Menu

(يا بتحمونا يا بتسلحونا): صيحة الشعب في وجه سلطة أوسلو

وسام رفيدي

لم يكن لدى الفلسطيني من ترمسعيا عندما قال في وجه اشتية: (يا بتحمونا يا بتسلحونا. عندتشم - أي عندكم ولكن باللهجة الفلاحية الجميلة - 70 ألف مسلح وزّعوهم على القرى)، حسابات عديدة إلا حساب حقده على ما اقترف الصهاينة بحق قريته، وذلك غداة الهجوم الصهيوني البربري للمستوطنين المُستعمِرين على قرية ترمسعيا وغيرها من القرى. 
من الناحية المنطقية الصرف فما قاله الفلسطيني منطقي تماماً، فإذا كانت سلطة أوسلو أطلقت على نفسها اسم (السلطة الوطنية الفلسطينية)، بدلاً من اسمها الرسمي حسب أوسلو (سلطة الحكم الإداري الذاتي المحدود)، فإن تجسيد (الوطنية) تلك أول ما يكون، منطقياً، هو في حماية شعبها، وإلا ما فائدة وطنية السلطة إن لم يكن لحماية شعبها؟ وما فائدة الحديث الشعبوي المكرور لرموز أوسلو عن (حماية المشروع الوطني الفلسطيني) إن لم تكن من أبجديات تلك الحماية التصدي لقطعان المُستعمِرين الفاشيين حماية لشعبنا؟ وأخيراً ما وظيفة ال 70 ألف مسلح (بعض التقارير تشير لأكثر من 85 بالمناسبة) إن لم تكن حماية شعبنا؟
قلت أن ما قاله الفلسطيني منطقي جداً ولكنه لا يأخذ بالاعتبار الحقيقة السياسية المرة: ليست وظيفة السلطة حمايتك يا أخي ولا حمايتنا كلنا، وليست وظيفتها تسليح الشعب للدفاع عن نفسه، وأخيراً وظيفة ال 70 ألف مسلح ليست حماية القرى والسكان. هل سمع أحدكم مرة عن (حماية ما)، في لحظة ما، لشعبنا في وجه الجنود والمستوطنين الصهاينة المُستعمِرين؟ ذلك هو أوسلو، ومَنْ قال لك غير ذلك فهو كاذب ومراوغ، وما يجري في الأرياف اليوم من تصدي الأهالي للمستوطنين واكتفاء السلطة بالبيانات والتنديد والتحذير خير دليل.
من حق ذاك الفلسطيني، ضحية المُستعمِرين هو وزوجته، أن يصرخ بوجه اشتية مطالباً بالحماية والتسليح، لا بل من واجب شعبنا وحقه المطالبة بذلك، ومع ذلك علينا أن ندرك أن هذا مطلباً لن تتبناه السلطة مطلقاً، لأن وجود السلطة كمشروع، هو لخدمة مشروع أوسلو وجزء منه، أي لخدمة مشروع استعماري من ألفه إلى ياءه، وبالتالي لن تحمي السلطة شعبها ولن تسلحه.
لا خيار أمام شعبنا سوى عدم الرهان على تلك النخبة المرتهنة لأوسلو والمتمسكة بخيار التسوية، والتي انبنت كبنية ووظيفة لخدمته ليس إلا، لا خيار أمام شعبنا إلا الرهان على نفسه: مقاومته وتحديه وإصراره عبر تشكيل لجان الحماية الشعبية بالأرياف للتصدي لقطعان المُستعمِرين، ولحان الحراسة الليلية، ولجان الإغاثة الشعبية لإسناد القرى المستهدفة، وشعبنا يملك كنوزاً من الخبرة الشعبية النضالية على هذا الصعيد إكتنزها من الانتفاضة الشعبية في العام 1987، وهي كنوز تطال كل مناحي النضال الشعبي ضد المُستعمِرين.