Menu

الانتخابات مرة أخرى: لا شرعية لسلطة أوسلو

غسان أبو نجم

المتابع لاجتماع القيادة الفلسطينية أول أمس، وما أعلنه عباس عن تأجيل الانتخابات؛ يكشف مدى تغول سلطة أوسلو واستخفافها بالقوى الوطنية، بل استخفافه بعقولنا جميعًا. لقد تناولت في مقالاتي السابقة؛ موضوع الانتخابات وأكدت جازمًا أنها لن تتم وستكون القدس شماعة لكل من يخاف الهزيمة، ولمن لا مصلحة له في التنازل عن جزء من سلطته أو مصالحه لطرف شريك، فهذه السلطة اعتادت التفرد والتغول على كل مؤسسات العمل الوطني وهيمنت على القرار الفلسطيني وأغلقت كل منافذ الحوار حتى الممرات الإجبارية التي اتخذها البعض؛ ذريعة للمشاركة في الانتخابات. ولأن سلطة عباس الوكيل الرسمي للاحتلال وقناة التنسيق الوحيدة معه ستستقوي بقرار الاحتلال بمنع مشاركة المقدسيين، وعليه؛ فإن قرار تأجيل الانتخابات أو تأجيلها؛ سيكون بيدها والذريعة جاهزة هي القدس وقرار الاحتلال، وهي في واقع الحال الخوف على مصالحها بعد تفكك وتشتت حركة فتح وجاهزية حركة حماس التي ستحصد أصواتًا تؤهلها أن تكون شريكًا في القرار، وهذا ما لا يريده عباس وسلطته.

لقد آن الأوان أن تدرك فصائل العمل الوطني، بأن سلطة أوسلو لم تعد شريكًا وطنيًا يقاتل في نفس خندقها وأنها انحازت إلى حليفها الطبقي والسياسي، وهو الاحتلال، وليوقفوا العزف على أسطوانة الوحدة الوطنية المشروخة؛ فلا تحالف مع مفرط ولا سلطة له على شعبنا وقرارنا الوطني، ولتعد هذه الفصائل إلى نبض الجماهير الغاضبة المطالبة بالحرية والاستقلال، ولتبدأ بالعمل على تغيير رؤاها وبرامجها وإحياء مؤسسات الشرعية الفلسطينية وإعادة الاعتبار لمنظمة التحرير ومؤسساتها ودوائرها والعمل على تشكيل جبهة وطنية؛ تضم كل القوى والفعاليات لإعادة بناء مشروعنا الوطني المستند لجماهير شعبنا لا كتبة أوسلو وجنرالاته.
لقد أفادت هبة القدس أن سلطة أوسلو لا تمتلك القدرة على لجم الجماهير الغاضبة كما تلجم الفصائل المتحالفة معها وأن رموز السلطة وأبطال التنسيق الأمني وأعلام وكتبة أوسلو غير قادرين على تزييف وعي الجماهير التي لفظت كل رموز السلطة وطردتهم شر طردة، بل أعلنت رؤيتها وطموحها وإرادتها عندما التهبت مشاعرها بعد الإسناد الغزي لها عسكريًا وجماهيريًا وخروج كافة أبناء هذا الشعب في كافة أماكن تواجده لإسناد هذه الهبة، وهي بذلك تجاوزت القيادة الوطنية التي طالبتها الجماهير باللحاق بها والتحلل من أوسلو قيادةً ونهجًا.
إن القوى الوطنية الآن تقف على مفترق طرق خطير وهام؛ فإما أن تتبع خط الجماهير وتسارع إلى تغيير أدواتها وبرامجها بعيدًا عن أوسلو وملحقاته وتعود لقيادة هذه الجماهير نحو الحرية والاستقلال، وإما أن تصدر شهادة وفاة لقيادتها، وهنا لن يغفر لها تاريخها النضالي الذي ستلوثه إن هي اختارت التخاذل؛ فالتاريخ لا يرحم أبدًا.

أخيرًا.. علينا أن نعيد قراءة المتغيرات على الصعيد القومي والعالمي وأن نعيد كتابة التاريخ الفلسطيني بأقلام وطنية؛ مستفيدين من صعود التحالفات العالمية الجديدة بين الصين وروسيا وإيران وايجاد ممرات آمنة مع القوى العربية التي حققت الانتصارات المتتالية على رأس الشر العالمي وحلفائه وصمدت في وجه العدوان الكوني عليها؛ حتى نضع فلسطين في مقدمة أولوياتها ونراكم الإنجازات على طريق تحقيق الانتصار على المشروع والوجود الصهيوني.