Menu

رحبعام زئيفي ... غاندي إسرائيل

إبراهيم باجس

في يوم 17/10 من كل عام تمر ذكرى اغتيال رحبعام زئيفي، وزير السياحة الإسرائيلي.. هكذا يُوصف، وهذه كانت وظيفته، وهذا هو منصبه... (وزير السياحة).

(وزير السياحة) هذا اغتاله ثلاثة أفراد ينتمون إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ردَّاً على اغتيال إسرائيل لقائد الجبهة الشعبية ( أبو علي مصطفى ) يوم 27/8/2001.

لكن لماذا اختير الانتقام بقتل (وزير السياحة)، وليس بقتل قائد عسكري في (الموساد) أو (الشاباك).

وزارة السياحة ليست من الوزارات التي تكافح (الإرهاب)، ووزيرها ليس كذلك.

إذاً؛ هل كان رد الجبهة الشعبية موفقاً في الانتقام، وهل كان ردها موفقاً في الاختيار؟

نقول: نعم، بل موفق جداً، إذا عرفنا من هو (وزير السياحة) هذا الذي أُخذ برأسه مقابل رأس (أبو

علي مصطفى).

فمن هو رحبعام زئيفي إذاً؟

إنه واحد من أكثر الصهاينة تطرفاً في نظرته للفلسطينيين، حتى إن المتطرفين منهم، كانوا يرونه متطرفاً في أفكاره ورُؤاه تجاه الشعب الفلسطيني.

إنه صاحب المقولة التي كان يرددها دائماً، وبشكل علني على وسائل الإعلام.. (الفلسطينيون مثل القمل والحشرات والنمل، يجب إبادتهم).

هو صاحب نظرية (الترانسفير)، والمقصود هو ترحيل كل من هو عربي في فلسطين إلى البلدان العربية الأخرى، عوضاً عن بقائهم في فلسطين.

ولد زئيفي في القدس سنة 1926، وخدم في وحدة (البالماخ) التابعة لعصابة (الهاجانا) سنة 1942، وكان عمره آنذاك 16 عاماً. وقد كانت (البالماخ)، وتعني سرايا الصاعقة، النواةَ الأولى لجيش الاحتلال الصهيوني الذي شارك فيما بعد في حرب 1948.

كما أسهم (البالماخ) بشكل كبير في الثقافة والشخصية الإسرائيلية؛ حيث كوَّن أعضاؤه العمود الفقري للجيش الإسرائيلي باحتلالهم مناصب قيادية، بالإضافة إلى بروزهم في السياسة والأدب والثقافة الإسرائيلية.

كان لعصابة (البالماخ) الدور الأكبر في قتل وتعذيب وتشريد وتهجير وتدمير واقتلاع واضطهاد آلاف الفلسطينيين. أضف إلى ذلك كله، دوره في عمليات إرهابية وتفجيرات أودت بحياة الآلاف.

أحبَّ زئيفي (البالماخ) حباً كبيراً، وأخلص للعمل له، حتى إنه سمَّى ابنه على اسم هذا التنظيم الإرهابي المتطرف (بالماخ).

وخلال خدمته في (البالماخ) حصل زئيفي على لقب (غاندي)!!

نعم (غاندي)، الزعيم الروحي للهند، الذي كان ينادي بمقاومة الاستبداد والاستعمار من خلال (العصيان المدني).

فهل كان (غاندي) إسرائيل كذلك؟

هل كان ينادي بالعصيان المدني من أجل قيام (دولة إسرائيل)؟

وهل كان يلجأ إلى الإضراب عن الطعام لتحصيل (حقوق) مسلوبة لشعبه؟

وهل كان يعمل على (التسويق السياحي) لـ(دولة إسرائيل)؟

زئيفي لم يدرس (السياحة)، بل درس في كلية القيادة والأركان العسكرية في الولايات المتحدة الأمريكية.

زئيفي التحق بالخدمة في الجيش الإسرائيلي، وخدم فيه 31 سنة.

