Menu

التيارات الخفية في المجتمع الحريدي قد تغير أنماط التصويت في الانتخابات "الإسرائيلية" المقبلة

بوابة الهدف - ترجمة خاصة*

بينما يتجه الكيان الصهيوني الانتخابات بعد يومين، فإنّ أحد أكبر الأسئلة هو كيف ستبدو أنماط التصويت في المجتمع الأرثوذكسي المتطرف أو الحريديم. هذا المقال يناقش الاحتمالات ويحلل مواقف هذه الأحزاب وناخبيها.

بعد عام في المعارضة، أصيبت الأحزاب الحريديم بصدمة، وهي حريصة على استعادة السلطة والجلوس في الحكومة الائتلافية المقبلة. بالنسبة للمجتمع الحريديم، من المرجح أن تُظهر الانتخابات القادمة التغييرات الطفيفة للغاية، ولكن الدراماتيكية التي تمر بها.

يشكل القطاع الأرثوذكسي المتطرف حوالي 13٪ من سكان "إسرائيل" وهو القطاع الأسرع نموًا فيه. حيث لدى الأسرة الحريدية المتوسطة أربعة أطفال على الأقل. ومعدل الفقر أعلى من المعدل المتوسط​​، حيث تكافح العديد من الأسر لتغطية نفقاتها. وتعتمد معظم العائلات الحريدية على دخل واحد فقط.

وفقًا لمكتب الإحصاء المركزي "الإسرائيلي" ومركز عائلة فيتيربي للرأي العام وبحوث السياسات في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية (IDI)، في الانتخابات السابقة في مارس 2021، صوت غالبية اليهود الحريديم للأحزاب الأرثوذكسية المتطرفة. وصوّت ما يزيد قليلاً عن 10٪ لأحزاب أخرى، مع تصويت الغالبية العظمى منهم لأحزاب في الكتلة اليمينية، بقيادة رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو.

تذبذب عدد مقاعد البرلمان الحريديم بشكل طفيف على مر السنين، مع اكتساب الأحزاب قوة سياسية كبيرة بسبب طبيعة السياسات الائتلافية في "إسرائيل". وقد أثار ذلك انتقادات من المعارضين الذين يقولون إن القوة المتراكمة للقطاع الحريدي أكبر بكثير من نسبته من السكان.

والحزبان الرئيسيان الحريديان هما يهدوت هتوراة (ائتلاف من أغوداة إسرائيل وديغل هاتوراة) وحزب شاس، وكلاهما يعتبران نفسيهما جزءًا من الكتلة اليمينية وكانا جزءًا من جميع الحكومات التي يقودها نتنياهو قبل تنحيه العام الماضي. وتظهر بيانات معهد إسرائيل للديمقراطية IDI أن ما يقرب من 80٪ من الناخبين الحريديم المؤهلين ظهروا في صناديق الاقتراع في آذار/مارس الماضي ولكن هناك قلق من أن الأرقام ستنخفض الأسبوع المقبل.

أصبح الجمهور الحريدي أكثر قومية في السنوات الأخيرة

داخل المجتمع الحريدي، يبدو أن هناك تراجعًا في الثقة في قيادة الأحزاب. وهذا يمكن أن يغير من تشتت التصويت. وهناك المزيد والمزيد من الأصوات داخل المجتمع تقول إنهم سيصوتون لقائمة الصهيونية الدينية القومية المتطرفة بقيادة بتسلئيل سموتريش وإيتامار بن غفير.

وقال موشيه مورغنسترن، المحامي وعضو مجلس بلدية بني براك، الذي يضم ثاني أكبر عدد من السكان الحريديم في البلاد، "أصبح الجمهور الحريدي أكثر قومية في السنوات الأخيرة"، وأضاف أن "بن غفير ينضح بالأمان لدى الكثيرين".

في السنوات الأخيرة، شهد السكان الحريديم تغييرات كبيرة، حيث أثارت تداعيات جائحة COVID-19 تساؤلات حول مستقبل الحركة من حيث التعليم واندماج الحريديم في أجزاء أوسع من المجتمع "الإسرائيلي". حيث يشعر الحريديون الأصغر سنًا والأكثر حداثة والأقل محافظة بأنهم منفصلون إلى حد ما عن الأحزاب الحريدية التقليدية التي برأيهم لا تروج ولا تهتم لمصالحهم واهتماماتهم.

وفي ذات الوقت ينظر الكثيرون في المجتمع الحريدي إلى الحكومة المنتهية ولايتها على أنها الأكثر عداءً لهم، في ظل يائير لابيد الذي غالبًا ما يشن حملة ضد القضايا الجوهرية التي تهم الحريديم. والذي عندما دخل السياسة، كان هدفه الرئيسي هو تقليل التأثير السياسي لليهود الأرثوذكس المتطرفين. وهو يفضل وقف إعفاءات التجنيد الشاملة من الخدمة العسكرية ويريد الحد من سلطة الحاخامية التي يهيمن عليها الحريديم.

