسلسلة من الاعترافات والشهادات، بأن ذلك الجيش الذي لا يقهر، قد قهر وتقتقر وهزم  في لبنان، بل أكثر من ذلك، فإن النظريات الحربية لذلك الجيش تساقطت، ما كان أكده المحلل العسكري أمير أورن في هآرتس حيث قال: "إن نصر الله أفقد إسرائيل أركان نظريتها الأمنية".

فحينما أعلن الجنرال فيلنأي في أعقاب الحرب: "لم نعرف من نقاتل"، ويضيف محلل استراتيجي إسرائيلي: "إن الصفعة التي تلقيناها من حزب الله أضاعت قوة ردعنا". ويوثق الجنرال ديسكين: "أن أجهزة السلطة في إسرائيل إنهارت بشكل مطلق أثناء الحرب"، ويعززه الباحث ميرون بنفنستي قائلًا: "إن الحرب تعيد إسرائيل جيلًا كاملًا للوراء". ويشهد الجنرال احتياط بن العيزر ب:"أن الحكومة الإسرائيلية ذهلت من قدرة حزب الله على البقاء"، ليتبعه الجنرال احتياط أوري ساغي مؤكدًا: "إن حزب الله أصبح مشكلة إقليمية-استراتيجية"، وليستخلص المؤرخ المعروف توم سيغف: "أن نتائج الحرب على لبنان تحتاج إلى لجنة تحقيق تتألف من مؤرخين". يضاف إلى ذلك مئات الوثائق والشهادات الإسرائيلية وغيرها في السياق ذاته، فإننا نغدو عمليًا أمام حقيقة كبيرة ساطعة تكرست على مستوى الوعي الجمعي الإسرائيلي وهي: "أن إسرائيل العظمى"، منيت عمليًا بهزيمة حارقة على يد حزب الله لن تنسى على مدى الأجيال الاسرائيلية"، وأن ذلك "الجيش الذي لا يهزم"، قد هزم وتمرغ أنفه وردعه وهيبته في المستنقع اللبناني...! بل إنه كان من المحتمل أن تذهب الهزيمة إلى ما هو أبعد من ذلك، إذ كتب المحلل العسكري رون بين يشاي في "يديعوت أحرونوت" يقول: "ما حصل للجيش الإسرائيلي في الواقع يشبه الهزيمة التي مني بها الجيش الأمريكي في فيتنام"، بل وبرأي بن يشاي فإن "وقف إطلاق النار منع وقوع هزيمة أكبر بكثير أمام حزب الله".

فكلهم يعترفون اليوم إذن أن "إسرائيل"؛ هزمت على مستوى الاستراتيجية والاستخبارات ونظرية القتال والاستعداد والتنظيم، والقيادة والسيطرة، غير أن الهزيمة الإسرائيلية الكبرى أيضًا كانت على مستوى الحرب الإعلامية السيكولوجية، فإن كان "نحمان شاي" الإعلامي العسكري الإسرائيلي المعروف، قد ثبت في صحيفة معاريف: "أن الإعلام ذاته هو ساحة الحرب، وهو وسيلة غير عادية، وإسرائيل تدير أمورها عبر ثلاث وسائل: الجهد العسكري، والسياسي، والإعلامي.."، فإن حصيلة الحرب على لبنان، كانت هزيمة "إسرائيل"؛ عسكريًا وسياسيًا وإعلاميًا..!

الإسرائيليون كانوا ينتظرون خطابات نصر الله..

وفي السياق هذا، المتعلق بالتأثير الدرامي لشخصية وخطابات السيد نصرالله، تحدثت وما تزال مصادر إسرائيلية عديدة عن المصداقية العالية التي يتمتع بها السيد نصرالله لدى الرأي العام الإسرائيلي، لدرجة أن الإسرائيليين ينتظرون منذ ذلك الوقت، وعلى مدى السنوات الماضية خطاباته بفارغ الصبر ويعتبرونها بوصلة لهم لما هو آت.

وتبين من دراسة إسرائيلية عالجت الحرب الإعلامية النفسية المعنوية التي جرت بين "إسرائيل" وحزب الله إلى أي حد، وأي مدى نجحت الحرب النفسية المعنوية التي خاضها حزب الله، في التأثير على المجريات الحربية وعلى الرأي العام الإسرائيلي الذي منح ثقته للسيد حسن نصرالله على حساب "قادة إسرائيل". وأشارت إلى "أن الجمهور الإسرائيلي كان ينتظر-خلال الحرب- بفارغ الصبر خطابات الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، بسبب صدقيتها أساسًا، وأن الجمهور يمنح نصر الله علامة أفضل بالمقارنة مع الناطقين باللغة العبرية/ النص نقلًا عن موقع عرب 48 على الانترنت/ 9/4/2006".

