المتابع لوسائل الإعلام والصحافيين الإسرائيليين لقرار السلطة الفلسطينية بالتحلل من قرارها؛ بالتحلل من الاتفاقيات مع إسرائيل وعودة التنسيق مع إسرائيل يشعر بالحزن والغضب على حالنا، والسخرية والشماتة والغطرسة في التعليقات وتناول الموضوع، وإعلان الانتصار، والقول أن السلطة وجدت في فوز جو بايدن بالرئاسة الأمريكية سلم للنزول عن الشجرة، وأنها لا تستطع الاستمرار بدون إسرائيل.
قرار السلطة التحلل من الاتفاقات ووقف التنسيق المدني والأمني والتراجع عنه بعد ستة أشهر، وما عانه الفلسطينيون في قوتهم وصحتهم وآثار ذلك الكارثية على الناس، منذ البداية قرار التحلل آثار السخرية والكذب والتضليل، خاصة في موضوع التنسيق الأمني.
تعمدت السلطة عدم التمييز بين الاثنين؛ فالتنسيق المدني تقوم به وزارة الشؤون المدنية في الأمور الحيايتة اليومية والاقتصادية والصحية، والتنسيق والتعاون الأمني كما تحب إسرائيل تسميته هو موضوع مختلف تمامًا، وتقوم به الأجهزة الامنية الفلسطينية بدون خجل أو وجل، وهو سيف مسلط على الفلسطينيين، ويقدم خدمات جليلة للاحتلال الإسرائيلي؛ في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية والجيش الإسرائيلي شعروا بالسعادة وتنفسوا الصعداء على أثر قرار استئناف التنسيق الأمني، حيث تم تعريف عدم التنسيق في الأمني خلال الفترة الماضية بأنه "عظم في الحلق".
المتابع لمجريات الأمور وكيف تدار السلطة الوطنية الفلسطينية وطبيعة علاقتها بإسرائيل؛ يعلم تماماً أن قرار السلطة الفلسطينية بعودة العلاقات والتنسيق مع إسرائيل، خاصة التنسيق الأمني لم يكن مفاجئاً، حتى عندما اتخذ قرار التحلل من الاتفاقيات مع إسرائيل، أيضاً كان قرارًا مؤقتًا ولفترة زمنية محددة، من أجل الضغط على إسرائيل.
إن قرار السلطة الذي اتخذته قبل 6 أشهر، والذي بموجبه رفضت السلطة استلام أموال المقاصة، والتي هي حق للفلسطينيين، لم يكن هذا القرار استراتيجياً ووطنياً وتنفيذاً لتوصية المجلس المركزي بوقفه، لا سيما أن وقف العلاقات كان هناك هدفاً تكتيكياً للسلطة الفلسطينية للضغط على إسرائيل، وفشلت السلطة كما هو متوقع؛ من أن ينتج عنه شيء سوى العودة المهينة.
السلطة الفلسطينية تعزز يوميًا فقدانها للمصداقية وعدم ثقة الناس بها والشعور بالمهانة والدونية والذل، وتعمل بعلم أو بدون علم على تفكيك المجتمع الفلسطيني وتشظيه وتعزيز ضعفه، وأقسى ما يشعر به المرء هو ما تمارسه القيادة والنظام الفلسطيني من ذل ومهانة للفلسطينيين بذريعة المصلحة الوطنية.
ستة أشهر من القهر والفقر، والمتاجرة بقوت الناس من أجل ما تسمى المصلحة الوطنية، وإعلان الانتصار، والمنتصر الوحيد هو ممثل الاحتلال (المنسق)؛ السلطة ساهمت وتساهم في إنتاج الذل والمهانة وتعزيز قوتها وسلطتها وفجورها والهرولة إلى جلادها الاحتلال الإسرائيلي مصدر الذل والمهانة لها لحماية نظامها ومصالحها.
قرار عودة العلاقات مع الاحتلال يمثل ضربة لجهود المصالحة الوطنية، ويؤكد بأن كافة القرارات التي اتخذتها تأتي في سياق سياسة الانتظار التي يهواها الرئيس عباس، ويدفع ثمنها الشعب الفلسطيني. وكل ما جرى منذ ذلك الحين هو مضيعة للوقت، وأن السلطة عملت لصالح كسب مزيدًا من الوقت، وهي تبني آمالًا على الإدارة الأمريكية الجديدة.
لن تكون هناك مفاوضات حقيقية قريبًا، والقضية الفلسطينية لن تكون على رأس أولويات الإدارة الأمريكية، وأمامها مهام ومشكلات داخلية وخارجية ملحة أكثر أهمية من القضية الفلسطينية.، والسلطة التي أعلنت الانتصار لذاتها ومصالحها وامتيازات المسؤولين فيها والحفاظ على مكتسباتهم، ولا تزال تنبي أوهام، وقدرة بايدن على قدرته لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بشكل نهائي وبسرعة.