Menu

(الجزء الثالث عشر)

التحالف الصهيوني: اليميني العلماني واليميني الديني المتطرف في حكومة نتنياهو وأثره على القضية الفلسطينية

غازي الصوراني

(قراؤنا الأعزاء بدأنا من يوم السبت 11/2/2023، نشر وعلى أجزاء متلاحقة، آخر إصدار/كتاب؛ المفكر والباحث العربي الفلسطيني غازي الصوراني، الموسوم بعنوان: التحالف الصهيوني: اليميني العلماني واليميني الديني المتطرف في حكومة نتنياهو وأثره على القضية الفلسطينية. هذا الكتاب الهام والصادر في يناير من العام الحالي بعدد 228 صفحة، بحجم ورق من القطع المتوسط؛ نضعه بين أيدينا قراؤنا آملين أن تتم الاستفادة المرجوة منه في موضوعه المحدد وعلاقته المباشرة؛ بشعار/دعوة/مبادرة/ضرورة: "اعرف عدوك" وضرورة مواجهة تجسيداته العملية إلى جانب ما يسمى: راويته التاريخية..

نوجه شكرنا الكبير وتحياتنا العالية إلى الباحث والمفكر القدير غازي الصوراني، على جهده الفكري والمعرفي المتواصل، وعلى خصه بوابة الهدف بنشر كتابه على أجزاء عبر موقعها الإلكتروني).

 

 

التحالف الصهيوني: اليميني العلماني واليميني الديني المتطرف في حكومة نتنياهو وأثره على القضية الفلسطينية

(الجزء الثالث عشر)

غازي الصوراني

أبرز رموز التيار الديني والقومي الصهيوني الإرهابي

ملحق رقم ( 5 )

"يرتبط تنامي نفوذ التيار القومي الديني المتطرف بالتوجه اليميني الذي صار يشهده المجتمع الإسرائيلي، ويُشار إلى أن انتصار حزب "الليكود" في انتخابات سنة 1977 وفي سنة 2009 قد عزز نفوذ هذا التيار على الساحة السياسية الإسرائيلية، وداخل الجيش الذي صار 30 ٪ من ضباطه يتماهون مع مواقف هذا التيار"[1]، وقد تزايد نفوذهم وانتشارهم في ضوء نتائج انتخابات الكنسيت نوفمبر 2022 ومشاركتهم في حكومة نتنياهو التي تشكلت نهاية ديسمبر 2022.

وصارت ظاهرة تنامي دور هذا التيار مثار اهتمام متزايد من جانب المحللين السياسيين، بالتوازي مع تزايد الاعتداءات التي يقوم بها أنصاره الصهاينة المتطرفون في المستوطنات، على المدنيين الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة.

الحاخام ابراهام يستحق كوك (1865 - 1935):

 كان الحاخام الأشكنازي الأول في فترة الانتداب، يعتبر حجر الأساس للتيار الصهيوني الديني. أعطى الحاخام كوك المشروع الصهيوني طابعاً خلاصياً دينياً، واعتبر أن الصهيونية حتى في صيغتها العلمانية هي تعبير وجزء من الخطة الربانية لتحقيق الخلاص المسياني، ورأى في الصهيونية رغم علمانيتها بداية الخلاص[2] ، واعتبر أن الدولة هي حالة تسام ربانية تتحقق من خلالها الإرادة الإلهية على الأرض، وأضاف أنه في هذه الدولة لا مكان للعلمانية، ذلك أن إقامة العلاقة بين العالم الإلهي والدهري هو أساس وجودها.

 واستمر في تطوير وتوسيع البعد الديني الخلاصي الابن إسحاق كوك (1891-1989) الذي تحول إلى الأب الروحي والقائد الملهم للصهيونية الاستيطانية"[3].

زئيف جابوتنسكي (1880 - 1940)

وُلد في أوكرانيا ، أكتوبر 1880 وتوفي في 4 أغسطس 1940، هو زعيم صهيوني، مؤلف، شاعر، خطيب، جندي، ومؤسس منظمة الدفاع الذاتي اليهودي في اوديسا. درس القانون في سويسرا وإيطاليا.امتهن الصحافة تحت اسم ألتلينا لصحف تكتب باللغة روسية ثم باللغة اليديشية ومن باللغة العبرية.

عادة ما يعتبر فلاديمير جابوتنسكي الممثل النموذجي لحقيقة الفاشية الصهيونية، وكان هو المعبر الأصدق عن حقيقة الصهيونية بوصفها ليست سوى نموذج آخر معدل عن الفاشية، لقد اختلف معه الصهاينة الآخرون وعارضوه ولكن الحقائق تؤكد إنهم اتبعوا دوما برنامجه.

يرتكز مفهوم جابوتنسكي للعالم على العرق، فالوحدة العرقية عنده هي أصل قيام الأمم لذلك فان الوحدة العرقية والقوة هما نقطتا انطلاق برنامجه السياسي. وقد استمد جابوتنسكي الكثير من عناصر فاشيته الصريحة من تجربته الإيطالية التي عاش فيها زمن صعود الفاشية واستيلائها على السلطة، وكان يعلم الفتيان اليهود في منظمة (بيتار) أغان من نوع «ألمانيا لهتلر وايطاليا لموسوليني و فلسطين لجابوتنسكي».

بدأ جابوتنسكي نشاطه الصهيوني عام 1903 بحضور المؤتمر الصهيوني السادس.

