Menu

وهي عنوان للتحدي

عبلة سعدات: المرأة الفلسطينية سطرت أروع صور وتجارب النضال والصمود منذ بداية الاحتلال

عبلة سعدات زوجة الاسير المناضل احمد سعدات

الضفة المحتلة_بوابة الهدف

قالت المناضلة والأسيرة المحررة عبلة سعدات، زوجة الأسير الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد سعدات، في ذكرى اعتقاله الخامسة عشرة، وبمناسبة عيد الأم، إن المرأة الفلسطينية تثبت في كل معركة أنها عنوان للتحدي والصمود والثبات في وجه الاحتلال، ولم تتوانَ يوماً عن خوض معركة الحرية والاستقلال.

وأشارت سعدات إلى أن المرأة الفلسطينية سطرت أروع صور وتجارب النضال منذ بداية الاحتلال، لافتةً إلى أن سجل شعبنا حافل بأسماء الكثير من المناضلات اللواتي انخرطن في الفعل الوطني المقاوم.

وأضافت في حديثٍ مع " القدس "، أن المرأة "ماتزال تؤدي واجباتها على الصعيد السياسي والنضالي لانتزاع الحرية ودحر الاحتلال".

وتابعت "في شهر آذار، نشعر بفخر واعتزاز ببطولات الكثير من النساء الفلسطينيات اللواتي يناضلن في حياتهن الخاصة لتربية أولادهن وتأهيلهم وتسليحهم بالعلم، بالرغم من غياب الزوج والأب، وأخص بالذكر زوجات الشهداء والاسرى، وخاصة ذوي الاحكام العالية، فالكثير من المناضلين الأسرى تركوا خلفهم زوجات مناضلات يقمن بواجبات الأسرة والأولاد ومسؤوليات الزوج والأُم معاً، وبنجاح وبطولة".

وأكدت على أنّ المرأة الفلسطينية تتميز عن نساء العالم، بالانتماء والوفاء، مشيرةً إلى أنها تجد في سجن زوجها أو استشهاده علامة فخر واعتزاز لأولادها، لأن تضحياتهم وسام من اجل الشعب والوطن.

وقالت عبلة سعدات إن شعبنا ما يزال يحترم من يضحي ويُغلب المصلحة العامة والوطنية على المصلحة الخاصة والفئوية.

وما زالت سعدات تشارك بكل فعاليات آذار الخاصة بالمرأة، وكافة الأنشطة والاعتصامات المطالبة بحرية الأسرى، وفي مقدمتها رفيق دربها الأسير أحمد سعدات المحكوم 30 عاماً، وهي التي عاشت عاشت تجربة الأسر، ووقفت إلى جانب رفيق دربها ببطولة وشجاعة في كافة محطات اعتقاله، وكرست حياتها للنضال الفلسطيني خاصة على صعيد إعلاء ودعم المرأة وإيصال صوتها وقضية الأسرى.

وأردفت "لم ولن نندم يوماً على ما قدمه زوجي من تضحيات ومواقف في سبيل وطننا وشعبنا، فهذا واجب ومبدأ كرس أحمد حياته له، ومن كل تجربة اعتقال، كان يتحرر أكثر عطاء ونضالاً وحرصاً على إكمال المشوار والمسيرة".

ونوّهت إلى أنّ تأثير غياب زوجها القائد أحمد سعدات صعب ومرير عليها وعلى أسرتها، خاصة أن لديها من الأبناء أربعة، مضيفةً أنهم "كانوا في مرحلة حرجة من حياتهم، فمنهم من كان بالجامعة ومنهم من ما يزال على مقاعد الدراسة، وفي هذه المرحلة يكون الأولاد بحاجة ماسة للأب، خاصة الأبناء".

واستذكرة زوجة المناضل سعدات لحظة اختطاف رفيق دربها الأمين العام ورفاقه قبل 15 عاماً من سجن أريحا، قائلةً: "ستبقى هذه المحطة أكثر لحظة مؤلمة ومؤثرة في حياتي ولن أنساها، فقد عشنا لحظات خوف وكوابيس رعب على مدار 8 ساعات والاحتلال يهاجم سجن أريحا ويدمره، حتى وصل إلى آخر غرفة كان يُحتجز فيها أحمد ورفاقه المتهمون بقتل وزير السياحة الصهيوني، وهم: عاهد أبو غلمة ومجدي الريماوي وباسل الأسمر وحمدي قرعان ومعهم القيادي الفتحاوي فؤاد الشوبكي".

وأضافت "لم أتخيل لحظة أن ذلك سيحدث، وبالرغم من قساوة المشهد، كان خروجهم سالمين مكسباً لنا جميعاً، خاصة أن أحمد كان دائماً يردد أنه مشروع شهادة أو أسر".

وأشارت عبلى سعدات إلى أن المحطة الأصعب هي الحكم على زوجها، على رغم أنهم لم يتمكنوا من إثبات أي علاقة له بعملية قتل زئيفي في ظل الصمود البطولي لرفاقه في أقبية التحقيق.

وتابعت "خلال جلسة المحكمة الأخيرة، وقف أحمد ببطولة وتحدٍّ يُجسد صورة ناصعة للمناضلين الأحرار، ورفض الاعتراف بشرعية المحكمة والقضاة، وأعلن رفضه الاحتلال ومحاكمه وقراراتها، وقال عبارته الشهيرة "إذا كان هناك من يجب محاكمته فهو الاحتلال وأنتم"، فحكموه بالسجن 30 عاماً، وعاقبوه بالعزل وبكل الإجراءات التعسفية التي لا يزال يتحداها ببطولة وثبات".

