Menu

الركن الشديد: نقاتل معًا وننتصر معًا

بوابة الهدف الإخبارية

خاص بوابة الهدف

من غزة المحاصرة، اختارت فلسطين أن تصدح بصوتها المقاوم، وتعيد تصويب بوصلة الكثيرين، فالخيار في مواجهة الاحتلال هي وحدة النضال والاصطفاف في الخندق الواحد، الهوية واضحة وهي فلسطين المقاتلة المكافحة ضد الصهيونية التي لن يعرف شعبها الاستسلام.

ربما لدى الكثير من الوطنيين مئات الملاحظات على المنظومة السياسية والبنية والأدوار الفصائلية، لكن المؤكد أن اليوم هو مفخرة لفلسطين وأهلها، إذ تنهض هذه البقعة المحاصرة لحوالي عقدين من الزمن، لتؤكد أسطورة مواجهة المظلومين المحاصرين وأبناء الشعوب المفقرة لطغيان الغزاة المستعمرين، فبقدر ما تمثل فلسطين نموذج لتراصف قوى الظلم والعدوان في هذا العالم، وما يمثله حصار غزة ومعاناة أهلها كشاهد على صلف القوى المهيمنة في هذا العالم، والضعف والتشرذم العربي، لقد أحالت فكرة المقاومة والصمود والرفض لكل معادلات الاستسلام وشروط القوة الغاشمة، أحالت هذا الوجود المعذب المحاصر في غزة لواحد من أبرز عناوين الصمود الفلسطيني والقدرة على المقارعة، المقاومة جدوى مستمرة، ليس مجرد عبارة اختطها شهيد من تخوم القدس المحتلة، ولكن معنى منتج وفاعل وعملاني وعقلاني، فبقدر ما يلتصق الفلسطيني بتشخيصه للاحتلال والمشروع الصهيوني كعدو أبدي نقيض للوجود الإنساني لشعب فلسطين، فإنه يقدم من خلال مقاومة هذا المشروع الكثير لا لأجل فلسطين الجغرافية فحسب، ولكن لأجل الانسانية.

لقد حظت غزة كجغرافيا دحر عنها الوجود البري المباشر للاحتلال، بآمال الفلسطينيين ورهاناتهم، ولم يحتاج أهلها لإثبات شيء جديد، فقط تأكيدهم الدائم على حقيقة وجودهم الفلسطيني الإنساني الشجاع، ورفضهم الجذري للمشروع الصهيوني، وعلى هذا تضافر شعب فلسطين ومن آمن بقضيته، ليكون هذا الوجود المسلح، ويكتسب حيويته وإرادة قتاله، ويدرك ذاته أكثر وما يمثله ليس لفلسطين فحسب، بل لكل الشعوب المضطهدة.

إن مستقبل فلسطين المحتوم هو الانتصار على المشروع الصهيوني، لكن مدى تحقيق هذا الانتصار وكلفته مرهون بالحفاظ على هذه الوحدة التي جسدتها المقاومة اليوم، وتجسيد الالتزام العميق تجاه جماهير هذا الشعب التي حملت عبء المقاومة وشكلت ولا زالت تشكل حاضنتها، وتدفع أثمانها، فما هذه الأسلحة والتجهيزات، إلا نتاج لرؤوس مرفوعة رفضت الانحناء أمام غطرسة وجبروت العدو، وانتفضت في وجه عوامل الإبادة وأدوات المجزرة، هذه الهامات ستبقى مرفوعة وهذه رؤوس لن تنكسر، بل ستزدهر ارادتها وتنشر ارادتها بالحرية أكثر، وتكرس ذاتها كهوية لفلسطين المستقبل، ونموذج لعالم أفضل يندحر فيه الطغاة المستعمرين أمام إرادة الشعوب وصمودها، ذلك سيتحقق حتمًا بإدراك أن الوحدة الوطنية الفلسطينية، ليس فقط بين المكونات الفصائلية، بل هي وحدة إرادة الانتصار والعيش الحر، وحدة حول مفهوم الكرامة، والإخاء، والإيمان بالحقوق الكاملة لكل فلسطيني، وكل انسان.