يعد جابوتنسكي من أهم مؤسسي «الصندوق القومي اليهودي»، والفيلق اليهودي الذي شارك في الحرب العالمية الأولى إلى جانب بريطانيا وكان يظن أنه أحد العوامل الحاسمة في صدور وعد بلفور. كان جابوتنسكي يعتقد أن على اليهود يجب أن يساعدوا البريطانيين للاستيلاء على فلسطين التي كانت تحت الوصاية العثمانية لإنشاء موطن يهودي ففكر في قوة مسلحة يهودية وهي الفيلق اليهودي.

 تولى قيادة الكتيبة رقم 38 في الجيش البريطاني العام 1917 ورُفي إلى رتبة ليفتينانت وكان من أوائل الجنود الذين عبروا الأردن.

اصطدم مع زعامة الحركة الصهيونية وعلى رأسها حاييم وايزمان، واعتبر جابوتنسكي أن توجه الصهيونية ضد الفلسطينيين لين ومرن أكثر من اللازم، وعلى إثر عمليات اعتداء على الفلسطينيين شنتها الهاغاناه في نيسان 1920 في القدس تم إلقاء القبض عليه وحُكم عليه بالسجن مدة خمسة عشر عاماً مع الأشغال الشاقة في سجن عكا.

أثار الحكم عليه ضجة واسعة في المستوطنات وخارج فلسطين ما دفع بعض القيادات الصهيونية إلى وضعه على رأس قائمة المرشحين لحزب أحدوت هعفودا استعداداً لانتخابات جمعية المندوبين الأولى، ولما أُفرج عنه من السجن في صيف 1920 إثر نيله عفواً عاماً تقرب من وايزمان وضُمّ إلى الإدارة الصهيونية العامة، وكان من بين الموافقين على التنازل عن المطالبة بالأردن.

في عام 1921 أصبح عضواً في اللجنة التنفيذية للمنظمة الصهيونية العالمية ولكنه انشق عن المنظمة سنة 1923 بعد خلاف معها وأسس حركة بيتار سنة 1923 ثم أسس حزب الصهيونية التصحيحية سنة 1925 أحد أهم أحزاب اليمين الصهويني المطالب بإنشاء دولة يهودية تمتد ما بين النهرين. أثار هذا غضب حكومة الانتداب البريطانية التي قامت منعه من دخول فلسطين إلى اجل غير مسمى عام 1930.

عارض جابوتنسكي بشدة خطة التقسيم التي عرضتها لجنة بيل عام 1937، ودعا إلى رفض الاكتفاء بإقامة (إسرائيل) على أرض فلسطين وحدها بل مدها إلى الأردن وصحراء سوريا.

منطلقات جابوتنسكي: أخذ يضع التنظيرات لمذهبه الخاص في الصهيونية. ويتلخص مذهبه في بناء جدار حديدي حول الكيان الصهيوني. لا يقصد جدارًا حقيقيًا، بل جدارًا خياليًا لبناته قوة اليهود المادية والعسكرية، وقوتهم النفسية والإعلامية التي تكرر على عقول الفلسطينيين أن اليهود قوة لا تُقهر لذا فعلى كل فلسطيني أن يرضخ للأمر الواقع لأنه أضعف من تغييره[4].

فجابوتنسكي لخصّ مشروعه تقريبًا في كلمة واحدة، اليأس. فقد انطلق الرجل من أن الفلسطينيين شعب حيّ، وأنهم ما دام فيهم ذرة أمل فإنهم لن يتنازلوا للصهيونية عن أي شيء. وبحسب مذهب زئيف فزرع الإحباط واليأس في نفوس الفلسطينيين حتى يفقدوا كل الظن بإمكانية طرد المحتل. حتى يتوصل الفلسطينون في النهاية إلى ضرورة اختيار قادة أكثر اعتدالًا لا يحبذون المقاومة العسكرية ليتوصلوا لاتفاق وسط مع الصهاينة.

من أهم ما قاله جابوتنسكي عن إمكانية الوصول إلى سلام مع الفلسطينيين، "عرب أرض إسرائيل" كما وصفهم، أو "سكان البلاد الأصليين" كما عرّفهم، أنه "لا مجال للحديث عن قبول الفلسطينيين وتسليمهم بوجودنا، ليس الآن، ولا في حدود المستقبل المنظور... ذلك لأن من المستحيل أن يقبل الفلسطينيون عن طيب خاطر تحويل بلادهم من أرض عربية إلى أرض ذات أغلبية يهودية". ويضيف: "مَن لا يقبل رأيي هذا ويعرف تاريخ الاستيطان في بلاد أخرى، عليه أن يأتيني بحالة واحدة قبِل فيها السكان الأصليون أن يستوطن الغرباء بلادهم. كان السكان الأصليون، متحضّرين أو غير متحضّرين. لقد حاربوا بعناد ضد المستوطنين، أما أساليب عمل المستوطنين، فلم تغيّر مطلقاً من موقف السكان الأصليين من المستوطنين".

ويُنهي جابوتنسكي فقرته الأولى من مقالته المذكورة بالقول: "كل شعب يحارب المستوطنين ما بقي لديه بقية أمل بأنه يستطيع التخلص من خطر الاستيطان. هكذا فعلوا... وهكذا سيفعل عرب فلسطين ما دام لديهم بقية أمل".

لذلك لا يمكن ممارسة الاستيطان إلا بالقوة رغماً عن الفلسطينيين، كما يحدث الآن"، ويقصد عام 1923.

