Menu

المقاومة

بوابة الهدف الإخبارية

خاص_بوابة الهدف

المقاومة هي نقيض للهزيمة، تخرج من رحمها، كطريقٍ لتحقيق نصرٍ قد استحال في معركة غير متكافئة، وفي الحالة الفلسطينية كان تفجير المقاومة المسلحة وتنظيمها، هو الاستجابة الكبرى من هذا الشعب على الغزو الاستعماري منذ بدايته، وعنوان لانطلاق الثورة الفلسطينية الحديثة، وطريق للتحرير في أدبيات هذه الثورة وفصائلها. وإذ يبدو رهان العدو على تحطيم إرادة القتال لدى مجموع الشعب الفلسطيني والشعوب العربية، محكوم بطبيعة العلاقة الصراعية، فإن الهجوم على المقاومة كبنية أو فكرة، يرتبط بمساحة أوسع من السلة المباشرة للأعداء، فمن يلحق بهم العدو الهزيمة النفسية هم مؤهلين لحمل خطاب الهزيمة واليأس من أي فرصة للانتصار، والانضمام لمحاولات تضخيم المخاوف والاستثمار في سمعة العدو الإجرامية المعروفة كأداة لنشر الرعب والفزع. ورغم أن للمقاومة الفلسطينية كما أي عمل ثوري عيوبها، قلت أو كثرت، لكن هذه الإشكاليات والعيوب ليست موضع لحساسيات شخصية، بل شأن وطني عام يتم مقاربته بوعي كامل بموقع هذه المقاومة في معادلة الصراع مع العدو، وعلى قاعدة الحاجة الدائمة لتطوير المقاومة كإطار وطني لردع العدو الصهيوني ووضع حد لجرائمه وصولًا لإلحاق الهزيمة به. ولعل هذه الأخيرة أي مقاربة الشأن العام وبناء المواقف فيه حسب الأهواء والانحيازات والمزاجات الشخصية، ظلت سمة فتاكة عصفت بالفعل الثوري الفلسطيني عبر مراحله الطويلة وألحقت به أضرارًا عميقة، وتركت تبعاتها على العديد من جوانبه، وشكلت أداة للعدو للنفاذ والإضرار بالمقاومة والاستخدام الدعائي ضدها.

مع ذلك فقد أثبت شعبنا قدرته على تطوير الفعل المقاوم، وصيانة مساره على نحوٍ مستدام، ولفظ كل الطفيليات والمتسلقين وأصحاب النزعات الذاتية، والتقدير السليم الذي يميز بين الحرص الوطني وأصواته النقدية المطلوبة، وبين تلك النزعات الذاتية الهدامة، ودورها في خدمة مصالح أصحابها أو مشاريع العدو.

أخيرًا.. يبدو أن قرار العدو في السنوات الأخيرة وبعد أن عجز عن هزيمة المقاومة في ساحات الفعل وميادين القتال، وباتت الانتصارات السريعة السهلة أحلام بعيدة المنال، بات قرار العدو هو الاستثمار في عامل الرعب والهيمنة على الوعي العربي والفلسطيني، وهو سلاح يوقع ضحايا بين الفلسطينيين وحتى في صفوف المقاومة، فهناك من يصرع هذا السلاح عقله، ويتمكن منه، فتصبح خبرته بشأن العدو مجرد أداة لنقل تهديداته، وتسريبها لوعي الجمهور الفلسطيني على أنها حقائق نهائية مسلم بها، فيما يبدو واقع الحال أن العدو يقوم فعليًا وبشكل يومي بأقصى ما في طاقته، في مواجهة الأنفاق والصواريخ والقدرات البرية والبحرية للمقاومة، على جبهة غزة، كما في جنوب سوريا ولبنان، ولكن النتيجة الحقيقية التي تظهرها استعدادات المقاومة، وتعميق وحدة قواها، تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن المفاجآت والرعب قد يكون من نصيب العدو، فيما ستبقى وحشيته جزءًا من هويته المعروفة التي لن تستدعي من شعبنا؛ إلا مزيدًا من الصمود.