Menu

الخليل: ثلاث وثلاثون شهيداً وانتفاضة مضاعفة

مشهد من مدينة الخليل

ساري جرادات_بوابة الهدف

 قدمت محافظة الخليل الواقعة جنوب الضفة الغربية البالغ عدد سكانها حوالي 900 الف مواطن ثلاث وثلاثون شهيدا من اصل خمس وثمانين شهيدا منذ اندلاع الهبة الجماهيرية المتواصلة ، وكان أخرهم الشهيد حسن جهاد البو ( 21 عاما ) من بلدة حلحول الواقعة الى شمال مدينة الخليل جراء اطلاق جنود الاحتلال الرصاص الحي على مظاهرة خرجت في البلدة تنديد بجرائم الاحتلال وللمطالبة بتسليم جثامين الشهداء .

واستشهد فجر الخميس ايضا الشاب عبد الله عزام الشلالدة ( 28 عاما ) من بلدة سعير الواقعة شمال المدينة ، والذي اغتيل برصاص عناصر وحدة " المستعربين " التابعة لقوات الاحتلال الاسرائيلي خلال مداهمتها لمستشفى الاهلي في المدينة ، اثناء تواجده مع ابن عمه الجريح ( عزام ) الذي اطلق عليه مستوطن متطرف سبع رصاصات  استقرت في انحاء متفرقة من جسمه ، وارتقى ايضا ابن عمه الذي يحمل اسم عمه الشهيد " محمود شلالدة 18 عاما " ايضا شهيدا ظهر الجمعة بعد اصابته امس في المواجهات التي دارت بين الشبان الغاضبين وجنود الاحتلال بعد مواراة جثمان الشهيد عبد الله الثرى في مقبرة البلدة.

  واستشهد 14شابا من شهداء المحافظة في ساحة الحرم الابراهيمي وشارع الشهداء في وسط المدينة ، وتجاوز عدد جرحى المدينة 1300 اصابة مختلفة من الرصاص الحي والمطاطي بالإضافة إلى الأصابات الناتجة عن استنشاق قنابل الغاز السام، حيث يقدر مراقبون ومتابعون لشأن الهبة الجماهيرية الحالية ، أنّ الخليل تقدم شهيداً كل ثماني ساعات.

    باتت محافظة الخليل ومدينتها خصوصا حاضنة ورافعة للانتفاضة الحالية وحاملة لرايتها ، فباتت تحمل على عاتقها مسؤولية مواصلة درب المقاومة والتحرير وخزان وقود العودة والحرية ، فها هي تحمل الشرارة التي انطلقت من مدينة القدس رفضا للتقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى وتنديداً بالاعتداءات المتواصلة من قبل المستوطنين و قوات الاحتلال بحق الفلسطينيين.


   واستمرارا لبطولة اهالي المحافظة وتصديهم لهمجية قوات الاحتلال ومستوطنينه, أطلق الاحتلال مؤخرا على مدينة الخليل " عاصمة الارهاب " على حد تعبيره ، بسبب اشتداد واستمرار لهيب الانتفاضة فيها ، وتنفيذ العديد من ابناء هذه المدينة عمليات طعن ودهس ضد جنود الاحتلال ومستوطنيه كان اخرها عملية قنص لجنديين احتلاليين توفي احدهما حسب اعتراف اعلام الاحتلال واصيب الاخر بجروح متوسطة ، وجرت اليوم عملية اطلاق نار على اثنين من قطعان المستوطنين ادت الى مقتلهم جنوب المدينة .

 قوات الاحتلال تواصل تشديد حصارها على المدينة كما بدأت في مد مساحة هذا الحصار ليطال اجزاء اخرى من المحافظة، وعززت من اجراءاتها القمعية بحق المدينة وسكانها ، وفرضت اجراءات مشددة على المواطنين وحركة السير والتنقل فيها فزادت عدد الحواجز ونقاط التفتيش والابراج العسكرية لتامين خطوط سير المستوطنين ، في اطار رهاناتها على اطفاء شعلة الانتفاضة فيها وتركيع سكانها.