علينا أن نستمر ونطوّر مشروعنا رغم أنف الشعب الأصلي بحماية قوة عسكرية، غير مرتبطة بالسكان المحليين -"جدار حديدي"، لا يستطيع السكان المحليون التصدّي لها". ثم يعود ويؤكد من جديد، أن "هذا المبدأ لا يخصّ التعامل مع الفلسطينيين فقط، بل التعامل مع كل العرب".

كل هذا لا يعني أن لا نسعى للوصول إلى اتفاق مع الفلسطينيين. لكن، ما دام لديهم بصيص أمل للتخلص منّا فلن يبيعوا آمالهم، لا بالكلام المعسول ولا بقطعة خبز... وفقط عندما لا يبقى في "الجدار الحديدي" أيّ شق، لا يبقى لديهم بصيص أمل. عندها ستفقد المجموعة المتطرفة، وشعارها الرفض المطلق، قوتها، وبدلاً منها سيأتي إلينا الفريق المعتدل ويبدي استعداداً للتنازل والمساومة. الطريق الوحيد للوصول إلى اتفاق هو الجدار الحديدي".

"الجدار الحديدي"، كما عبر عنه جابوتنسكي "ليس مجرد أداة لتحقيق أهداف معينة، بل هو الأداة والأهداف معا، وهنا تكمن أهمية سر استمراريته حتى يومنا، وهو يتشكل من أربعة مركبات أساسية[5]:

أولاً، السعي إلى فرض أكثرية يهودية على ضفتي الأردن؛

 ثانيًا، التحالف مع القوى الإمبريالية العظمى لتعزيز وهن المحيط العربي عموما والاستعانة بها لإنشاء دولة يهودية على كامل التراب على ضفتي الأردن؛

ثالثًا، الإحجام عن أي محاولة للتفاوض مع المحيط العربي عموما، والفلسطيني خصوصًا ، إلى حين فيه ينعدم أي بصيص للأمل» لديهما بالتخلص من الكيان الاستيطاني الصهيوني؛

ورابعا، بناء قوة عسكرية جبارة لا يمكن للمحيط العربي وسكان البلاد العرب التغلب عليها".

يخلص جابوتنسكي إلى أنه ليس ثمة مجال للحديث، لا في الحاضر ولا في المستقبل المنظور، عن تصالح بين سكان أرض إسرائيل العرب وبيننا يتحقق عن طيب خاطر»، إذ إنه من غير الممكن أبدا الحصول على موافقة طوعية من سكان أرض إسرائيل العرب على تحويل أرض إسرائيل من بلاد عربية إلى بلاد ذات أغلبية يهودية».

 وذلك، لأن كل شعب يحارب المستوطنين طالما بقي لديه بصيص أمل في التخلص من خطر الاستيطان، هكذا فعل سكان أرض إسرائيل العرب، وهكذا سيفعلون طالما بقي لديهم بصيص أمل».

يقول جابوتنسكي «إن استيطاننا - إما أن يتوقف وإما أن يتواصل ضد رغبة السكان الأصليين، وبمقدوره أن يتواصل ويتطوّر بحماية قوة مدافعة مستقلة. السكان المحليين - جدار حديدي لن يكون بمقدور السكان المحليين اختراقه» [6].

وعليه، فمن الضروري إخضاع السكان الأصليين إلى أن يفقدوا أي "بصيص للأمل" في التغلب على الكيان الصهيوني الذي سيقام على ضفتي الأردن، إن كان ذلك من خلال بناء قوة قهر لا تقوى عليها شعوب المنطقة، أو من خلال إضعافها أو كليهما معًا. ويخلص جابوتنسكي إلى القول: إن الطريق الوحيدة إلى مثل هذا الاتفاق هي الجدار الحديدي، أي تعزيز الحكم في أرض إسرائيل بحيث لا يكون معرضا لتأثيرات عربية أيا كانت، وأقصد الحكم الذي يحارب العرب ضده»[7].

"وماذا بشأن اللحظة التاريخية الملائمة للدخول في مفاوضات وإبرام الاتفاقيات ؟ يخبرنا جابوتنسكي إنها لحظة انكسار الأمل وانعدامه بين كافة العرب بالانتصار على الكيان اليهودي المزمع إقامته:

يقول: ليس معنى كل هذا أنه يجب عدم التفكير في إمكانية عقد أي اتفاق طوعي مع عرب أرض إسرائيل. ولكن طالما بقي لدى العرب بصيص من الأمل بالتخلص منا فلن يقايضوا أملهم هذا، لا مقابل بضع كلمات حلوة ولا مقابل شريحة خبز مغذية مدهونة بالزبدة. ولذلك تحديدا، لا يجوز اعتبارهم رعاعًا بل شعب، وحتى لو كان شعباً متخلفا إلا أنه شعب حي.

ويردف جابوتنسكي قائلا موضحًا طرحه هذا:

 يوافق الشعب الحي على تقديم تنازلات في قضايا مثل هذه القضايا العظيمة والمصيرية عندما ينعدم الأمل فقط، عندما يظهر للعيان أي شق في الجدار الحديدي. عندها فقط تفقد سحرها تلك المجموعات المتطرفة التي تحمل الشعار لا في جميع الأحوال»، وينتقل النفوذ إلى المجموعات المعتدلة. عندها فقط يأتي إلينا هؤلاء المعتدلون حاملين اقتراحًا للتنازلات المتبادلة وعندها فقط يباشرون بالتفاوض معنا، باستقامة حول قضايا عملية مثل الضمانات لعدم الطرد من البلاد، أو حول المساواة في الحقوق، أو بشأن حكم ذاتي وطني مستقل؛ وأنا أومن وآمل أننا سنقدر حينها على منحهم ضمانات كهذه تهدئ من روعهم، فيستطيع الشعبان أن يعيشا جنبًا إلى جنب بسلام وبعلاقات نزيهة.