وكان وصول لبيد إلى الساحة السياسية في عام 2012 بمثابة بداية معركة مؤثرة بين اليهود العلمانيين والمتدينين في "إسرائيل"، وبالنسبة للقطاع الحريدي، فإن لبيد هو رمز النضال العلماني ضد أسلوب حياتهم. وبالنسبة لنتنياهو، فهو خصمه السياسي الرئيسي، ومن نواحٍ عديدة، يدور هذا التنافس السياسي حول الهوية المستقبلية "لإسرائيل" كدولة يهودية.

في العام الماضي، حكم لبيد مع وزير المالية أفيغدور ليبرمان، الذي يعتبر أحد الأعداء اللدودين للمجتمع الحريدي الذي قال ذات مرة إنه يرغب في وضعهم في عربات اليد "مباشرة إلى القمامة"، جنبًا إلى جنب مع لبيد، حاول ليبرمان الترويج لسياسات كان ينظر إليها من قبل الأرثوذكس المتطرفين على أنها تستهدف وجودهم ذاته. وبالتالي قد يدفع الشعور بالاقتراب من الاضطهاد أي شخص، بما في ذلك الحريديم، إلى التصويت بأعداد أكبر. ولا يمكن التنبؤ بالنتائج رغم أن لابيد قد خفف على مر السنين نبرته تجاه المجتمع الحريدي، وربما أدرك الخسائر السياسية التي يمكن أن يتسبب بها مثل هذا الموقف عليه وعلى حزبه.

إلا أن هذا لم يفد بشي، حيث قال آشر كوهين، الأستاذ بجامعة بار إيلان، الخبير في شؤون الأحزاب الدينية والناخبين، إن "تصويت الحريديم لن يذهب أبدًا إلى الكتلة اليسارية"، و" لن يجلسوا أبدًا مع ليبرمان أو لبيد، الثمن السياسي للأحزاب الحريدية باهظ للغاية "، وبينما أدلى القادة السياسيون للطائفة اليهودية الحريدية بتصريحات تشير إلى أنهم قد يفكرون في منح تفويضاتهم لشخص آخر غير نتنياهو، فقد استبعدوا بشكل قاطع لبيد وليبرمان. وفي هذا السياق قال مورغنسترن: "هذه الانتخابات تتعلق بالهوية اليهودية للدولة" و "اليسار لا يفرق بين السياسات اليسارية السياسية والاجتماعية. والكتلة اليمينية أكثر انسجاما مع قيم الحريديم. باختيار (تجاهل) القيم الليبرالية، لا يمكن للجمهور الحريدي قبول اليسار". وأحزاب اليسار الوسط التي تروج لقضايا مثل وسائل النقل العام في يوم السبت (عندما لا يُسمح لليهود المتدينين بالقيادة) أو المرونة في التحول وطعام الكوشر، كل هذه الأمور أدت إلى نفور الناخبين المتدينين.

وبينما كان يوجد في الماضي، حكومات ائتلافية مع أحزاب اليسار والحريدي، فقد اختفى هذا الأمر في العقود الأخيرة، وأصبح هذا غير مرجح على نحو متزايد.

قضية أساسية تشغل بال الحريديم، حيث يمكن أن تكون القضية الأكثر إلحاحًا المطروحة على الطاولة هي قضية التعليم. وقال كوهين: "إنها القضية الأكثر حساسية في عالم الحريديم"، ويقع الجدل حول ما إذا كان يجب فرض دراسات مناهج أساسية للرياضيات واللغة الإنجليزية في مركز النقاش وله تداعيات على مستقبل السكان الحريديم وقدرتهم على دخول القوى العاملة "الإسرائيلية".

كما أدى واقع ارتفاع تكاليف المعيشة إلى دخول عدد أكبر من اليهود الحريديم إلى سوق العمل. وقد بدأ هذا تدريجياً في تآكل الانعزالية التي ميزت مجتمعهم لعقود وتم الحفاظ عليها بحماسة. وهذا مصدر قلق لكل من القادة الدينيين والسياسيين في العالم الأرثوذكسي المتطرف. كما أن سلطتهم السياسية مهددة لأن التصويت قد ينتشر بين المزيد من الأحزاب. وأدى الانحسار في الانعزالية إلى مزيد من التماثل مع دولة "إسرائيل" بين البعض في المجتمع الحريديم. قال كوهين: "لقد خضع الشباب لـ " الأسرلة "وهم أكثر يمينية وقومية". وهذا أيضا يغير الأولويات الأخرى، حيث يهتم الناس بحياتهم اليومية - الإسكان والتعليم وتكاليف المعيشة المرتفعة. وهم لا يصوتون لقضايا الدين والدولة وعلى المدى الطويل، يمكن أن تكون هذه العقلية "ثورية"، في غضون ذلك، أصبح شخص غير نظامي كبن غفير لاعبا مهما في الخطاب السياسي الحريدي.

أخيرًا يشير هذا التحليل إلى أنه يمكن للتيارات الخفيفة المتوقعة في الانتخابات المقبلة أن تتطور إلى موجات أكبر في المستقبل، وتغير الخريطة السياسية في "إسرائيل" والمجتمع ككل.

*المصدر: ترجمة بتصرف عن: كيرين سيتون. ميديا لاين