وفي إطار الدراسة التي كان عنوانها "إدارة الإعلام أثناء حرب لبنان الثانية"، طلب من أعضاء 6 مجموعات مشاهدة شريط فيديو عرض فيها الإعلام الإسرائيلي في الداخل والخارج، الإجابة على نماذج أسئلة.

وبحسب أقوال د. ليفل من جامعة بن غوريون الذي أجرى في السابق عدة دراسات حول الإستراتيجية الإعلامية وعلم النفس السياسي وعلاقات الجيش مع وسائل الإعلام، فإن نتائج البحث أظهرت أنه في حالات كثيرة كان الجمهور يضطر إلى الاعتماد على تصريحات الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، ويقول: "مقابل قائد إعلامي مثل نصر الله، كان على المؤسسة الإسرائيلية أن ترد بنفس المستوى على الأقل"، ويضيف: "القائد الإعلامي يمنح المشاهد 3 مرتكزات: تأملات وتأكيد وصدقية"، وبحسب أقواله، فإنه لدى سؤال المشاركين في الدراسة حول من قدم لهم "التأكيد" حول مواصلة الحرب، ولمن ينسبون "الصدقية"، كانت الأجوبة تقول أن الجمهور الإسرائيلي أشار إلى خطابات نصر الله كمن زودته بالعنصرين".

ويستخلص ليفل: "وصلنا إلى وضع جنوني.. حالة نفسية لا تخطر ببال أحد، فبدلًا من أن ينتظر الجمهور الإسرائيلي ناطقًا قوميًا يوضح له ماذا يحصل في كل يوم، ويقلص الفوضى ويرتسم كصادق، فقد حصل ما لم يحصل من قبل.. الجمهور لجأ إلى القائد الذي نحاربه، وجلس بفارغ الصبر ينتظر خطاباته".

صواريخ سيكولوجية عابرة للمعنويات الإسرائيلية...!

تفوق السيد نصرالله، كما جاء في استطلاع مثير للرأي العام الاسرائيلي أجراه د. شاؤول كمحي من كلية علم النفس في جامعة تل حي،  والبروفيسور يوحنان أشيل من جامعة حيفا على قادة "إسرائيل" وجاء أيضًا: "أن حسن نصرالله هزم أولمرت-حينما كان رئيسًا للوزراء- وفق كافة المعايير.. إذ عرض نصرالله كأيديولوجي وصاحب رؤية ويعمل وفق تخطيط بعيد المدى.. وقد حصل نصرالله على 5.5  نقطة، مقابل 3.9 فقط، حصل عليها أولمرت". ويضيف الباحثان الإسرائيليان "أنه رغم كونه عدوًا صعبًا، إلا إن الإسرائيليين وجدوه أنسب من أولمرت لموقع القيادة خلال الحرب../ يديعوت". 

وما بين ذلك الوقت واليوم، أي بعد أربعة عشر عامًا على الحرب؛ تعززت الاستخلاصات المشار إليها أعلاه على نحو مذهل، ف"ما زال الأمين العّام لحزب الله اللبنانيّ، السيّد حسن نصر الله، موضع بحثٍ لدى كبار صنّاع القرار في الدولة العبرية، وفي مراكز الأبحاث بتل أبيب التي تُحاول سبر أغوار هذه الظاهرة التي ما زالت تقض مضاجع الإسرائيليين، قيادةً وشعبًا. فقد خاض الشيخ نصر الله نصف الحرب النفسيّة بالكلمات والعبارات التي حرِص على انتقائها خلال إطلالاته الإعلاميّة، وأكثر ما يُغيظ الإسرائيليين أنّ العديد من الخبراء والمُختّصين والمُحلِّلين في الغرب المؤيِّد لإسرائيل، باتوا يُغرِّدون خارج السرب؛ الأمر الذي يُضفي بحسبهم الشرعيّة والمصداقية على أقوالهم "رأي اليوم – من زهير أندراوس 10/5/2020".