لكن -كما يضيف جابوتنسكي- هناك ضرورة حيوية لا يمكن الاستغناء عنها لتحقيق كل ذلك وهي تتمثل في التحالف مع  القوى الاستعمارية للحيلولة دون توحيد البلاد العربية وتعزيز قوتها، وإحداث اختراق في هذا "الجدار الحديدي"[8].

ويضيف جابوتنسكي في مقالته النظرية الأخلاقية للجدار الحديدي»، المرفقة بترجمتها العربية لاحقا ما يلي[9]:

طالما تنظر إلينا الحركة (القومية) العربية حاليا بعدائية لا يمكن أن نساندها طبعًا ، هذا ما يجب أن يكون لأن البديل غير ممكن، إلى أن يُخضع الجدار الحديدي العرب فيتقبلوا الصهيونية مرة واحدة وإلى الأبد.

تسعى مقالة النظرية الأخلاقية للجدار الحديدي» إلى التأكيد على الأبعاد الأخلاقية للمشروع الصهيوني برمته، وعلى طرح «الجدار الحديدي» بصفته -كما يقول د. نبيه بشير- عقيدة استراتيجية، ولا زلنا نسمع أصداء هذه النظرة «الأخلاقية» بين الإسرائيليين كافة، علمانيين ومتدينين على حد سواء، وخلاصتها أن الشعوب العربية تقيم على مساحات شاسعة جدًا من الأراضي، بينما لا يلقى الشعب اليهودي موطأ قدم له ليحقق كيانه السياسي ويحقق آماله بالحياة المستقلة.

إن عقيدة الجدار الحديدي، كما عرضتها، لا تزال وبحق، إلى جانب أهدافها أداة لإدارة الصراع على أمل الوصول في النهاية إلى انعدام الأمل في أفئدة الطرف العربي للانتصار على المشروع الصهيوني. ولكن الإشكالية في تفسير شلايم تكمن في أنه يفترض أن انعدام الأمل قد تحقق فعلاً، لهذا فهو يرى أن تفسير ليفنات يختلف عما جاء في هذه العقيدة. ولكننا نرى أن الطرف العربي لم يصل بعد إلى مرحلة فقدان الأمل، فها نحن نراه يقاوم وينتفض بين الفينة والفينة. وعليه، لم يحن الوقت الملائم، بعد، وفق عقيدة الجدار الحديدي، للدخول مع المحيط العربي في مفاوضات، إلا إذا اعتقد شلايم وكافة التيارات اليمينية في إسرائيل، أن الجانب العربي قد رضخ كليًا وفقد الأمل بتاتا فعلا"[10].

إن معسكر اليمين الجابوتنسكي في" إسرائيل"، يتمثل في بنيامين نتنياهو وسائر غلاة المستوطنين المشاركين في الحكومة السابقة أو الحالية أو خارجهما، وجميعهم يرى أن أيّ تفاوض مع الشعب الأصلي، أي الفلسطيني، لأجل إقامة دولته المستقلة، هو كسر في "الجدار الحديدي"، لأنه بمنزلة إعطاء الأمل للفلسطينيين، مجدّداً، لتحقيق حلمهم في السيادة والحرية على أرض وطنهم، باعتبارهم شعباً حيّاً يستحق هذه الحقوق، وهذا يتناقض تماماً مع عقيدة جابوتنسكي التي تؤكد أن الشعب الفلسطيني لن يرضى بالمستوطنين إلا إذا استسلم للقوة وفقد الأمل باستعادة الحق المغتصب. وهذا هو جوهر الصراع في الوقت الحاضر مع حكومة نتنياهو حالياً[11].

توفي في أغسطس 1940 في الولايات المتحدة بعد إصابته بأزمة قلبية وكان قد تمنى أن يتم دفنه في الدولة اليهودية التي يريد إنشاؤها. تم نقل رفاته ورفاة زوجته إلى قمة هرتزل سنة 1964.

في يوم الـ 22 من تموز/ يوليو من كل عام 1940، تُحيي دولة العدو "إسرائيل" ذكرى جابوتنسكي، قائد عصابات الإيتسل الصهيونية، وقائد التيار التنقيحي في الحركة الصهيونية، بموجب قانون خاص سُمّي "قانون جابوتنسكي"، الذي سنّه الكنيست عام 2005، وهدفه تعليم تراث جابوتنسكي للأجيال الحالية والمقبلة والعمل وفقاً له[12].

مائير كاهانا (1932 - 1990):

 ولد كاهانا في بروكاين مدينة نيويورك، نيويورك عام 1932 لعائلة يهودية أرثوذكسية. كان والده الحاخام يحزقیل شاراكا كاهانا، قد ولد في صفد فلسطين العثمانية، وفي سن البلوغ، أصبح من أكثر من المتحمسين لفلاديمير جابوتنسكي .

بدأت الحياة السرية لكاهانا في أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات وأهلته آراؤه المتعصبة المناهضة للشيوعية ليتقلد منصب مستشار في مكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي) .

أسس مئير كاهانا رابطة الدفاع اليهودية (JDL) في مدينة نيويورك عام 1968. وحسب الرابطة نفسها فأهدافها هي حماية اليهود من المظاهر المحلية لمعادة السامية.

