Menu

لا أحب غزّة

غزّة

بوابة الهدف _ المقداد جميل

لا أحب غزّة لزرقةٍ في بحرها الذي لا يختلفُ عن بحار الآخرين سوى بالألم الذي يتحمله من أهلها، أولئك الذين يتخذوه مكبّاً لهمومهم، ومقبرةً يدفنون فيها أحلامهم. لا أحبها لجمالها الكاذب في الصور، فهذه المدينة يتسابق المصوّرون على تجميلها ليرونا قدراتهم ويُروا العالم "جمالها" الكاذِب فعلاً.

أحب غزة لابتسامةٍ أراها على وجه طفلة، تنطلق كلَّ صباحٍ إلى مدرستها من بين رُكام منزلين قُصفا بجانبها. أحبها لحكايات السائقين خلال الدقائق القليلة التي يقلّون فيها الطلاب إلى جامعاتهم، حاملين معهم أملاً من بقايا أوجاع ليلةٍ سابقة. أحبّها لصوت فيروز حينَ يتردد من دُكّانِ رجلٍ عجوز صباح كل يوم. وحينَ يمتزج صوتها بصوت الطائرات، فيتغلّب عليها.

غزّة متعبة بقدر جمالها. مؤلمة تحاول قتل قلوبنا كلّ يوم، بقدر ما يحيينا بحرها. مُدهشة في الخذلان، تُتقن قتل دواخلنا، تحترف جَرحنا في عُمق النفس والقلب والروح. غزّة كالحُب، لكنها تسلُبنا الحُب، وضيّقة إن أرادت الفرح.