وحول سنين غياب زوجها، أوضحت عبلة أن هناك الكثير والكثير من المناسبات المفرحة والمحزنة التي مرت على عائلتها خاصة خلال سنوات اعتقاله بين سجني أريحا والاحتلال، قائلةً "بمرور السنوات وتغير الأحوال، تتعدد الصور والمواقف في غياب الأسير سعدات، الزوج والأب والإنسان عن أسرته".

وتضيف: "تألمنا كأحمد وتوجعنا لوفاة والدته خلال اعتقاله، وافتقدناه خلال نجاحات الأولاد في الثانوية العامة والجامعات، وزواج اثنين من الأبناء غسان وإباء".

وتتابع: "بالرغم من هذه المناسبات السعيدة، فإنّ السعادة منقوصة وغير كاملة، وأكثر صعوبة، بشكل خاص عليّ أنا، ففي فرحة العائلة الكبرى والأُولى بزفاف بكرنا غسان، لم أعرف كيف أتصرف وغابت كل الخبرات والمعرفة عني في غياب والده، وتحملت ضغوطاً جديدة غير التي أتحملها كل يوم، فلا أحد يعوض وجود الوالد ودوره، خاصة في هذه المناسبات".

وتُكمل: "لكن دعم أحمد الكبير رغم قضبان السجن كان حاضراً، والتفاف أحبته ورفاقه والأهل منحنا العزم والقوة لنتحدى الاحتلال ونواصل حياتنا بشكل طبيعي، بانتظار حريته القادمة رغماً عن الاحتلال".

وفي حوراها، ألقت عبلة سعدات الضوء على بعض من اللحظات المميزة خلال فترة اعتقال زوحها، قائلةً "خلال اعتقال سعدات ومحاكمته، رزق بكره غسان بحفيدته الأُولى التي حرمها الاحتلال من زيارته، وواحدة من أكثر الصور ألماً ووجعاً كانت ما حدث في إحدى جلسات محاكمة زوجها بمحكمة القدس عام 2013، أرسل لنا أحمد لإحضار زوجة غسان وابنته للمحكمة للتعرف عليهما ورؤيتهما، وبالفعل، نفذنا طلبه ودخلنا إلى قاعة المحكمة بفرحة كبيرة لتحقيق أمنيته، وعندما اقتربت من أحمد، وحاولت تسليمه حفيدته ليحملها في بداية المحكمة، استنفر السجانون، ومنعونا أمام وسائل الإعلام التي نقلت مشهد الصورة المؤثرة عن ظلم الاحتلال للعالم، وبالرغم من كل محاولاتنا، رفضوا السماح له بلمس حفيدته".

وتابعت "ظلم الاحتلال لم ينته، وما يزال مستمراً حتى اليوم، فحالياً لدينا ثلاثة أحفاد لا يعرفهم جدهم إلا من خلال الصور، فهم ممنوعون أمنياً من زيارته".

ولم تتأخر الناشطة عبلة سعدات يوماً عن زيارة زوجها الذي تعرض لعقوبات العزل والنقل بين السجون، حتى استقر مؤخراً في سجن ريمون، مشيرةً إلى أنها كانت تزوره مع ابنها غسان كونهم يحملون هويات القدس، لكن باقي أفراد الأسرة ممنوعون أمنياً من الزيارات، ومنذ انتشار كورونا، أصبحت جميع عوائل الأسرى تعاني بسبب الغاء الزيارات.

وأردفت: "بعد معاناة مريرة وانقطاع وحرمان استمرت ثلاثة شهور، تمكنا من الزيارة قبل اسبوعين، لكننا ما زلنا نشعر بخوف وقلق كبير على حياة الأسرى في ظل انتشار كورونا بين الأسرى، الذين يعانون من الاهمال وعدم توفير متطلبات الحماية والوقاية لهم".

وقالت إن الاحتلال يستمر في سياساته التي تشكل خطراً على حياة أسرانا الذين نتمنى لهم السلامة والحرية القريبة.

وفي مناسبة عيد الأُم أكدت "لم ولن ننسى أبطالنا ومناضلاتنا، فهم عناوين الصمود والتحدي، وبهذه المناسبات.. نوجه تحية نضالية لأسيراتنا وأسرانا داخل سجون الاحتلال الذين لا يزالون يناضلون في ظل أقسى الظروف، من أجل كرامتهم وحريتهم وكرامة وحرية الشعب الفلسطيني، وما دام هناك احتلال وتعدٍّ على حياة الشعب الفلسطيني ومقدراته فإن المقاومة مستمرة والنضال ضد الاحتلال مستمر".

وأضافت "في المرحلة الحالية، نعيش مرحلة حرجة وصعبة للغاية على الصعيد السياسي والوطني والاجتماعي والاقتصادي، ولا بد من النضال على كافة الأصعدة من أجل تغيير هذا الواقع البائس، كي يعيش كافة أبناء شعبنا بحرية وكرامة، ومن أجل بناء مؤسسات ومكونات شعبنا بديمقراطية وحقوق متساوية والحفاظ على الأرض والإنسان من الظلم والاستبداد".