Menu

حرب عقول ومكاسرة إرادات. ربما تنتج طوفاناً جديداً؟

ناجي صفا

خاص - بوابة الهدف

 

 

كتب: ناجي صفا*

 

فشل نتنياهو في حسم المعركة في غزة، لجأ إلى الاغتيالات لتحسين موقعه، وليظهر أنه حقق نصراً، الخرق الذي استهدف منطقة حساسة أوقع نتنياهو في ورطة، هو يعلم أن ذلك لن يمر بلا رد، أو عقاب، وأن المواجهة، ربما تتوسع، ومعها تتوسع الخيارات، فلا بد من إعادة قواعد الردع التي حاول نتنياهو هزها .

 تتحول الحرب تدريجياً إلى حرب عقول وإرادات .

لجأت إسرائيل في لحظة غرور إلى توسيع مديات المعركة، جعلت منها معركة كسر إرادات واقتناص قيادات، بأمل أن يفت ذلك من عضد المقاومة وإرادتها وامتصاص الصدمة  .

السؤال الذي ينبغي أن يطرح الآن هو من يصرخ أولاً، وهل يجري الانتقال إلى حرب شاملة على ضوء الرد الذي ستتلقاه إسرائيل، وعلى ضوء تطور المعطيات الميدانية وربما انفلات الضوابط والسقوف التي أشار إليها سماحة السيد في خطابه.

عملية نتنياهو جاءت رداً على الفشل الاستراتيجي في الميدان، وظهور استحالة تحقيق الأهداف التي أعلنها في الميدان، تدمير حماس واستعادة الأسرى واحتلال غزة وتهجيرها، لا سيما أن مسار العمليات في غزة يشي بمنحى تصاعدي وإيقاع المزيد من الخسائر بالعدو على المستويين البشري والآليات والمعدات .

لقد وضع نتنياهو نفسه في مأزقي الفشل والعجز، فشل في إنجاز المهام التي أعلنها فقرر الذهاب إلى خيار عدمي بخرق كافة قواعد الإشتباك في لبنان و سوريا والعراق وايران .

لا شك أن اغتيال القائد القسامي صالح العاروري في قلب الضاحية الجنوبية في بيروت شكل ضربة موجعة لحماس، إلا أن وجع وتداعياته تتجاوز النتائج التي رمى إليها نتنياهو ، لا سيما بعد الإعلان المزدوج من قبل حماس وحزب الله بأن الرد  سيكون موجعاً، عقابياً وبليغاً.

نتنياهو الباحث عن صورة نصر يقدمها لجمهوره لجأ إلى عملية اغتيال العاروري واستطاع الحصول عليها، لكن دون أن يتمكن من تثميرها،  فالنصر اللذي بحث عنه ليعطيه ما توقعه انطلاقاً من مكانة وموقع العاروري في قيادة حماس، ودوره الهام والمركزي في الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، والدور الوحدوي الذي كان يلعبه في العلاقة بين الفصائل الفلسطينية وبقية محور المقاومة انقلب إلى عكسه مع قرار الرد .

لم يعد من خيار أمام نتنياهو المأزوم والراغب بتوسعة رقعة الإشتباك سوى الاغتيال، أولاً للخروج من مأزقه، وثانياً مد مفاعيل هذا الاشتباك إلى ما هو خارج غزة، يحاول بذلك استعادة الدور الأميركي الذي يحاذر توسيع المعركة، ربما يجبره على العودة للانخراط في المعركة كما في البداية، لا سيما بعد ان سحبت حاملة الطائرات جيرالد فورد من البحر الأبيض إلى قاعدتها في كارولينا .  آخذاً بعين الاعتبار حاجتها للجم الحوثيين في البحر الأحمر .

لم يتبقَ أمام نتنياهو سوى محاولة توسيع مديات المعركة،  وإحراج الولايات المتحدة، وجعلها تنخرط مجدداً بالمعركة، لا سيما أن نتنياهو يضرب أخماساً بأسداس  الرد الآتي من حزب الله وينتظره، هو يحلم بفتح مدى المعركة بشكل أوسع بمشاركة أميركية  .

الولايات المتحدة مختلفة الآن في النظرة مع نتنياهو حول ثلاثة عناصر، هي تخفيض عدد الضحايا المدنيين رفعاً للإحراج على أبواب المعركة الانتخابية التي سيبدأها بعد أسابيع، والتراجع عن موقف إعادة الأسرى بالقوة بسبب الفشل الذي واجهه وعجزه عن ذلك، وإعطاء دور ل محمود عباس في إدارة غزة بعد انتهاء الحرب، لا سيما بعد سقوط مشروع التهجير إلى سيناء  .

الولايات المتحدة باتت مقتنعة بعدم قدرة نتنياهو على تحقيق نصر على حماس، وبالتالي سقوط الفكرة التي دعمتها مطلع الحرب بسحق حماس، واقترحت البدء بالمرحلة الثالثة، التي تقوم على تخفيض عدد الضحايا المدنيين لرفع الاحراج الشعبي عنها في الداخل الأميركي والساحة الدولية، واستبدال عملية القصف العنيف باختيار أهداف منتقاة بشكل انتقائي، لا سيما اغتيال قيادات حماس.

حاولت الولايات المتحدة التبرؤ من عملية اغتيال العاروري بالإعلان أنها لم تكن تعلم، خرق السيادة اللبنانية واستفزاز حزب الله أجبر الأميركي على الإعلان بجهله بالعملية .

حزب الله  مجبر على الرد ، بسبب خرق السيادة وأمن الضاحية من جهة، واختراق قواعد التشتباك التي كان كرسها سماحة السيد حسن نصرالله من جهة أخرى، هي تدرك أن سماحته سيجد نفسه مضطراً للرد بناء على هذا الخرق .

يحاول نتنياهو التعويض عن فشله بالميدان بالخروج إلى ميادين مجاورة مثل سوريا ولبنان وإيران وربما العراق و اليمن ليقول لجمهوره أنه يحارب على جبهات عدة،  واسعة، ولا يقتصر رده على غزة، عله بذلك يغطي هزيمته .

الأمور مفتوحة وقابلة للتدحرج نحو مديات واسعة، وهذا يجعل نتنياهو صاحب نظرية التوريط يتكأ إلى أمل الهروب من المساءلة والمسؤولية التي تنتظره .

*كاتب سياسي لبناني