Menu

التحالف الصهيوني: اليميني العلماني واليميني الديني المتطرف في حكومة نتنياهو وأثره على القضية الفلسطينية (الجزء السادس عشر)

غازي الصوراني

غازي الصوراني

(قراؤنا الأعزاء بدأنا من يوم السبت 11/2/2023، نشر وعلى أجزاء متلاحقة، آخر إصدار/كتاب؛ للمفكر والباحث العربي الفلسطيني غازي الصوراني، الموسوم بعنوان: التحالف الصهيوني: اليميني العلماني واليميني الديني المتطرف في حكومة نتنياهو وأثره على القضية الفلسطينية. هذا الكتاب الهام والصادر في يناير من العام الحالي بعدد 228 صفحة، بحجم ورق من القطع المتوسط؛ نضعه بين أيدي قرائنا آملين أن تتم الاستفادة المرجوة منه في موضوعه المحدد وعلاقته المباشرة؛ بشعار/دعوة/مبادرة/ضرورة: "اعرف عدوك" وضرورة مواجهة تجسيداته العملية إلى جانب ما يسمى: راويته التاريخية..

نوجه شكرنا الكبير وتحياتنا العالية إلى الباحث والمفكر القدير غازي الصوراني، على جهده الفكري والمعرفي المتواصل، وعلى خصه بوابة الهدف بنشر كتابه على أجزاء عبر موقعها الإلكتروني).

 

الإمبريالية الصهيونية

ملحق رقم ( 9 )

الأيديولوجيا الصهيونية[1] وانعكاسها المتجسد في الحركة الصهيونية العالمية وكيانها الاستعماري العنصري "إسرائيل"، يمكن ان يتشاطرها كل الذين يعترفون بذلك الكيان، بغض النظر عن قوميتهم أو دينهم أو عرقهم، ولذلك، كما يوجد صهاينة يهود هناك صهاينة عرب ومسلمون ومسيحيون…الخ. أي أنه، فيما يخص الصراع العربي ـ الصهيوني، كل من يعترف بالكيان الصهيوني، وكل من ينكر حق الشعب العربي الفلسطيني ولاجئيه في الوجود على أرض وطنه حرا سياديا ومستقلا يكون صهيونياً.

إن الصهيونية المسيحية كما الصهيونية اليهودية، تتغذى من مفاهيم ومعتقدات اسطورية ودينية نابعة من العهدين القديم والجديد بالإضافة إلى التلمود، كما أن مقولات الشعب المختار والتفوق العرقي والاستثنائية والإرادة الإلهية وعودة المسيح والهرمجدون، تشكل الخلفية الثقافية لكلتا الظاهرتين.

لكن من الناحية السياسية فهاتان الظاهرتان تمثلان مصالح رأس المال والطبقات المسيطرة وحتى مصالح نخب الطغم المالية (الاوليغارشية) على نطاق عالمي، والتي تجد في المشروع الإمبريالي الصهيوني في فلسطين، قاعدة مادية لا بد منها، من اجل تنفيذ مشروع سيطرتها على العالم[2].

إن "أهم نفوذ للصهيونية المسيحية في السياسة الخارجية الأمريكية يكمن في الاعتراف بـ  "إسرائيل"  على أنها "دولة يهودية"، وذلك نظرا للعواقب الكارثية على القضية الفلسطينية. في هذا الاعتراف وتداعياته تكمن إحدى وجوه التماثل والاندماج بين الصهيونية المسيحية الأمريكية والصهيونية اليهودية "الإسرائيلية". كلاهما متطابقتان ثقافيا ـ دينيا، وتزمعان شرعنة استخدام القوة العسكرية والتوسع الجغرافي واحتلال الاراضي ونهب ثروات الاخرين والتدمير الثقافي والإبادة الجماعية لأمم أخرى، في خدمة دولة يهودية توراتية من الفرات إلى النيل، في إطار المشروع الإمبريالي الصهيوني[3]".

وفي هذا السياق فإن "إحدى خصائص المحافظين الجدد الأمريكيين تتمثل في ولائهم الايديولوجي والسياسي والعملياتي لـ "دولة اسرائيل".

