Menu

قراءة في سيكولوجية نتنياهو، إنها سيكولوجية لاعب القمار!

ناجي صفا

خاص - بوابة الهدف

 

كتب ناجي صفا*

ربما نحن بحاجة لعدد من علماء النفس لإدراك سيكولوجية نتنياهو وقراءة سلوكه .

 ينبغي لأجل ذلك دراسة سيكولوجية لاعب القمار، كيف يفكر؟ وكيف يتصرف؟ عندما يخسر كامل رصيده، ويدرك أنه أصبح أمام حالة إفلاس.

عندما يبلغ لاعب القمار حالة "الاحتراق " كما يصفها لاعبو القمار، وعندما يقترب من الإفلاس، تسقط عنده الحسابات، ولا يعود يقيم  للأمور حساباً بقياس العقل والمنطق، تتملكه رغبة التعويض ويتصرف بتطرف مفرط على قاعدة أنا الغريق وما خوفي من البلل، لا سيما إذا لم يتوفر من يوقفه عند حده.

نتنياهو المغامر، والمقامر ما زال متحكماً بكل شيء في إسرائيل حتى الآن، متحكم بالجيش والأجهزة الأمنية والاستخبارات، ومتحكماً إلى حد ما بالجمهور الذي يضغط عليه ويخاطبه بالقول أنه بحاجة لمزيد من الوقت، وإلى مزيد من الضغط،  لكي يعيد الأسرى .

ثمة مناخ بدأ يتشكل لدى أهالي الجنود الذين يعودون من غزة، إما قتلى وإما جرحى وإما معوقين جسدياً او نفسياً، وبدأ الجمهور يدرك عظم الخسائر، وبدأت المستشفيات تعلن عن أن جيلاً من المعوقين والمشوهين بسبب الإصابات في الرأس والوجه والمشلولين والمقعدين، بدأ هؤلاء ينادون بوجوب وقف إطلاق النار، ويبررون ذلك بالقول "اننا نرسل أولادنا للافراج عن الأسرى فيعود أولادنا والأسرى قتلى "  .

نتنياهو ما زال جالساً إلى طاولة القمار رغم أنه يدرك المصير الذي ينتظره، لذلك هو يندفع نحو مزيد من المغامرة، ولو استهلك رصيده كله،  والذهاب إلى مزيد من مراهنة المقامر عله يكسب ما يخرجه من المأزق

نتنياهو المرشح لأن يخسر مستقبله السياسي يدرك أن مستقبله أصبح محسوماً، رغم ذلك  فإن الكل وبخاصة المعارضة يتهرب من المسؤولية بإسقاطه لأنه لا يملك حلاً،  هم يريدون منه إكمال مغامرته لأنهم يدركون أنها مغامرة خاسرة، وأن الهزيمة حتمية ، بذلك يتحمل وحده نتائج المغامرة وتبقى المعارضة بأمان، إنها لعبة السياسة التي تمارسها النخب السياسية الإسرائيلية منذ تأسيس هذا الكيان .

على المستوى الشخصي يوفر نتنياهو الحماية لعائلته. ابنه يقيم في الولايات المتحدة، ويعلن أن موقف المعارضة مؤامرة على والده لإسقاطه من الحكم .

حلفاء نتنياهو من اليمين الديني أيضاً، سموتريتش وبن غفير، لا يعنيهم عدد القتلى الذين يسقطون في غزة  فهم لا يقاتلون انطلاقاَ من مبادئهم الدينية،  وليس لديهم أولاد في الميدان يتعرضون للموت .

يدرك نتنياهو المقامر أنه سيتعرض لخسارة استراتيجية بعد المواجهات الحادة التي يواجهها جيشه في الميدان، ويدرك انقلاب الرأي العام العالمي ضده، وتصاعد المعارضة الشعبية ضده، سواء من ذوي الأسرى أو أهالي الجنود، لذلك هو يؤجل انتهاء الحرب بالقدر الذي يستطيعه، فهو غير مستعجل على المحاسبة التي سيلقاها عندما يسقط، وتبقى عقلية الرهان متحكمة به عله يظفر بما ينقذه وينجو من الغرق.

 

*كاتب سياسي لبناني