في عام 1971، حقق الحاخام كاهانا حلم حياته وهاجر إلى "إسرائيل".

في إسرائيل، أسس حزب كاخ عام 1980، خاض كاهانا انتخابات غير موفقة للترشيح في الكنيست الإسرائيلي في العام نفسه، تم القبض على كاهانا للمرة 62 منذ هجرته إلى "إسرائيل" وسجن مدة ستة أشهر بعد صدور أمر اعتقاله بناء على مزاعم التخطيط لهجمات إرهابية انتقامية ضد الفلسطينيين، ورفضت لجنة الانتخابات المركزية قبوله كمرشح بسبب أن كاخ حركة عنصرية.

في عام 1984 انتخب كاهانا عضوا في الكنيست، رفض كاهانا أن يؤدي القسم الرسمي وأصر على إضافة فقرات من الأناشيد للإشارة إلى أنه عندما يكون هناك خلاف بين القوانين الوطنية والتوراة فإن قانون التوراة ينبغي أن يعلو على قوانين الكنيست.

ركزت مقترحات كاهانا التشريعية على إخراج السكان العرب من إسرائيل، وإلغاء الجنسية الإسرائيلية لغير اليهود، وحظر زواج اليهود بأصحاب الديانات الأخرى، وطالب بضرورة تطبيق قانون الشريعة اليهودية التي أوصى بها موسى بن ميمون في مثناء التوراة .

في عام 1985 ، أقر الكنيست تعديل في القانون الإسرائيلي الأساسي، يمنع المرشحين المتعصبين من الانتخابات، ومنعت اللجنة الانتخابية كاهانا للمرة الثانية. وقدم طعناً للمحكمة العليا الإسرائيلية.

اغتياله: تم اغتياله في نوفمبر 1990، في أعقاب خطبة أغلب حاضريها من اليهود الأرثوذكس في بروكلين، وكذلك حشد من المهنئين الملتقين حول ماثير كاهانا في محاضرة في الطابق الثاني بالجناح الشرقي بفندق ماريوت.

وكان المشتبه الأساسي هو سيد نصير أمريكي من أصل مصري، والذي برأ من التهمة لاحقا، لكنه سجن لحيازته أسلحة، أثناء تصوير فيلم وثائقي عن كاهانا، أرسل سيد نصير خطاباً اعترف فيه بأنه القاتل.

الحاخام تسفي يهودا كوك (1891 - 1982):

ابن الحاخام إبراهيم إسحاق كوك، أول أشكنازي كبير الحاخام البريطاني فلسطين الانتدابية. تعاليمه مسؤولة جزئيًا عن حركة الاستيطان الدينية الحديثة في يهودا والسامرة ، إلى حد كبير من خلال حركة غوش إيمونيم ، التي أسسها طلابه، يُطلق عليه أحيانًا نبي "إسرائيل" الكبرى " زعيم حركة الاستيطان البائدة الآن ، غوش إيمونيم .

" الحاخام كوك الإبن، الذي أصبح القائد الروحيّ البارز للصهيونيّة الدينية، ورئيس "يشيفات مركاز هراف"، (المعروفة باسم أم المدارس الصهيونية) استكمل هذا التوجّه، معتبراً أنّ "شعب إسرائيل" موجود في ذروة سيرورة خلاص، وأنّ قيام دولة "إسرائيل" مرحلةٌ مركزيّة في الخلاص اليهوديّ، وأنّها ظاهرة يتجلّى فيها تقديس اسم الربّ، وأنّ قدوم اليهود إلى إسرائيل والاستيطان في "يهودا والسامرة" (التسمية الصهيونيّة لمناطق الضفّة الغربيّة المحتلّة)، هو من أهمّ محطات هذا الخلاص.

الراف كوك الإبن كان القائد الروحيّ المؤسّس لحركة "غوش إيمونيم" الاستيطانيّة، التي قامت عملياً في أعقاب حرب 1973. في وثيقتها التأسيسيّة، التي نشرتها في التاسع من فبراير/ شباط 1974، كتبت الحركة: "تأسّست غوش إيمونيم من أجل تشكيل بشارة جديدة-قديمة... من أجل إيقاظ التحقّق الصهيونيّ الكامل في العمل والروح، عبر إدراك جذور رؤية اليهوديّة: الخلاص الكامل لشعب إسرائيل والعالم أجمع!" [13].

أنشأ العديد من أتباعه الأيديولوجيين عدداً من المستوطنات ، وكان له الفضل في نشر أفكار والده ، مما ساعد على تشكيل أساس الصهيونية الدينية، كما عارض بشدة أي تحركات سياسية للتخلي عن أجزاء من "أرض إسرائيل". من أقواله: "نحن لسنا أمة الفاتحين. نحن نعود إلى أرض آبائنا. لا أحد ، ولا رئيس وزراء ، لديه السلطة للتخلي عن أي جزء من البلاد".

الحاخام تسفي يهودا كان معجبًا جدًا بالحاخام منير كاهانا ونشاطه لصالح اليهود، وفي خطاب دعمه لكهانا ، قال : إن وجود الحاخام منير كهانا وكلماته التي لا هوادة فيها من منصة الكنيست ستضيف بلا شك القوة والقيمة إلى النضال الإجباري من أجل كل أرض "إسرائيل" ".