زئيفي عمل ضابطَ استخبارات في وحدة (يفتاح) الصهيونية، كما كان ضابطَ عمليات في الجبهة الشمالية، وضابط استخبارات في المنطقة الجنوبية، وقائد فرقة عسكرية في وحدة (جولاني)، وحصل عام 1967 على رتبة جنرال، وفي عام 1968 عُين قائداً للمنطقة الوسطى في (جيش الدفاع الإسرائيلي)، ثم تقاعد من الخدمة العسكرية في أيلول/سبتمبر 1973، وتم استدعاؤه من جديد بعد شهر واحد للمشاركة في حرب تشرين/أكتوبر 1973، وكان أحد أهم القادة العسكريين الإسرائيليين في تلك الحرب.

وبعدما تقلّد إسحاق رابين رئاسة الحكومة الإسرائيلية، عيَّن رحبعام زئيفي مستشاراً في مكتبه (لمكافحة الإرهاب) وتقلّد بعدها منصباً (استخباراتياً) لرئاسة الوزارة.

في عام 1988، أسس زئيفي حركة سياسية باسم (موليديت) أو (الوطن) بالعربية. ومن أهم مبادئ تلك الحركة هو العمل على تهجير (الإسرائيليين) العرب إلى البلدان العربية المجاورة، بل إنه كان يدعو إلى غزو الأردن وتوطين الفلسطينيين فيها.

زئيفي هذا لم يرضَ عن اتفاقية مدريد للسلام في عام 1991، فانسحب من حزب الليكود (المتطرف)، فهو أكثر تطرفاً حتى من الليكود.

زئيفي هذا أعلن انسحابه أيضاً من الحكومة بعد قرارها سحب قواتها من حي (أبو سنينة) في الخليل، في شهر أكتوبر من عام 2001.

زئيفي هذا ارتكب مجازر ومذابح بحق الشعب الفلسطيني الأعزل، ومن بينها مذبحة قرية الرهوة التابعة لبلدة الظاهرية في الخليل، في 11/12/1956، حيث اشترك مع أرئيل شارون ومائير هار تسيون، في قوة صهيونية بمهاجمة مخفر القرية، وفجَّرته وقتلت أكثر من 20 شرطياً؛ منهم أردنيون وعراقيون وسعوديون وفلسطينيون، ثم قامت بنسف مدرسة تابعة لوكالة الغوث.

زئيفي لم يكتف بإجرامه العسكري والحربي ضد فلسطين وشعبها، بل امتد إجرامه إلى الناحية الفكرية، حيث ساعد في تأليف كتب كاذبة ضللت العالم الغربي عما أسماه (أرض إسرائيل)، والتي استند فيها على الآثار اليهودية المزيفة، التي زُعم أنها اكتُشفت في فلسطين.

اغتيل زئيفي، واحتفى الشعب الفلسطيني بمقتله، شعر أنه لم يأخذ بثأر (أبو علي مصطفى) فقط، بل أخذ بثأر عشرات، بل مئات ممن قتلهم زئيفي وشردهم من قراهم وبلداتهم، ودمرها وجعلها أثراً بعد عين.

احتفى بمقتله الفلسطينيون، واحتفل بذكرى مقتله الإسرائيليون، فكانت تقام الندوات والمحاضرات في المدارس والمراكز الثقافية كل عام للتذكير بهذا القائد (غاندي إسرائيل). وظل الأمر كذلك عدة سنوات، إلى أن تبين للشعب الإسرائيلي أن (غاندي) هذا مجرم، ليس بحق الفلسطينيين طبعاً، بل بحق شعبه، بعد أن تبين في تحقيق صحفي استقصائي أن زئيفي متورط في كثير من قضايا الاغتصاب والتحرش بمجنَّدات إسرائيليات، وتهديد بعض الصحفيين بالقتل.

لقد كان مجرماً بحق الفلسطينيين، وكان مجرماً بحق (شعبه)، لذلك رفضت المدارس الإسرائيلية الاحتفال بذكرى مقتله.

هذا هو وزير السياحة.

هذا هو غاندي إسرائيل.

هذه هي حقيقة رحبعام زئيفي.

3.jpg

 

1.jpg

 

2.jpg