Menu

ذكرى عملية مطار اللد: التضامن.. بل النضال.. الأممي في أبهى صوره

وسام رفيدي

قبل أسبوع حلت ذكرى العملية الفدائية في مطار اللد. ففي 31 أيار من العام 1972 قام مقاتلو الجيش الأحمر الياباني، وبالتنسيق والتخطيط مع الجبهة الشعبية، بتنفيذ العملية التي حملت في حينها دلالات كثيرة، عسكرية وسياسية، ما زالت محفورة في الذاكرة الوطنية لشعبنا.
نجاح المقاتلون بالوصول لداخل المطار وتنفيذ العملية، نجاح يضاف لنجاحات عديدة من ذات الطراز لفدائيو المقاومة الفلسطينية على غرار نجاح دلال المغربي في عملية الشاطيء، وعملية الدبويا في الخليل، والطائرة الشراعية وعملية ترشيحا في الشمال. سلسلة من عمليات نوعية لفصائل المقاومة حملت دلالة هامة: يمكن للمقاومة أن توجع العدو، وأن خيار المقاومة مجدي ولا طريق سواه، وتلك دلالة تستمر حتى اليوم في قطاع غزة وجنين ونابلس، وقد أثبتت نجاعتها في جنوب لبنان مع مقاتلي جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، ولاحقاً مع مقاتلي حزب الله.
ومع ذلك فالدلالة السياسية بينة: مقاتلون يابانييون يساريون يختارون القتال من أجل فلسطين، فيدفع إثنان منهم حياتهم ثمناً لذلك، فيما ثالثهم يؤسر لسنوات طويلة مع تعذيب وعزل كاد يودي به. إنه التضامن الأممي في أبهى حلله بل وأكثر: إنه النضال الأممي في أبهى حلله. وتلك الدلالة كانت حقيقة واقعة في السبعينيات والثمانينيات من عمر المقاومة الفلسطينية، حين كانت قواعد الفدائيين في لبنان تعج بالمقاتلين من مختلف الجنسيات العربية والعالمية. كان العداء للإمبريالية مدخلاً لوحدة النضال، وعند اليسار الفلسطيني كانت وحدة الأيديولوجية أيضاً، إضافة لذلك العداء مدخلاً لتلك العلاقات مع اليسار العالمي.
عندما يقف اليسار اليوم مستذكراً نضاله وعلاقاته وتحالفاته الأممية على شرف عملية مطار اللد، عليه أن يدقق جيداً في مدى تجسيد فهم الأممية في علاقاته وتحالفاته ومواقفه، إذا كان فعلاً ما زال مخلصاً لهذا الركن الأساس، التضامن الأممي، في رؤيته الأيديولوجية الماركسية. فإذا كان من المفهوم أن يقيم اليسار علاقات تعاون وتحالف مع كل مَنْ يدعم النضال الفلسطيني، بغض النظر عن انحيازاته ورؤاه وعقيدته الأيديولوجية، غير أن من الصحيح أيضاً، وفق قانون (تحالف/ نقد)، أن لا يهيل اليسار التراب على قناعاته الأيديولوجية على شرف العلاقة التحالفية. هناك أنظمة تتخذ موقفاً داعماً للنضال الفسطيني، قولاً وفعلاً، وعلى اساس مصالحها بطبيعة الحال، وربما لقناعاتها. 
من الطبيعي أن ينشئ اليسار علاقات تحالفية معها، ولكن عليه أن يكون مخلصاً لأيديولوجيته التي تحمل سجايا أخلاقية معروفة: الانحياز للفئات الشعبية ومطالبها وقواها الثورية ونضالها. إنه التوازن المطلوب بين التحالف والنقد، بين التحالف والحفاظ على الاستقلالية وعدم الوقوع في التبعية تحت يافطة التحالف. ربما يكون تنظيم العلاقة وفق هذا أشبه بالسير على حبل رفيع مشدود، ولكن لا مجال إلا السير عليه.
في ذكرى عملية مطار اللد على اليسار التمسك بخيار التضامن الأممي، بل والنضال الأممي، خيار عقد ما أمكن من تحالفات تخدم النضال الفسطيني ولا تفقد اليسار استقلاليته وتوقعه في مستنقع التبعية.