في هذا الجانب، أشير إلى أن " إعطاء معنى دينيّ لإقامة "إسرائيل" وللاستيطان كفعل خلاصيّ يقرّب مجيء المسيح، لا يقتصر فقط على الراف كوك الأب والإبن، ولا على التيّارات اليهوديّة الصهيونيّة - الدينيّة، بل هناك تيّارات مسيحيّة- (البروتستانط) صهيونيّة، تتقاطعُ مع هذه الرؤية الخلاصيّة، وترى في "إسرائيل" تحقيقاً لنبؤات الكتاب المقدّس، وهي ذات تأثير ولها دور، يجب الوقوف عنده والتعمّق فيه"[14].

الحاخامات الأكثر شهرة بين طلابه هم الحاخامات شلومو أفينر ، تسفي ثاو ، زلمان ميلاميد ، يتسحاق شيلات، David Samson ، Eliezer Melamed Zephaniah Drori Dov Lior" Ham Drkman موشيه ليفينجر، ويعقوب أريئيل، العديد من هؤلاء الطلاب هم من بين أولئك الذين شجعهم على إقامة مستوطنات و موشافات .

الحاخام دوف ليئور ( 1933 -  ):

ولد 1933[15] حاخام متطرف هو كبير حاخامات الخليل وكريات أربع في جنوب الضفة الغربية، ويرأس أيضاً "مجلس حاخامات يهودا والسامرة"، هو الأب الروحي للصهيوني المتطرف إتمار بن غفي، وهو أيضاً الزعيم الروحي لائتلاف الصهيونية الدينية المتشددة الذي يضم 3 أحزاب "الصهيونية الدينية" و "العظمة، اليهودية"  "نعوم".

 أحد أكثر حاخامي التيار الصهيوني – الديني تطرفاً. وهو الحاخام السابق لمستوطنة "كريات أربع" في الخليل، والتي تعتبر واحدة من معاقل غلاة المستوطنين المتطرفين. ويتمتع ليئور بشعبية واسعة جداً بين المستوطنين المتطرفين، وهو الزعيم الروحي لعصابات "شبيبة التلال"، التي تقوم بارتكاب اعتداءات على الفلسطينيين وأملاكهم والاستيلاء على أراض في الضفة الغربية وإقامة بؤر استيطانية عشوائية.

ليئور يعتبره الكثيرون أحد أكبر دارسي الصهيونية المتدينة والتلميذ الرئيسي للحاخام زڤي يهودا كوك، ابن الحاخام ابراهام اسحق كوك.

وفي أواخر عقد 1980، أحبط المدعي العام الإسرائيلي انتخاب ليئور في مجلس الحاخامات الأعلى بعد اعتراضات عامة على تصريحات أعطاها بإن الإرهابيين العرب المقبوض عليهم يمكن استخدامهم في إجراء تجارب طبية.

وقد أصدر، مع حاخامات آخرين، فتوى هالاخية لا سابق لها بأن على إسرائيل قصف الأحياء السكنية في المناطق التي يأتي منها هجمات على المجتمعات اليهودية، وبعد مذبحة مركز هارَڤ، أصدر فتوى أخرى تقول أنه حرام، حسب الشريعة اليهودية، توظيف العرب أو تأجير بيوت لهم.

ساهم في إصدار فتوى بإهدار دم رئيس وزراء دولة العدو الأسبق "اسحق رابين" ، كما أصدر فتوي دينية تبيح البناء الاستيطاني في يوم العطلة اليهودية السبت والمحرم علي اليهود ـ حسب المعتقد اليهودي ـ القيام بأي أعمال فيه. أما أخطر الفتاوي الدينية التي لا يكف «ليئور»عن إصدارها فهي الفتاوي التي أباحت قتل المدنيين الفلسطينيين من نساء وأطفال وشيوخ خلال العمليات العسكرية ضد نشطاء الفصائل الفلسطينية منتصف 2004، مؤكدًا أن قتل الأبرياء من الفلسطينيين مباح لحماية الجنود الإسرائيليين ومنع تعرضهم لخطر الموت.

معتقداته: يعتبر دوف ليئور من أكبر مؤيدي هدم المسجد الأقصي وبناء هيكل سليمان المزعوم مكانه، ومعروف عنه قيامه هو ومجموعة من تلاميذه كل فترة وأخري بمحاولة اقتحام المسجد والتعدي علي المصلين الفلسطينيين .

لطالما كان ليئور صريحاً في آرائه السياسية، وقد روَّج مراراً النظرية القائلة بأن ما يسمى "أرض إسرائيل الغربية" (أي كل فلسطين التاريخية) هي أرض لليهود وحدهم. وهو يدعي أن "أرض إسرائيل الشرقية" (أي المملكة الأردنية اليوم) أرض لليهود أيضاً، فهي وإن كانت أقل قدسية، فهي أرض إسرائيل أيضاً. وقال ليئور إن الانسحاب من أي جزء من "أرض إسرائيل الغربية" إنما هو خطيئة.

أثناء هجوم العدو الصهيوني على قطاع غزة في يوليو/تموز 2014، أصدر ليئور فتوى دينية تُبيح إبادة قطاع غزة بأكمله، وتعفي الجنود الإسرائيليين من واجب التمييز بين المقاتلين وغير المقاتلين، "فلا بأس في قتل المدنيين الأبرياء وإبادة غزة".