فعلى سبيل الذكر لا الحصر، يقول الدكتور نورمان فنكلشتاين، وهو أستاذ جامعيّ أمريكيّ يهوديّ، مُختّص في العلوم السياسيّة، لطلّابه في إحدى المحاضرات: "إنّ نصر الله هو القائد السياسيّ الوحيد الذين تتعلّمون من خطاباته، فهو مُعلِّم؛ نصر الله ليس مُبتذلًا كأوباما، لم أعُد أستطيع تحمّل أوباما أكثر من ذلك، فهذا الرجل يقودني إلى الجنون. وتابع قائلاً إنّ نصر الله يعلم كلّ شيءٍ عن المجتمع الإسرائيليّ من خلال الإعلام العبريّ، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ لدى الإسرائيليين كميّةً كبيرةً من الأكاذيب، وعلينا فضح ذلك كلّه، على حدّ قول الدكتور فنكلشتاين". وتابع الدكتور اليهوديّ-الأمريكيّ قائلاً لطلّابه: "نصر الله يقرأ كثيرًا عن الأعداء، أيْ الإسرائيليين، ويبحث عن نقاط ضعفهم لكي يقوم باستغلالها في خطاباته وفضحهم وجلب العار لهم، وحزب الله ما زال معنا، وهذا هو السبب لكون القوى السائدة في العالم تتآمر عليه. قال د. فنكلشتاين، وتابع: يُريدون تدميره ليس لأسبابٍ دينيّةٍ، إنمّا لأنّه ذكيّ ومُختَّص، وهو مُرعِب المُرعِبين".

وكان الصحافي الإسرائيليّ داني روبينشتاين، قد وثق في هأرتس بتاريخ 27/1/2014 قائلًا: "حسن نصر الله هو شخصية عظيمة، تشخص لها أبصار الفلسطينيين والشارع العربيّ، بدرجةٍ تفوق عبد الناصر في زمنه، عبد الناصر صمد في حرب حزيران ستة أيام، أمّا حسن نصر الله، فقد حبس رُبع سكان إسرائيل في الملاجئ أكثر من أربعة أسابيع".

وقبل ذلك كشف تقرير استخباراتي عسكري "أن السيد حسن نصر الله هو أول زعيم عربي يكون لخطبه تأثير على الرأي العام الإسرائيلي منذ الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر في الستينيات من القرن الماضي"، ونقلت صحيفة "هآرتس العبرية في 15/7/2010: أن ضابط الاستخبارات الرئيسي فى القيادة المركزية للجيس الإسرائيلي، قام بدراسة خطب نصر الله خلال حرب لبنان الثانية، وحللت الدراسة عشر خطب له أذيعت خلال الحرب التي استمرت 33 يومًا، وقال الضابط –كولونيل رونين-: "إن الخطب كانت إلى جانب الصواريخ التي أطلقت على إسرائيل سلاحًا هجوميًا فى الحرب مع إسرائيل، كما أنها كانت الوسيلة الوحيدة التي يمكن أن يوصل من خلالها نصر الله رسالته إلى جمهوره على اختلافاتهم".

ويجمع الإسرائيليون اليوم- من الجنرال إلى القائد السياسي إلى الأيديولوجي إلى المواطن العادي-على أن السيد حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله؛ كان نصف الإعلام.. ونصف المعركة.. ونصف "هزيمة إسرائيل"، وأن خطاباته شكلت صواريخ سيكولوجية عابرة  للمعنويات الإسرائيلية. 

مصداقية نصر الله في الحرب القادمة

واستتباعًا، ونحن اليوم أمام الذكرى الرابعة عشرة للعدوان وهزيمة العدو الإسرائيلي، فإن المؤشرات تؤكد أن الكيان يستعد لعدوان جديد على لبنان، والمؤشرات حول النوايا العدوانية الجديدة تتراكم. فلم يعد سرًا أن المؤسسة العسكرية الأمنية السياسية الإسرائيلية تجمع منذ ذلك الوقت على أن "إسرائيل"، لا يمكنها أن تتعايش مع  حزب الله مدججًا بالعقيدة والإرادة والقيادة الفذة والاستراتيجية والتدريب والتنظيم الفولاذي، كما لا يمكنها أن تتعايش على نحو حصري، مع ذلك المخزون الصاروخي الهائل بحوزته الذي يطال كافة المدن والأهداف الإسرائيلية على امتداد مساحة فلسطين، والأهم من كل ذلك أنها لا يمكنها أن تتعايش مع قائد كبير فذ صادق تفوق شعبيته-كارزميته- ومصداقيته شعبية ومصداقية أي زعيم عربي أو حتى أممي على الإطلاق...! ولذلك غدت "إسرائيل" بكاملها -مؤسسات عسكرية امنية استخبارية سياسية أكاديمية بحثية وإعلامية، إضافة إلى الرأي العام الإسرائيلي-  تتابع متابعة حثيثة تحركات وخطابات وتحذيرات وتهديدات السيد نصرالله، ببالغ الاهتمام والترقب والتحسب، فهو يفعل ما يقول، ويقرن الأقوال بالأفعال على نحو يثير ذهولهم على مختلف انتماءاتهم ووظائفهم وأدوارهم.

