Menu

ثورتان عظيمتان وشعبان عظيمان..

من جنين الصمود والانتصار.. إلى الجزائر الانتصار والاستقلال.. في الذكرى الـ 61

سلامة عبيد الزريعي 

في 5 يوليو، من كل عام نتذكّر إرادة الجزائر القوية ونعيش في أجوائه اليوم، نشوة الانتصار والمجد لجيل جديد من المقاومين الأشاوس في "جنين"، بدأ يرتب قيمنا ويعبد طريقنا نحو الانتصار الأكبر تحقيقا للاستقلال الأعظم يا لها من مفارقة 61 عاما نعيش نشوتين استقلال الجزائر وانتصارات "جنين"، كيف؟

يتصادف انتصار "جنين" البطلة "جنين" الصمود والمقاومة على جحافل العدو الصهيوني الهمجي وما أحدثته قواته المحتلة من دمار هائل وخراب للبنية التحتية وتشريد لأبناء شعبنا البطل في مخيم "جنين"، مع إحياء الشعب الجزائري الشقيق الذكرى 61 لعيدي الاستقلال والشباب (5 يوليو 1962م ــ 2023م) تحت شعار "جزائر الانتصارات.. مكاسب وانجازات"، بتنظيم استعراض شعبي ضخم جاب الشوارع الجزائرية، مواكب فرق فنية وأشبال وشباب الكشافة الإسلامية الجزائرية لتبرز بلوحات فنية فسيفسائية مقاومة الجزائريين للاستعمار الفرنسي طيلة تواجده بالجزائر، وكذا مختلف الجوانب الثقافية والتاريخية التي تزخر بها الجزائر، بعد تاريخ حافل من النضال والتضحيات الجسام تلاحم فيها الشعب بالثورة والثوار، ارتقى خلالها أكثر من مليون ونصف المليون شهيد.

القوا بالثورة إلى الشارع يحتضنها الشعب:

قال البطل الشهيد "العربي بن مهيدي"، أسد ثورة نوفمبر1954 ـوأحد أبرز قادة ثورة الجزائرـ، مناضل ومقاوم شرس للاحتلال الفرنسي، لم يتمكن المحتلّ من حمله على تسريب أسرار الثورة، بالرغم من تعذيبه بأبشع الطرق، ليقهر المحتل بصمته: "القوا بالثورة إلى الشارع، يحتضنها الشعب". "ارموا بالثورة إلى الشارع، يحتضنها الشعب".

جنين الكبرياء والهامات العالية، جنين الإرادة والصمود، جنين الانتصار والعنوان، جنين النضال والكفاح، جنين العنوان الأساس للمد والعطاء، جنين الخصوصية والوعي الفلسطيني المشتبك، جنين الأسطورة التي طالما حاول الاحتلال تدميرها لكنها كالعنقاء تخرج من تحت الرماد وتولد من جديد، جنين عادت ونهضت من جديد وانتصرت على جلاديها، جنين عمل ملحمي يورث للأجيال، جنين الخزان الثوري والعقيدة القتالية الوطنية، جنين الدرس الذي يقتدي للانتصار، تحيه لجماهير جنين البطلة، ومقاوميه لكل طفل وأمراه نقبل أياديكم وأقدامكم، نقبل أبناؤكم وشهداؤكم جميعا نقبلكم بريفكم ومدينتكم شبابكم وشيبكم انتم الفخار والعز انتم التحدي لكم المجد.

الشعب حاضنة المقاومة:

شكل انتصار المقاومة في "جنين" حدثا أذهل القاصي والداني، مخرزا في عيون المتواطئين المتخاذلين المطبعين والمنسقين الأمنيين، فكان انتصار يضاف إلى سلسله انتصارات متراكمة على طريق الانتصار والاستقلال الحقيقيين وما على المقاومين والمجاهدين والكتائب ببعيد طالما أن خلفهم شعب يعي جيدا معنى الحرية والمقاومة والصمود والانتصار، شعب ضحى بأمواله وبيوته في سبيل المقاومة وشكل حضنا دافئا للمقاومين بأمواله وروحه وكل ما يملك سخره للمقاومين الأبطال، فالحاضنة الشعبية للمقاومة تشكل الدفيئة والظهير الحقيقي في مساندة المقاومة، منذ اندلاع ثورات وانتفاضات الشعب الفلسطيني في الماضي وصولا إلى الحاضر، وهي تحميها وترعاها، في استمرار العمل المقاوم، وبلوغ المقاومة الفلسطينية لأهدافها الوطنية.

هكذا تنبه الثوار الجزائريون في شخص "العربي بن مهيدي" حين دعا بإلقاء الثورة إلى الشارع موقنا بأن الخير والوطنية في الشعب الحضن الثوري الدافئ للثورة والمقاومة.

