Menu

جيش بلا أخلاق

غسان ابو نجم.

خاص - بوابة الهدف

 

 

كتب غسان أبو نجم*

 

منذ بدأ الاحتلال الصهيوني الهجوم النازي ضد شعبنا حاشداً قواته لضرب المقاومة في غزة لم يكن الهدف محصوراً في غزة فقط بل كان الهدف الأساسي ضرب المقاومة الفلسطينية في الضفة والقطاع وإعادة احتلالها من جديد بعد قتل وإبادة الجزء الأكبر من شعبنا ودفع البقية الباقية إلى الهجرة القسرية والطوعية نحو بلدان المحيط وتحديداً مصر والأردن وبعد تحقيق هذه الهجرة يتم توسيع الاستيطان في شمال الضفة والاستيطان الكلي في قطاع غزة

إن هذا المخطط الذي أعلن عنه وزير المالية الصهيوني سميتورتش الحليف القوي والرئيس لنتنياهو والذي دعا به إلى تفريغ غزة من سكانها عبر الضغط العسكري أولاً وتدمير مقاومتها ثم إعادة احتلال القطاع ودفع أهالي غزة إلى الهجرة نحو بلدان عربية وأجنبية بالتنسيق معها لتقديم إغراءات لأهالي غزة المثقلين من الحرب والحصار وهذا بتقديري كان الهدف الأساسي الذي خاض الكيان الصهيوني الحرب لأجله.

لقد عمدت الصهيونية الدينية الفاشية منذ صعودها للسلطة إلى تجيش المجتمع الصهيوني نحو تحقيق حلم إسرائيل الكبرى وليس عبر شعارات سياسية للاستهلاك بل عمدت إلى احتلال مواقع قيادية وسيادية تسهل لها تطبيق رؤيتها السياسية ونسج تحالفات سياسية مع اليمين الصهيوني مثل الليكود الذي لا يختلف معها في الهدف ولكن بطريقة تحقيقه حيث استطاع هذا التحالف أن يدفع باتجاه تحقيق أهدافه السياسية عبر شن حملة عسكرية واسعة النطاق في كافة قرى ومدن ومخيمات الضفة الغربية من شمالها لجنوبها وقام بأكبر وأكثف حملة استيطان منذ نشأة الكيان الصهيوني وقام ويقوم بحملات قتل واعتقال المقاومين في نواحي الضفة واقتحام كافة المناطق حتى المتعارف عليها في اتفاقات العار الأسلويه أنها خاضعة لسلطة دايتون التي يعترض أصلاً على وجودها ويضيق الخناق عليها في كل المجالات حتى المالية رغم الخدمات الأمنية التي تقدمها للاحتلال وتعدى ذلك إلى قمع ومحاصرة الحركة الأسيرة وعزل قادتها وتقديم وجبات طعام فاسدة كما حدث في عوفر كل هذا يحدث بالتزامن مع ما تشنه قوات الحرب الصهيونية من حرب إبادة شعواء بربرية ضد شعبنا في غزة بهدف ضرب المقاومة وتهجير أهلها والتنسيق مع قوى ودوائر إمبريالية عالمية على رأسها أميركا وبريطانيا لتسهيل الهجرة الطوعية لأهالي غزة وتعين طوني بلير كمنسق لهذه الحملة.

 

المخطط الصهيوني أكبر من غزة

من هنا نلاحظ أن المخطط الصهيوني أكبر من ضرب غزة ونزع قدرات المقاومة وما عمليات التدمير الممنهج للمباني والتجمعات السكنية والمدارس والمستشفيات والتي يعلم الاحتلال أنها لا تحتوي مقاومين إلا دليل ساطع على عمق الهدف الصهيوني في تدمير البنية المجتمعية وقتل أكبر قدر من المدنين لدفعهم إلى الهرب والهجرة من قطاع غزة وإيصالهم إلى قناعة بأن المقاومة لن تفيدهم ولن تحميهم وأن الحل الأسلم لبقائهم أحياء هو ترك غزة والهجرة منها ليتخلصوا من حالة الجوع ىالقتل والحصار

إن هذا السيناريو الغير معلن للحرب والذي عمل على تنفيذه الجيش النازي الصهيوني اصطدم بحائط صد قوي وعنيد تمثل بالأركان التالية

أولاً: القدرات والإمكانيات العالية التي امتلكتها المقاومة الفلسطينية والتي أذهلت قادة الكيان السياسيين والعسكرين والتي لم تقف عند حدود صد العدوان بل إلحاق الهزيمة بالجيش الصهيوني وإسقاط أهدافه المعلنة وغير المعلنة

ثانياً: رغم حالة القتل والدمار الشامل الذي طال المدنيين وارتفاع حالات القتل إلى ٢٥٠٠٠مدني والجرحى فاقوا ٧٥٠٠٠ ألفاً وتسوية المباني والمجمعات السكنية بالأرض وتدمير المستشفيات ومنع دخول الغذاء والدواء للقطاع ولازال أهل غزة يهتفون باسم المقاومة ومتمسكين بأرضهم وبيوتهم المهدمة ويعلنون بأعلى صوت بأننا هنا باقون.

