Menu

البوابات الالكترونية فحص للمقدسيين أم للحكومات العربية؟

حاتم استانبولي

السؤال المهم الذي يتبادر لأي مُدقق في الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة: لماذا أقدمت الحكومة المُصغرة على هذا الإجراء وهي تعي أنها ستتراجع عنه؟

أرادت إسرائيل أن تتأكد من النوايا والتعهدات العربية الرسمية التي نقلها لها الرئيس ترامب بعد قمة الرياض. فالتدقيق بردود الفعل الرسمية العربية والفلسطينية نلاحظ أن جميعها تعاملت مع تركيب البوابات الإلكترونية وملحقاتها من المنظور الأمني الإسرائيلي، وانقسمت المواقف إلى فريق صامت يعتبر أن الإجراءات الإسرائيلية شأن داخلي, وآخر يهدد أن هذه الإجراءات سوف تعيق التفاوض والأكثر تطرفاً جاء على لسان رئيس السلطة بأن الوضع يحب أن يعود إلى ما قبل 14من تموز. ومن الواضح أن ردّات الفعل وجدت صدى إيجابي لدى الحكومة الإسرائيلية واعتبرت أن المواقف الرسمية العربية والإسلامية كانت ضمن السقف الذي حدد لها في مؤتمر الرياض وقمة الميت.

وعلى هذه النتائج فان الحكومة الإسرائيلية سترسم سياساتها القادمة على أساس سقف هذا الموقف الذي لم يتعاطى مع البوابات على أساس أنها جزء من المنظومة الأمنية للمحتل ولم تتعاطى على أساس أن الاحتلال هو أساس كل المشكلات في المنطقة وإزالة الاحتلال المُستعمر هو الأساس وليس البوابات.

أما الجانب الأخطر فان الصراع حول البوابات وضع في إطاره الديني والمكاني وهذا ما سعت إليه اسرائيل لأسباب تتعلق في جبهتها الداخلية للتحشيد من أجل أخذ إجراءات عنصرية تمس شعبنا الفلسطيني في الأراضي المحتلة عام 48. والحوارات في الكنيست التي تجري تحت عنوان القومية اليهودية تؤشر إلى أننا قادمون على قرارات ستطال وجود شعبنا في الـ48 كخطوة أولى. أن الخطر القادم هو أن تأخذ قرارات مستندة للقرار الدولي باقامة الدولة اليهودية على أرض فلسطين واعادة التلويح ان الدولة العربية تمت اقامتها شرق النهر وفي هذا السياق تفهم التصريحات الاسرائيلية ضد الأردن وما جرى في السفارة في عمان ما هو إلا بالون اختبار لردة الفعل. وبذات الوقت هو محاولة للتلاعب في النسيج الاجتماعي الداخلي في الأردن. أن ما يجري من نشاط إسرائيلي في الأمم المتحدة ومجلس الأمن والكنيست وبمباركة أمريكية بل وسعي مشترك أمريكي إسرائيلي لإعلان يهودية الدولة وإعلانها يتطلب تغييراً جيوسياسياً على ما يبدو أن الصمود السوري قلل من نجاحه وعزز النجاح الضربة الاستباقية للمقاومة اللبنانية والجيشين السوري واللبناني في القلمون وجرود عرسال وإنهاء وجود النصرة التي كان يتم تأهيلها للتلاعب في الداخل اللبناني.

إن نجاح انهاء النصرة في القلمون وقبل انتهاء زيارة الحريري الى واشنطن جعل تصريحاته مع ترامب حول حزب الله هي تصريحات في الفراغ ليس لها أي انعكاسات ملموسة على الأرض بل إن الحسم في القلمون وجرود عرسال وجه ضربة قاسمة لمشروع التخريب والهاء المقاومة في الداخل اللبناني. وهنا يطرح السؤال ما هي الخيارات البديلة؟ هنالك ما زالت ورقتين من الممكن التلاعب بهما الورقة الكردية وورقة الوضع الداخلي في الأردن! الورقة الكردية على ما يبدو أن إجماعاً إقليمياً على وئدها قد اتخذ واذا لم تتدارك القيادة الكردية أن مصالح الكرد هي مرتبطة بمصالح شعوب ودول المنطقة فان الثمن الذي سيدفع سيكون غالياً. أما على الصعيد الأردني فإن مصلحة الدولة تقتضي أن تشدد على أهمية تنفيذ القرارات الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية في حده الأدنى ودعم الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية وخيارات مقاومته في حده الأقصى. هذه المواقف هي السلاح الذي يمكن استخدامه بفعالية في مواجهة المخاطر الإسرائيلية في الداخل الأردني. والأكيد أن البوابات لم يكن هدفها اختبار المواطنين الفلسطينيين بل اختبار جدية مواقف الحكومات العربية والاسلامية التي سقطت في الاختبار الشعبي ونجحت في الاختبار الاسرائيلي! اما عن المقدسيين فقد قوضوا الوقوع بفخ الصراع الديني وأكدوا أن مواجهة البوابات الإلكترونية هي في الجوهر مواجهة الاحتلال المستعمر وبواباته العربية.