ديك شيني نائب الرئيس الأمريكي الأسبق، صرح امام جمعية آيباك في واشنطن يوم 7 مارس 2006: "نحن ـ الولايات المتحدة الامريكية واسرائيل ـ في تحالف طبيعي (…) ونقود حربا واحدة لكي نحول دون قيام إمبراطورية شمولية تمتد من إسبانيا وتشمل شمال إفريقيا وصولا إلى الشرق الأوسط وجنوب آسيا"[4].

وفي عهد الرئيس الأمريكي أوباما، قال نائبه جوزيف بايدن "لو كنت يهوديا لربما اصبحت صهيونيا. أنا صهيوني. لا يحتاج المرء لأن يكون يهودياً لكي يغدو صهيونيا"، نلاحظ هنا التطابق على أرضية المصالح الرأسمالية الامبريالية بين الصهيونية والولايات المتحدة.

أشير إلى أنه "في 15 مايو 2008، وفي "الكينيست الاسرائيلي"، شدد بوش على أن "إسرائيل"  ستحتفل بذكر تأسيسها الـ 120 في ظل ظروف افضل وقوة أكبر. فهتف وزير الخارجية السابق، سوليفان شلومو بان بوش أكثر صهيونية من بعض وزراء "الحكومة الاسرائيلية".

لقد تكفل بوش نفسه بإيجاز حقيقة العلاقة بين أمريكا و"إسرائيل" عندما قال بالحرف الواحد: "نعلم أن عدد سكان "إسرائيل" 7 ملايين، لكن في مواجهتهم للإرهاب، فإن هذا العدد يصل إلى 307 ملايين؛ لنعلن أن الصهيونية هي كلمة الله؛ هناك وعد قديم (…) بأن تكون "إسرائيل" الشعب المختار"[5].

بناءً على كل ما تقدم، نلاحظ أن تضافر تجليات منظور العلاقات الدولية ومنظور العلوم السياسية، يجعلنا ندرك ونفكر بوجود صيرورة سياسية متحركة وتطورية؛ أي انطلاقا من وقائع ملموسة وأخرى في طور المخاض، يمكن استشفاف منحى حركة كلا الكيانين باتجاه تشكيل كيان واحد ناتج عن تلك الصيرورة: "الإمبريالية الصهيونية"، خاصة مع تزايد وتفاقم أوضاع التبعية وخضوع أنظمة الكومبرادور العربية للشروط الأمريكية-الصهيونية في مرحلة الانحطاط الراهنة.

 

 

[1] هناك تعريفات كثيرة لمصطلح الصهيونية، تماشيا مع التطور التاريخي لتلك الظاهرة الاجتماعية السياسية الملازمة للقارة الاوروبية وتناقضاتها واسقاطاتها الداخلية والخارجية. “الصهيونية الدينية” و ”الصهيونية السياسية” هما ابرز شكلين للصهيونية حتى يومنا هذا. بينما يتم التأسيس للأولى على مرتكزات اسطورية ولاهوتية، مع التركيز على البعد الروحي لدى مختلف الفئات اليهودية والمسيحية، فان الثانية تقوم على اسس اقتصادية ـ سياسية محضة، واشتقاقاتها الاستعمارية والامبريالية البحتة ومضاعفاتها العنصرية والفاشية في مختلف مسارح الصراعات الدولية ، في هذا السياق ، نشير الى أنه في اوروبا، مقابل تيار منظري ومثقفي الصهيونية اليهودية، نشا بالتوازي معه وفي نفس السياق، كوكبة من المثقفين والمنظرين (سواء كانوا يهودا ام لا) المناوئين للصهيونية ودحضوا فكرة القومية اليهودية (فهي غيبية وخارقة للطبيعة ولا تاريخية) من أمثال: اسبينوزا، داروين، ماركس، مدرسة فرانكفورت، كوستلر ( هذا الاخير كان شيوعيا وارتد الا انه اشار الى دولة الخزر اليهودية 740 ـ 969 م) ودفعوا بأفكارهم حول حل القضية اليهودية، بصفتها مشكلة تاريخية واقتصادية اجتماعية ـ سياسية (المصدر : نور الدين عواد-"الامبريالية الصهيونية : أسطورة أم حقيقة في العلاقات الدولية"-مجلة كنعان-7/12/2010) .

[3] المصدر السابق.

[4] المصدر السابق.

[5] المصدر السابق .