ثالثاً: وبسبب هذا الصمود الأسطوري للمقاومة والشعب وفشل قوات الاحتلال الصهيوني من تحقيق أدنى أهدافها بتحرير الأسرى وإصرار المقاومة على شروطها بوقف العدوان والانسحاب من غزة قبل الحديث عن أي صفقة تبادل ورغم مرور أشهر ثلاث على العدوان لا تزال الكلمة الفصل للمقاومة القوية والموحدة مقابل كيان سياسي مفكك ومنقسم ويعيش حالة من الانهيار السياسي والهزيمة العسكرية دفعت بعض الدوائر الاستخباراتية العالمية والعربية إلى إعادة تقيم لمدى قدرات هذا الجيش في حماية مصالحها مستقبلاً والتشكيك في مدى الاعتماد عليه في حال اقدمت هذه الأنظمة على التساوق مع خطة التهجير للشعب الفلسطيني مما دفعها للاستنجاد باليانكي الأميركي الذي حاول الضغط على القيادة السياسية الصهونية لإنهاء أهداف الحرب المعلنة والتخلص من حلفاء نتنياهو من الصهونية الفاشية الدينية التي باتت تشكل رعباً للأنظمة العربية الحليفة لأميركا وعامل ضغط عليها من قبل الجماهير الغاضبة إن هي تساوقت مع أهدافها خاصة في ظل فقدان الثقة بقدرات الجيش الصهيوني التي أسقطتها المقاومة الفلسطينية خاصة بعد الضربة الصاروخية في الدقائق الأولى للعام الجديد.

رابعاً: إن دخول المقاومة اللبنانية على خط الاستنزاف الجزئي للحيش الصهيوني وإعلان الحوثيين عن إغلاق الممرات المائية أمام السفن المتجهة نحو الكيان حتى يرفع الحصار عن غزة أصاب الدوائر الإمبريالية بحالة تخوف من تحقق وحدة الساحات ووحدة محور المقاومة وتوسع حالة الحرب لتصبح حرباً إقليمية والتي يدفع نتنياهو بكل قوة لحدوثها لإطالة أمد الحرب والهرب من المحاكمة والسجن الذي ينتظره من جهة وإدخال أميركا في حرب إقليمية مع إيران لإطالة أمد وجوده في السلطة والسعي لتحقيق حلم شركائه في التوسع من جهة أخرى وهذا ما أدركه محور المقاومة وفوت فرصة تحقيقه مما يضع نتنياهو أمام خيارين إما الاستقالة أو السجن.

إننا أمام هجمة صهيونية فاشية وحرب إبادة وتهجير لشعبنا فاقت بهمجيتها وشراستها وعنصريتها الحرب البربرية والحرب النازية تهدف إلى تدمير بنية شعب بأكملة وانتزاعه من أرضه وإحلال شذاذ الآفاق بدلاً منه بالتنسيق مع دوائر الإمبريالية العالمية المشاركة في إراقة الدم الفلسطيني وصمت وتواطؤ بعض الأنظمة العربية التي ساهمت بصمتها وتواطؤها في شراسة وهمجية هذا الاحتلال لا بل سعى جزء من هذه الأنظمة إلى تسهيل حركة نقل البضائع والأسلحة وقطع الغيار للاحتلال بعد إغلاق مضيق باب المندب أمام الملاحة القادمة للكيان

ولكن ورغم عدم تكافؤ الإمكانيات بين جيش الاحتلال والمقاومة الفلسطينية إلا أن قوة وصلابة المقاتل الفلسطيني وإيمانه بعدالة قضيته واحتضان الشعب الفلسطيني للمقاومة أفشلت كافة المخططات التي سعى إليها هذا الاحتلال الذي كشف عن أنيابه وظهر أمام العالم بصورته الحقيقية بأنه جيش بلا أخلاق.

 

 

*كاتب من الأردن