يهودا يشوع غليك (1965 -    ):

إسرائيلي، أمريكي حاخام حزب الليكود منذ 1997، وناشط سياسي صهيوني متطرف، يعمل على تمكين اليهود من الصلاة في المسجد الأقصى الذي يسمونه ويزعمون بأنه "جبل الهيكل". وهو زعيم منظمة هاليبا المتطرفة، التي هي ائتلاف من جماعات يهودية متطرفة تهدف كذلك لتحقيق الولوج الشامل إلى جبل الهيكل. وغليك هو رئيس لمؤسسة تراث جبل الهيكل"، كما عمل سابقا مديرا تنفيذيا لمعهد الهيكل.

نعتته الشرطة ووسائل الإعلام الإسرائيلية بالرجل بالاستفزازي الخطير، حيث كان دائما يتزعم محاولات اقتحام الحرم القدسي، حيث كان يقدم للزوار اليهود شروحات عن حيوية بناء الهيكل الثالث المزعوم.

في 30 أكتوبر 2014 تعرض غليك لمحاولة اغتيال، حيث أطلق عليه سائق دراجة نارية ثلاث رصاصات، نقل على إثرها للعناية الفائقة بمستشفى شاعري تسيدك". واتهمت السلطات الإسرائيلية الأسير الفلسطيني السابق معتز حجازي .

إيتمار بن غفير (1976 -  ):

محامي معروف بدفاعه المجاني عن المتهمين بمهاجمة وقتل فلسطينيين ، مولود لمهاجرين يهوديَين من العراق ، أعفاه الجيش الإسرائيلي من الخدمة الإلزامية بسبب مواقفه المتطرفة ، لسنوات رفضت نقابة المحامين طلبه العضوية بسبب سجله الجنائي .

خلْف كل مواجهات اندلعت مؤخرا في باب العامود أو المسجد الأقصى أو الشيخ جرّاح أو أم الفحم أو الخليل ، يبرز اسم إيتمار بن غفير، وهو امتداد لحزب "كاخ" الإرهابي، فمنذ صغره هدد إيتمار بن غفير، زعيم حزب "العَظَمَة اليهودية، بإيذاء رابين في مقابلة تلفزيونية أجراها آنذاك، ومع ذلك لم توجه إليه تهمة؛ لأنه كان قاصراً، إلا أن تعصبه اليميني كفلَ له صداقة دائمة مع الحاخام ليئور بعد ذلك.

تاريخ حافل بالتطرف: برز اسم بن غفير في كل الأحزاب اليهودية المتطرفة بدءاً من "موليدت"، الذي دعا إلى تهجير المواطنين العرب من إسرائيل، مروراً بحزب "كاخ" المصنف إرهابياً بالقانون الإسرائيلي، وصولاً إلى حزب "الصهيونية الدينية" الذي أدخله إلى الكنيست .

ومع حصوله على شهادة مزاولة المحاماة، برز بن غفير كمدافع عن عناصر اليمين المتشدد المتهمين بارتكاب جرائم ضد الفلسطينيين، بما فيه جماعة "لاهافا" اليمينية المتهمة بتنفيذ هجمات ضد فلسطينيين.

أشارت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية في إبريل/نيسان 2018، إلى أن قائمة موكليه، كمحام، شملت "المشتبه بهم في قضايا الإرهاب اليهودي وجرائم الكراهية في إسرائيل".

وقالت آنذاك: "بن غفير يدافع أمام المحاكم، كمحام، عن اثنين من المراهقين المزعوم تورطهم في هجوم بقرية دوما بالضفة الغربية، والذي أسفر عن مقتل ثلاثة من أفراد عائلة دوابشة".

ودافع بن غفير أيضا عن "شبان التلال"، وهم مستوطنون متهمون بالاستيلاء على أراض فلسطينية خاصة، والاعتداء على فلسطينيين، والذين وصفهم بأنهم: "ملح الأرض. هؤلاء الأطفال الذين يسكنون قمم تلال يهودا والسامرة (الضفة الغربية) هم أكبر الصهاينة الموجودين".

دعا بن غفير إلى طرد المواطنين العرب الفلسطينيين في إسرائيل، الذين يدّعي أنهم ليسوا موالين للدولة، وكانت هناك صورة معلقة في منزله له مع باروخ غولدشتاين، الذي ذبح 29 مسلمًا في الحرم الإبراهيمي عام 1994 .

وزّع بن غفير إعلانات تحرض على أعضاء الكنيست العرب الفلسطينيين، قائلا إنهم "قنبلة موقوتة"، ووزع ملصقات كتب عليها "إما نحن أو هم .. اطردوا العدو العربي. (زعيم حزب كاخ مائير) كهانا على حق .

بتسلئيل سموتريتش ( 1980-  ) :

ولد يوم 27/4/1980، متزوج وله خمسة أولاد ويستوطن في مستوطنة "كدوميم"، لقب أول في الحقوق.

وصل إلى الكنيست لأول مرّة في انتخابات 2015، وهو مدير "جمعية رغافيم" اليمينية المتطرفة العنصرية، التي تلاحق الفلسطينيين في مناطق 48 و67، وخاصة في مجال الاراضي والبناء، وتحث السلطات الحكومية، على استصدار أوامر هدم بيوت عربية، بحجة البناء غير المرخص، ويبرز نشاط هذه الحركة العنصرية في منطقتي النقب والمثلث.

وكان سموتريتش من قيادة حركة التمرد على خطة اخلاء مستوطنات قطاع غزة، وجرى اعتقاله خلال عملية الاخلاء في آب/ 2005، بعد العثور في بيته على 700 لتر من الوقود، بهدف القيام بأعمال تخريبية.

