من المعروف ان البلديات لا تحمل أي مضمون سياسي، وأنها فقط عبارة عن لجان خدماتية للمواطنين، فلماذا أو ما الذي يجعل الانتخابات المحلية الفلسطينية تحمل كل هذا البعد السياسي؟
تاريخيا خضنا معارك الانتخابات المحلية في زمن الإشراف المباشر للاحتلال واستطعنا انتزاع تلك البلديات من براثن عملاء الاحتلال، كفعل نضالي، فكان رؤساء البلديات قادة مناضلون يحظون بثقة الجماهير، وكلنا نذكر القائد الشهيد الراحل بسام الشكعة، والآن يأتي السؤال ما القيمة السياسية للانتخابات الأخيرة؟
جميعنا يعلم بأن آخر انتخابات سياسية كانت في عام 2006، وأن الولاية القانونية لنتائج تلك الانتخابات قد انتهت، منذ ما يزيد عن عشرة أعوام، وهذا يعني أن لا الرئيس شرعي من الناحية القانونية، ولا المجلس التشريعي شرعي من الناحية القانونية، ثم كان الاجتماع الأخير لما يسمى بالمجلس المركزي الفلسطيني وسط مقاطعة ورفض كل الفصائل الوازنة في الساحة الفلسطينية لهذا الاجتماع، وهذا يجعل مخرجات هذا الاجتماع فارغة من أي مضمون ويجعلها لا تساوي الحبر الذي كتبت به، والقيادة المتنفذة والمهيمنة تعلم ذلك، فكان التوجه للانتخابات المحلية كمخرج يعطي هذه القيادة بعض الشرعية المفقودة، من هنا كان التحشيد الفصائلي لخوض هذه الانتخابات.
فتح صاحبة ادعاء أنها أم الجماهير، تريد القول: بأن الجماهير تجدد البيعة لها، وفصائل المقاومة تريد الوصول إلى نتائج تؤكد لا شرعية هذه القيادة المتنفذة وأن لا غطاء شعبي لهذه القيادة، من هنا تنبع الأهمية السياسة لهذه الانتخابات، وقد نجحت فصائل المقاومة، حيث فشلت فتح، فكان الخيار الشعبي الرافض لنهج التسوية والتنازل والتفريط ورموز هذا النهج، وكان الالتفاف الشعبي حول فصائل المقاومة وخيار المقاومة، فسقطت فتح سقوطا مدويا، ومن إحدى عشر مجلسا بلديا، استطاعت فقط إحراز ثلاثة مجالس، وثمانية مجالس كانت من نصيب المعارضة، وهذا ما دفع أحد رموز نهج التنازل والتفريط وأقصد عزام الأحمد، للقول: ( نتائج الانتخابات كانت صادمة وشكلت طعنة لقيادة حركة فتح بعد مشوار وطني طويل).
وهنا اسمحوا لي أن أضع أكثر من علامة استفهام وتعجب على عبارة المشوار الوطني الطويل: فهل بعد هذا السقوط سقوط؟ وهل بعد هذا يستطيع من لا شرعية لهم ادعاء الشرعية ووحدانية التمثيل؟
بكل ثقة، نقول: إن نتائج الانتخابات البلدية، تمثل خطوة متقدمة على طريق إسقاط نهج التنازل والتفريط ورموز هذا النهج.