Menu

"غادرت وأغلقت ورائي" وداعًا شوقي بغدادي

شوقي بغدادي

دمشق _ بوابة الهدف

غيّب الموت الشاعر والأديب المعمّر "شوقي بغدادي"، أمس الأحد، عن عمر ناهز الـ 94 عامًا في العاصمة دمشق، بعد رحلة طويلة مع المرض، وبعد حياة حافلة في خدمة الشعر والأدب والثقافة السوريّة والعربيّة.

"البغدادي" شاعر وقاص كبير، ولد في مدينة بانياس الواقعة على الساحل السوري عام 1928م، وساهم بشكل كبير في تأسيس أول تنظيم أدبي سوري عام 1951م، والذي عُرف بـ"رابطة الكتاب السوريين".

وللبغدادي أيضًا، بحسب بيانٍ أصدره اتحاد الكتاب العرب في سورية، دور كبير في إنشاء اتحاد الكتاب العرب عام 1969م، وكان مناصرًا لقضايا السوريين عموماً وقضية فلسطين خصوصًا والتي كانت بمنزلة الجرح الذي ينزف في معظم نصوصه الشعريّة.

تعلّم الأديب "البغدادي" في دمشق، وتخرج من كليتي الآداب والتربية معًا عام 1951م، ثم عمل مدرسًا للغة العربية وآدابها في دمشق، وسافر إلى دولة الجزائر وعمل في كلية التعريب والتي كانت قد نشطت بعد الاستقلال عن فرنسا، ثم في عام 1972م عاد مجددًا إلى سوريا، وحرص طيلة مسيرته على دعم الأدباء الشباب وإبداعاتهم الجديدة من خلال المنابر الأدبية التي أشرف على تحريرها والتي عمل فيها محررًا؛ سواء في ملحق الثورة الثقافي سبعينيات القرن الماضي، وفي جريدة الأسبوع الأدبي في الثمانينات.

وقّع أولى إصداراته عام 1954م، وهي عبارة عن مجموعة قصصية بعنوان "حيّنا يبصق دائماً" سبقها عام 1952م إصدار قصصي مشترك بعنوان "درب إلى القمة"، وبعد ذلك بعام أصدر مجموعته الشعرية الأولى "أكثر من قلب واحد" 1955م، ومنذ ذلك، سيكون واحداً من صائغي السلاسة الوجدانية في المشهد الشعري السوري وأحد وجوه بلده الثقافية.

واعتقل الشاعر الماركسي الهوى، بجمهورية الوحدة السورية - المصرية، ليخوض إثر ذلك تجربة الاعتقال مدة تسعة أشهر داخل سجن المزة عام 1959م؛ بتهمة المشاركة في الأنشطة السياسية المناهضة لأنظمة القمع والمخابرات، ليعود بعدها إلى عمله في تدريس اللغة العربية في ثانويات دمشق، ومتابعة نشاطه السياسي.

وكان الأديب الكبير شاعراً سياسياً وأطلق على نفسه لقب "الثوري"، ونشر البغدادي العديد من المجموعات الشعرية والقصصية التي تركت أثراً مهماً في الأدب العربي منها: "أكثر من قلب واحد" 1955م، "لكل حب قصة" 1962م، "أشجار لا تحب" 1968م، بين الوسادة والعنق 1974م، ليلى بلا عشاق 1979م،  وقصص شعرية قصيرة جداً 1981م، "عودة الطفل الجميل" 1985م، "رؤيا يوحنا الدمشقي" 1991م، "شيء يخص الروح" 1996م، "البحث عن دمشق" 2002م، في حين ألّف أواخر حياته ديوانه "جمهورية الخوف" عام 2020م والذي نشره في صحيفة السفير اللبنانية، و "بعد فوات الأوان" 2021م.

بالإضافة إلى قصائد وجهها لأطفال، كمجموعة "عصفور الجنة"، و"حكايات وأناشيد للأطفال" 1982، و"القمر فوق السطوح" 1984.

يقول عنه الكاتب فواز حداد في رثائه: "كان واحداً من أكثر الأدباء تأثيراً في الحياة الأدبية العامة في سورية، شعرياً وأدبياً وسياسياً، مواقفه لم تتغير في جميع العهود، كان تقدمياً من دون إفراط ولا تفريط، وكان للراحل موقف من الثورة السورية عبّر عنه في غير مكان".

ووصفه الكاتب والناقد محمد منصور، بأنّه "صاحب بصمة في الحياة الثقافية السورية ليس كشاعر، بل كرجل ثقافة حيوي ومبادر ومنحاز لحرية المجتمع وسبل الحياة الكريمة الحرة وهجاء الاستبداد وتأكيد استحالة التعايش والتطبيع معه".

وفي حياة بغدادي العديد من الجوائز والتكريمات، منها: الجائزة الأولى للشعر والقصة القصيرة من مجلة النقاد الدمشقية، والجائزة الأولى للأناشيد الوطنية، وجائزة اتحاد الكتاب العرب لأحسن مجموعة شعرية، العام 1981، وجائزة البابطين للإبداع الشعري، العام 1998، وجائزة أحمد شوقي للإبداع الشعري من اتحاد كتاب مصر، العام 2021، كما كرم من قبل العديد من المهرجانات والفعاليات الثقافيّة العربيّة.