وفي بحثه العلميّ عن العلاقة بين الإعلام والجيش في حرب لبنان الثانيّة، أكّد د. أودي ليبل، أستاذ العلاقات الدوليّة في جامعة بئر السبع، أنّه توصّل لنتيجةٍ قاتمةٍ للغاية حول الدعاية الإسرائيليّة: "لقد وصلنا إلى وضعٍ من الجنون، فعوضًا عن قيام الجمهور الإسرائيليّ بالاستماع إلى الناطق الرسميّ في الكيان حول مجريات حرب لبنان الثانيّة في صيف العام 2006، فإنّه توجّه إلى ألّد الأعداء، أي زعيم حزب الله حسن نصرالله، لكي يعرف ماذا يدور في أرض المعركة، وهذا العدوّ هو الذي كنّا وما زلنا نحاربه- كما نشر في موقع (YNET) الإخباريّ -العبريّ– "رأي اليوم 19/7/2020، ترجمة زهير أندراوس". ويضيف: "ولا يختلِف عاقلان في أنّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، حفر عميقًا في الوعي الإسرائيليّ، لا لأنّه الشخص الذي يقف على رأس الجهة التي تمثل التهديد الاستراتيجيّ الثاني لإسرائيل بعد إيران فحسب، بل أيضًا باعتباره رمزًا للمصداقية والمعرفة العميقة بمجتمعها وعسكرها وسياسييها، إلى درجة بات فيها اسمه في المفردات العبرية المتداولة لدى العامّة والخاصّة، دلالة على كلّ ما يهدد إسرائيل والإسرائيليين، جماعة وفرادى".

الأمر الذي ينسحب على احتمالات الحرب القادمة...!

ففي آفاق الحرب القادمة التي تعد "إسرائيل" العدة لها، فعندما يعلن نصرالله على سبيل المثال: "أن إسرائيل يمكن أن تشن حربًا على لبنان.. نحن لا نريد هذه الحرب، لكن إذا هجمت إسرائيل علينا، فإن مقاوتنا ستسحق وتدمر وتشتت جيشها وستضيع فلوله.. وسيتغير وجه المنطقة؛ لأنه إذا حطمنا جيشها (إسرائيل) وسنحطمه وندمره في لبنان، عندها أي مستقبل لإسرائيل.. عندها سنذهب بالسيارات والباصات إلى بيت المقدس؛ السبت 19/9/2009"، فإن في ذلك دلالات حقيقية ومصداقية،  يلتقطها الإسرائيليون بلا شك وبلا تردد، بل وبمصداقية عالية!

وحينما يعود ليعلن مرة أخرى: "سنغير وجه المنطقة في أي مواجهة مقبلة مع إسرائيل، وسنصنع النصر التاريخي الكبير؛ الجمعة 15/1/2010"، فإن ذلك يعني بالنسبة لهم أن حزب الله، بات يمتلك المزيد من الأسلحة الاستراتيجية والمفاجآت القادرة على تغيير مجريات الحرب والنتائج والخرائط، وهم أيضًا يصدقون السيد في ذلك.

وحينما يعود علينا مرة ثالثة ليعلن: "أن حزب الله سيقصف البنى التحتية في إسرائيل، وهو "يملك الإمكانات لذلك"، ف"إذا ضربتم مطار الشهيد رفيق الحريري الدولي في بيروت سنضرب مطار بن غوريون في تل أبيب؛ إذا ضربتم موانئنا سنقصف موانئكم؛ إذا ضربتم مصافي النفط عندنا سنقصف مصافي النفط عندكم؛ وإذا قصفتم مصانعنا سنقصف مصانعكم؛ إذا قصفتم مصانع الكهرباء عندنا سنقصف الكهرباء عندكم؛ وكالات 16/2/2010"، فإنهم هناك في الكيان يفتحون أفواههم ذهولًا من هول التهديد.. وليس في ذلك أية مبالغة أبدًا... فإن كان السيد نصرالله يحظى بشعبية ومصداقية عربية إسلامية جارفة على امتداد مساحة الأمة، كما تثبت مجسات الرأي العام في كل مكان، فإن مصداقيته على مستوى الكيان الصهيوني؛ كبيرة راسخة متزايدة مدعمة باقتران أقواله بأفعاله في كافة محطات الحروب والمواجهات في الساحة اللبنانية، بل إنه يحظى بمصداقية تفوق مصداقية قياداتهم العسكرية والسياسية والإعلامية... بل إن السيد نصرالله في حساباتهم: نصف الإعلام والحرب المعنوية والنفسية... نصف المعركة... نصف هزيمة "إسرائيل"..! بل إنهم يعتقدون أن حزب الله بقيادته يشكل خطرًا وتحديًا استراتيجيًا حقيقيًا يقض مضاجع المؤسسة والقيادات والمجتمع الإسرائيلي.