Menu

مَلِك البلاد و "الغد" وصفقة القرن.. هكذا تكون المواجهة

عبد الرحمن البيطار

  إبراهيم غرايبة وماهر أبو طير يعانقان "الغد".. على قاعدة تبرير مشاركة الاْردن في "مؤتمر البحرين " أو الترويج لها. السؤال الذي يطرح نفسه، هل يمكن فصل الجانب الاقتصادي عن الجانب السياسي لصفقة القرن؟ لماذا يتم الترويج لـ "وهم" إمكانية الفصل؟

في كلمته في ٢٧ آذار ٢٠١٩، قال مَلِك البلاد بصوت جهوري وعالي: كلا للتوطين، وكلا للوطن البديل، وكلا لضم القدس .. هل هناك أقوى من هذين الرفضين من أعلى سلطة في البلاد؟ يبقى السؤال أيضًا، هل هناك توافق في الاْردن على السياسة العليا التي أعلنها المَلِك؟

 إذا كان هناك توافق، وإذا كان الرَّفض ليس شكلياً، فإنه عندئذٍ يكون المطلوب ترجمة الرفضين إلى سياسات وبرامج وخطط، وترجمتها اليوم وقبل الغد، وهذا بالذات هو الدور المطلوب من السلطة التنفيذية في البلاد، وعلى السلطة التشريعية أن تُراقِب وتضبط عمل السلطة التنفيذية، في هذا النطاق...! لا بل وأن تحاسبها.

رفض التوطين يتطلب إسماع العالم أصوات لاجئي مخيمات/غيتوات الاْردن بأنهم يُصرون على العودة، ويتمسكون بحقهم بالعودة إلى دِيارهم التي طُرِدوا منها في فلسطين، ويطلبون إعادة ممتلكاتهم الثابتة والمتحركة لهم، وأن يتلقوا التعويض العادل من قبل من تسبب في معاناتهم وتهجيرهم، عن طيلة فترات العيش والمعاناة، خارج دِيارهم وأراضيهم في فلسطين، في غيتوات البؤس والشقاء وخارجها، وأن يكون التعويض باستخدام ذات معادلات التعويض التي دفعتها ولا زالت تدفعها ألمانيا - التي تُجرم الآن حركة الـ BDS السلمية، وتصوت قبل أيّام قليلة في الجمعية تأييداً لإسرائيل ضد تجديد تفويض الأنروا- لدولة الكيان الصهيوني وليهودها، عن الجرائم والمعاناة التي تسببت بها ليهودها ويهود أوروبا خلال فترة ما قبل الحرب العالمية الثانية وأثناءها.

ربما يكون هناك حاجة لتشكيل لجنة رسمية وشعبية لوضع سياسات وخطط لضخ الحَرارة في ملف عودة اللاجئين الفلسطينيين في الاْردن إلى دِيارهم الأصلية في فلسطين، وعلى الاْردن والدول العربية التي استضافت اللاجئين الفلسطينيين وسَمَحَت بإقامة مخيمات/غيتوات لهم فيها، أن تقدم لدولة الكيان الصهيوني، وللدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا  وألمانيا، كشف حساب تفصيلي بما تكبدته هذه الدول وشعوبها، بصورة مباشرة وغير مباشرة، طيلة سبعين عاماً، ولا تزال، من تكاليف ومن معاناة بسبب السماح بإقامة المشروع الصهيوني العُنصري في فلسطين، وبسبب السماح للحركة الصهيونية - التي دعمتها تلك الدول - أن تطرد شعب كامل، أو الجزء الأكبر منه من أرضه في فلسطين، من أجل تحويلها إلى وطن لمواطني أوروبا والولايات المتحدة اليهود فيها.

إن الأهداف والسياسات العليا التي طرحها مَلِك البلاد في ٢٧ آذار ٢٠١٩، تحتاج لمن يترجمها إلى سياسات عمل وخطط وبرامج، لكي يتحقق للاجئي الاْردن من الفلسطينيين تحقيق حلمهم وحقهم في العودة إلى دِيارهم التي طُرِدوا منها في فلسطين، ولكي يتحقق للأردن تلقي التعويضات المكافئة للأعباء الكبرى والجسيمة التي تحملتها البلاد طيلة السبعين عاماً.. هذان هدفان متلازمان لا ينفصلان؛ فتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى دِيارهم هو الطريق لحل قضية فلسطين وإجهاض وقبر مؤامرة "الوطن البديل" الأمريكية الصهيونية، وهو الذي سيعبد الطريق لتلقي التعويضات عن الأضرار التي لحقت ب الأردن وبالدول العربية التي استضافت مخيمات/غيتوات اللاجئين الفلسطينيين على أراضيها منذ العام ١٩٤٨.

ففي مواجهة "صفقة القرن" ما نطلبه بسيط وينسجم تماماً مع الشرعية الدولية وقراراتها، فبالإضافة إلى التمسك بطلب تحويل الأهداف التي أعلنها مَلِك البلاد إلى سياسات وخطط للسلطة التنفيذية في البلاد، يتعين أن يعلن الاْردن تمسكه الصارم بالشرعية الدولية وبقراراتها بخصوص فلسطين وعلى رأسها القرارين ١٨١ و ١٩٤ . وأود أن أذكر، بأن جميع الدول التي اعترفت بدولة الكيان الصهيوني في فلسطين بما فيها الولايات المتحدة والاتحاد السوڤييتي السابق، وحتى اللحظة هذه، اعترفت بها بحدودها التي رسمتها الشرعية الدولية لها، اَي بحدودها حسب قرار التقسيم ١٨١، ولَم تعترف لها بحدود خارج الحدود المقرة من قبل الشرعية الدولية، واشتراط تطبيق القرارين المذكورين.

صفقة القرن ليس فقط مُخططات ومشاريع اقتصادية، فمن أهدافها إخراج دولة الكيان الصهيوني العُنصري من مأزقها التاريخي، عبر مواقف وسياسات وخطط، تضعها إدارة ترامب والثلاثي الصهيوني فيها، لذلك كله، لا يمكن مواجهة صفقة القرن إلا بوضع أهداف مقابلة، واتخاذ مواقف وسياسات ووضع خطط، وممارستها على أرض الواقع، وبناء حملة يشارك فيها الشعب الأردني كله.. قدر الاْردن وشعبه ان يحمل مع شعبنا الفلسطيني وشعوبنا العربية عبء التصدي لآخر مُخططات التصفية ، قبل الإنهيار الحتمي للمشروع الصهيوني العُنصري في فلسطين.