في 3 حزيران/ يونيو 2019، دعا عضو الكنيست عن "اتحاد اليمين" آنذاك بتسلئيل سموتريتش إلى أن تُحكم دولة "إسرائيل" بحسب تعاليم التوراة بصورة كلية، كما كانت "في أيام الملك داود وسليمان"! وقد أثارت دعوته هذه ضجة سياسية كبيرة لدرجة أن حلفاءه اضطروا إلى القول إنهم لا يريدون فرض القانون الديني (هلاخاه)، لكنهم يأملون في أن يلتزم الإسرائيليون به.

طالبت زعيمة حزب ميرتس تمار زاندبرغ النائب العام الحؤول دون تعيين بتسلئيل سموتريتش وزيراً للعدل في المستقبل، مقدّرة: "أن هناك خطراً حقيقياً من أن تُستخدم وزارة العدل لتعريض الديمقراطية الإسرائيلية للخطر"، كما أكد أفيغدور ليبرمان، زعيم حزب "إسرائيل" بيتنا القومي العلماني اليميني، أن حزبه "سيمنع "إسرائيل" من أن تصبح دولة تديرها القوانين الدينية".

الحاخام أفي روتنسكي، نموذج عن حاخامات الجيش الإسرائيلي:

في إحدى المواعظ التي ألقاها على جنود لواء المظليين الذين كانوا يتقدمون لاحتلال بلدة بيت لاهيا شمال غرب قطاع غزة في 1/7/ 2009م قال: "الوحشية مطلوبة مع الأغيار لا مجال للرحمة مع هؤلاء، الرحمة هنا تساوي الموت".

وحرص رونتسكي على جلب عدد من أكثر الحاخامات تطرفاً الإلقاء المواعظ على الجنود قبيل الشروع في العدوان وأثناءه، وبعده، منهم الحاخام شموئيل الياهو (Elyahu)، الذي أفتى بجواز قتل النساء والأطفال الفلسطينيين.

وبعد إنتهاء حملة الرصاص المصبوب على قطاع غزة قال الحاخام رونتسكي في محاضرة له أمام طلاب المدارس الدينية، مبرراً سقوط العدد الكبير من المدنيين الفلسطينيين في هذه الحملة : " إن إظهار الشفقة للأعداء في الحرب خطيئة[16]. الواقع، أساس أي مجتمع حديث[17].

 

[1] ماهر الشريف – التيار القومي الديني المتطرف في"إسرائيل"– 14/10/2022

[2] فكرةُ "الخلاص" ركنٌ أساسيّ من أركان العقيدة اليهوديّة ومن الفرائض القلبيّة (مثل الصلاة)، وهي مرتبطة، أساساً، بانتظار مجيء المسيح، والإيمان بهذا المجيء، ففكرة الخلاص، مثلاً، هي الركن رقم 12، ضمن الأركان التي وضعها الراف موسى بن ميمون (رامبام): "مجيء المسيح: الإيمان بمجيء المسيح ابن داوود وهو أكبر الملوك". ارتبطت فكرة "الخلاص" بالشتات، الذي فُهم على أنّه عقابٌ على الخطايا، وأنّ الله سيخلّص اليهود من الشتات في المستقبل المجهول، وعليهم أنّ يتوبوا عن الخطايا، وأن يقوموا بكلّ الفرائض الدينيّة كي يجيء المسيح ويخلّصهم من الشتات ومن العذاب. هذا يعني أنّ الشتات لا ينتهي قبل مجيء المسيح، وهذا كان، وما زال، سبب لا-صهيونيّة التيارات الدينيّة، خصوصاً مجموعات الـ"حريديم"، التي عارضت تأسيس دولة يهوديّة لجمع الشتات اليهوديّ قبل مجيء المسيح، لكن الحاخام كوك الأب ربط التوبة والخلاص بالصهيونيّة: فقال لا يبدأ الخلاص بمجيء المسيح بل بالاستيطان مجدّداً في أرض "إسرائيل" من خلال الصهيونيّة (اياد البرغوثي – موقع متراس – 11/10/2018).

[3]  هنيدة غانم – صعود أقصى اليمين الإسرائيلي – مدار – 10/11/2022.

[4] زئيف جابوتنسكي - «أنا أو الفلسطيني»: زئيف جابوتنسكي والصهيونية التصحيحية – موقع: إضاءات – 27/8/2021

[5]  مصدر سبق ذكره – د. نبيه بشير

[6] مصدر سبق ذكره – د. نبيه بشير

[7] مصدر سبق ذكره – د. نبيه بشير

[8] مصدر سبق ذكره – د. نبيه بشير

[9] مصدر سبق ذكره – د. نبيه بشير

[10] مصدر سبق ذكره – د. نبيه بشير

[11] أليف صباغ – سقوط "الجدار الحديدي".. عن جابوتنسكي واليمين الإسرائيلي –الميادين -  14 نيسان 2022.

[12] المصدر السابق.

[13]  اياد البرغوثي – موقع متراس – 11/10/2018

[14]  اياد البرغوثي – موقع متراس – 11/10/2018

[15] أبوه هو موشه لايبلاند في ڤروتسواف، گاليسيا، پولندا.

[16]  محمد فراج عيسى – رسالة ماجستير – جامعة الخليل – تطور التيار الديني الصهيوني – نوفمبر  2015 – ص144

[17] د. ماهر الشريف – مخاطر تحول "إسرائيل" إلى دولة ثيوقراطية – الحوار المتمدن – 30/11/2022.