عقدنا العزم أن تحيا الجزائر:

على شرف أنغام النشيد الوطني الجزائري ـــ وأهازيج الجماهير الثائرة ـــ ذو اللحن الخالد والكلمات التي تمجد بطولات الشعب الجزائري الذي ضحى بالنفس والنفيس، دفع بأكثر من مليون ونصف المليون من الشهداء من أجل استرجاع سيادته وتطهير الأرض من ظلم الاستعمار نشيدا وطنيا أنار ولا زال ينير دروب الكفاح والنصر الطويل يربط بين جيل الثورة وجيل الاستقلال، نشيد يعكس الروح الثورية للشعب الجزائري الشقيق، عاقد العزم أن تحيا الجزائر.

إن التضحيات الجسام لهذا الشعب ودماء أبنائه التي سالت في كل بقعة من تراب الجزائر حين عقد العزم على تحرير أرضه ـــ النصر أو الشهادة ـــ الحرية والاستقلال ـــ من أجلها قام بثورته التحريرية وأيقن أن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، مخاطبا عدوه متوعدا إياه على لسان الشعب الجزائري بكلمات قوية يبعث من خلالها رسائل واضحة المعاني باللغة الوحيدة التي يفهمها لغة الثورة والجهاد الطريق الذي اختاره الشعب لنفسه لتحرير أرضه واستعادة كرامته وحريته .

أدرك بأن الخلود الحقيقي يكمن في الشهادة في سبيل الحرية والفوز رفعة للوطن لا مكان للخونة فيه ـــ في صفوف الثوار آنذاك تحت قيادة جبهة التحرير الوطني ـــ حتى تحقيق الاستقلال استجابة لصوت الحق والواجب، تضحيات سجلها التاريخ تتوارثها الأجيال لتبقى خالدة جيلا بعد جيل، فالشعب الذي يمتلك هذه الروح وهذا العنفوان في النشيد الوطني المكتوب بدماء ملايين الشهداء كيف يمكن أن يهزم ؟ وكيف لا يحتضن فلسطين ؟ وكيف لا يقف ضد التطبيع مع المحتل للأرض الفلسطينية الولادة ؟

دروس المقاومة:

أيها المتخاذلون والمتواطئون على الجسد والأرض الفلسطينية، درس الرجولة جزائري بامتياز الشارع يعج بالأعلام الجزائرية والفلسطينية في أزقتها ومفارق الطرقات والشبابيك، كلها روح فلسطينية جزائرية تهتف “بالروح بالدم نفديك فلسطين”، “فلسطين الشهداء”.

أيها الحالمون أصحاب التنسيق الأمني درس المقاومة والصمود تلقنه جنين الانتصارات وشعبها الطيب الوفي لمقاوميه وأبطاله الأوفياء للكفاح والنضال هم المتراس الأول والأخير، وما الصمود إلا عنوانه جنين، فقد قاتل الجزائريون بأعز ما يملكون، لا يوجد في قاموسها دولة اسمها ـــ إسرائيل ـــ عاشت الجزائر وعاش شعبها الوفي المُخلص.

قال ذات يوم السيد عبد المجيد تبون رئيس الجمهورية الجزائرية “إن ما تمتاز به الجزائر ليس كبقية الشعوب ــ الصبر ولكل دوله ما تعودت ـــ الجزائر متعودة على الصبر والتماشي مع الظروف بالتي هي أحسن حسب القدرات والإمكانيات لا طموح أكثر من اللازم وليس لدينا ثقافة الانهزام ثقافتنا هي ثقافة الفوز والانتصار".

هنيئا للشعب الجزائري، وللشعب الفلسطيني، شكرا "جنين الانتصارات" على الروح القتالية العالية، عاشت الجزائر عاشت فلسطين. عاشت الكتائب المقاومة بكافة أطيافها الوطنية والإسلامية.

ونختم بالكلمة القوية لرئيس الجمهورية "عبد المجيد تبون": "الجزائريون ولدوا أحرارا وسيبقون أحرارا في قرارهم وسلوكهم"، صفق له "بوتين" بابتسامة دافئة، قائلا: "إنه زعيم وطني يغار على بلاده". فمن يغار على فلسطين سوى المقاومة والمقاومين ومن خلفهم الشعب الأمين المؤتمن على فلسطين، عاشت الجزائر وعاشت "جنين الصمود والانتصارات". عيد استقلال حافل بالإنجازات والمكاسب لجميع الجزائريين، والعاقبة الشعب الفلسطيني حقيقة ثورتان عظيمتان وشعبان عظيمان المجد والخلود للشهداء الأبرار.