   ويؤكد العديد من المحللين والمتابعين لمسار احداث هذه الانتفاضة ان تحول مدينة الخليل الى نارا تحت اقدام جنود الاحتلال ومستوطنيه ناتج عن استمرار الاحتلال ووجود المستوطنين في قلب المدينة ، الامر الذي ينذر بمواجهة طويلة الامد معه لتعدد نقاط الاشتباك مع الاحتلال وكثرة البؤر الاستيطانية ووجود الشوارع الالتفافية التي تفصل مدينة الخليل عن قراها ومخيماتها وتجعلها كنتونات مغلقة في غضون دقائق ، وهذا يؤدي الى اشعال انتفاضة في أي لحظة ، وفق ماقاله الكاتب الصهيوني في صحيفة هارتس  جيلي كوهين .

 السرطان الاستيطاني موجود في قلب مدينة الخليل ، وفي اهم مناطقها الدينية والتاريخية واكثرها حيوية ، حيث يوجد في قلب المدينة اربع مستوطنات هي تل رميدة وبيت هداسا وابراهيم ابانا وبيت رومانو ، الأمر الذي يكلف وزارة دفاع الاحتلال توفير اربعة جنود لكل مستوطن لتامين حراسته ، وعملت قوات الاحتلال على اقامة شريط استيطاني حول المدينة ايضا ، وصادرت من اجل ذلك مئات الدونمات من اراضي المواطنين لتطويق المدينة ومحاصرتها جغرافيا وسكانيا ، فبنت فوق اراضي محافظة الخليل " 31 " مستوطنة ، وحاصرت المدينة بطوق من مستوطنات ،  فانشات مستوطنة " كريات اربع " في الشمال الشرقي للمدينة  وخارسينا في الشمال ، والحي اليهودي في الجنوب الشرقي للمدينة ، وحاجاي في الجنوب ، الامر الذي تسبب بمحاصرة وخنق المدينة وعزلها عن العالم الخارجي .

  هذا الوجود الاستيطاني وما يرتبط به من تكثيف للوجود العسكري هو عامل اساسي في تسعير حالة الاشتباك اليومي في المدينة مع الاحتلال وقطعان المستوطنين، في ظل اعتداءات المستوطنين المتكررة على المواطنين بحماية من جنود الاحتلال .

حيث تنتفض الخليل اولا نصرة لوطنها ودفاعا عن حق هذا الشعب ، وتزداد انتفاضتها ضراوة بحكم الحاجة الحيوية لدى اهلها بضرورة مواجهة الاستيطان وما نتج عنه من تضييق ومصادرة وخنق وقتل يستحيل التعايش معه.

    وحسبما نقلت صحيفة هارتس الصهيونية عن جنرال من جيش الاحتلال يعمل في المدينة قوله " اننا ندرك انه يوجد هنا امراً مغايراً كليا ومقلق تماما ومركب وشائك ومعقد ، ويجب ان نتعامل معه بحذر "

وفي إشارة إلى صمود مواطنين محافظة الخليل على شتى الصعد والمجالات المتوافرة اطلق العديد من النشطاء مؤخرا عبر موقع التواصل " هاشتاج " #‏بهمش ، للتعبير عن صمود اهالي المدينة وللتدليل على ان كرامتهم وحريتهم فوق أي اعتبار ، وتاكيدا لصمودهم في وجه الة الدمار والخراب الاحتلالية ، وكلمة " بهمش " هي كلمة واسعة الاستخدام لدى مواطنين مدينة الخليل ، وهذا الهاشتاج مأخوذ من المجابهة بين الحاج زياد ابو هليل 57 عاما ، احد وجهاء مدينة الخليل مع احد ضباط جيش الاحتلال في منطقة باب الزاوية في مدينة الخليل حينما طلب من الجندي عدم اطلاق الرصاص على الشباب المتظاهرين ، فقال له الضابط " اطلع مين بضرب حجار يا حج " فرد الحاج عليه قائلا " بهمش خليهم يرموا".